صفحة الكاتب : زيد شحاثة

ماذا بعد إغتيال محسن زادة؟
زيد شحاثة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تفاجأ أغلبنا بخبر مقتل العالم النووي الإيراني محسن زادة, خصوصا بعد توارد أخبار كثيرة تتحدث عن هدنة غير معلنة منحتها إيران للأمريكان حتى إنتهاء الإنتخابات, شملتها وكل حلفائها من أحزاب وحركات وفصائل في المنطقة, فرغم الإعلان الإيراني عن تنفيذ إسرائلي للعملية, لكن كلنا يعلم أنهم لن تجرؤا على تنفيذ هكذا عملية وخصوصا ضد إيران, إلا بوجود ضوء أخضر أو قبول أمريكي.

خسارة ترامب للإنتخابات جعلته كالذئب الجريح, يريد ان يؤذي أكثر ما يمكنه من قطيعه قبل أن يقوموا بإلتهامه.. فصار ومنذ فترة يفكر جديا بتوجيه ضربة لإيران تسبب تعقيدا وصعوبة أمام خليفته بايدن, تمنعه من تحقيق أي من وعوده التي سوقها خلال حملته الإنتخابية, وكان أهمها العودة للإتفاق النووي مع إيران, وينفع في دفع بايدن بإتجاه موقف إسرائيل المتشدد ضد إيران, وربما ينفع الجمهوريين في الإنتخابات القادمة بعد سنوات أربع

بايدن لن يستطيع أن يسوق لعودته للإتفاق النووي مع إيران إن قامت الأخيرة بأي رد ضد إسرائيل أو أمريكا وقواعدهما وسفاراتهما في المنطقة, فهذا سيجعله بموقف ضعيف جدا داخليا, وربما يهز صورة أمريكا المتشددة القوية التي يرغب بالحفاظ عليها كقائدة للعالم كما تحاول سياستهم الخارجية وإعلامهم أن يظهراه..

إيران من جهتها محرجة جدا أمام مواطنيها وحلفائها في المنطقة, فبعد إغتيال الجنرال سليم..اني, كان الرد حينها لا يوازى ولا يقارب حتى مستوى الخسارة, لكنهم بقوا  يتوعدون بان الرد الحقيقي قادم.. ورغم أن إغتيال العالم النووي زادة, كان خرقا أمنيا خطيرا وعالي المستوى, ويمثل فشلا كبيرا للنظام الإيراني ومؤسساته الأمنية, لكن الجانب الأخطر من العملية, كان في أنه الإعتداء الثاني  بهكذا مستوى من الإستهداف دون إنتقام مقابل.. وبالتالي هم بأمس الحاجة للرد لحفظ هيبتهم أمام حلفائهم في المنطقة وأمام الإيرانين أنفسهم, لكن هذا الرد قد يكلفهم البقاء بحصار خانق لبضعة سنوات أخرى, ويخسرون فرصة قد تكون ذهبية لهم للعودة للإتفاق النووي (6+1) مع وجود بايدن في البيت الأبيض, وهم بوضع إقتصادي سيء جدا.. فهل سترد إيران وتنتظر لأربع سنوات أم ستبلعها وتتوعد كما فعلت مع الجنرال الراحل؟!

من يفهم السياسة الإيرانية يعرف أنها سترد ولن تتأخر كثيرا.. ورغم بعض التزمت والجمود والتقليدية التي يظهرها بعض قادتها من ذوي الخلفيات العسكرية, لكنها أيضا تمتلك ساسة من الطراز الأول, وسيكون ردها بنفس طريقة الضربة الأخيرة التي وجهت لها.. فكما أن أمريكا طعنتها بيد إسرائيل وبشكل غير معلن أو متبنى رسميا, فهي ستفعل بالمثل وسترد الطعنة بمكان ما وبشكل لا يظهر بالضرورة تبنيها للعملية, لكنه سيكون بطريقة يفهم منها القاصي والداني أنها من فعلها..

قد يكون الرد في منطقة الخليج حيث حلفاء أمريكا, فهذا سيؤذي العم سام ويظهر ضعفه عن حماية حلفائه.. أو  قد يكون الرد ضد إسرائيل في أحدى سفارتها أو بإستهداف شخصياتها المهمة, فهذا سيثبت فشل الإحتياطات الأمنية لهذه الدولة "السوبر" وكذلك يقوي دور ومكانة إيران أمام حلفائها الإقليمين, ويعيد لها دور الند في أي تفاوض مستقبلي حول ملفات المنطقة والإقليم .. وقد يكون الرد غير مبتنى من أي جهة أو قد يتبناه فصيل مقاوم هنا, او يظهر فصيل جديد يعلن مسؤوليته, ولن نتفاجأ إن أعلنت جهات بعيدة مذهبيا وعقائديا عن إيران, تنفيذ هكذا عمليات.. فإيران اليوم لم تعد كما كنا نعتقدها سابقا.

ترامب عودنا على تصرفاته الرعناء الحمقاء, لكنها هذه المرة قد تعود بالضرر على أمريكا وحلفائها.. وإسرائيل أثبتت ومن زمن بعيد قدرتها على تحقيق الإختراقات الأمنية وإغتيال كثير من العلماء العرب والمسلمين لكنها تتلقى ردا مؤلما لاحقا لهشاشة وضعها دائما.. فيما إيران أثبتت إمتلاكها قدرة عالية في ممارسة سياسة النفس الطويل, وهي لا تنسى ثأرها مهما طال الزمن.. لكن ما أثبته العرب سابقا وحاليا وربما مستقبلا أيضا أنهم هم من ينفردون بدفع ثمن كل ذلك..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد شحاثة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/11/30



كتابة تعليق لموضوع : ماذا بعد إغتيال محسن زادة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net