صفحة الكاتب : حسين جويد الكندي

في ذكرى النكسة
حسين جويد الكندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لم تمثل نكسة حزيران 1967 .هزيمة عسكرية للدول العربية الراعية للمشروع القومي العربي .بل مثلت كذلك فشلا  لحلم الوحدة الذي حاول القوميون تطبيقه مرات عدة بين مصر وسوريا أو سوريا والعراق .أو مصر واليمن . فكانت تلك الهزيمة إيذانا ببداية النهاية لمايسمى بالفكر العربي السياسي الحديث. الذي أرادت من خلاله تلك الدول إيجاد حالة من الوعي القومي لدى النخب في الدول العربية في سبيل النهوض بالواقع العربي ومن ثم حصول الوحدة التي عبرت عنها شعارات القوميين العرب ( أمة عربية واحدة ) .
ومن ثم جاءت حرب تشرين 1973 لتضفي على استحياء طابع الشهادة على نعش ذلك الحلم وتنهي وإلى غير رجعة المرحلة الأولى من مراحل تطور الوعي القومي ببعده التنظيري والنظري .وفي تقديري أن هذه النهاية المأساوية والحزينة لحلم الوحدة قد ألقى بظلاله على المستوى المعرفي للثقافة والفكر في البلدان العربية . فقد شهدت الفترة التي سبقت 1967 كتابات لرواد القومية العربية تمنهج لحالة الوعي الجديد بعد الحرب الكونية الثانية في بلاد العرب . والمائز الذي يمكن أن نلحظه في أدبيات تلك الفترة أنها تدعو إلى وجود الكيان القومي العربي .لا باعتباره كيانا تراثيا فحسب وإنما حتمية تاريخية تفرضها اللغة والأرض .واقحم الدين اقحاما في معادلة الوحدة هذه .
المائز الآخر الذي القى بثقله في التنظير للقومية العربية .إن تلك الدعوات لم تأخذ بنظر الاعتبار صيرورة تطور المجتمعات العربية . واسقاطاتها على الخيارات السياسية للمواطن العربي .بل جعلت من خيار القومية ضرورة تاريخية ملحة وحتمية تفرضها اللغة والنسب والدين .
كما أن تلك الدعوات لم تصدر من زخم فكري وتداول نظري ومعرفي مناسب لبلورة حالة من الوعي بضرورة الوحدة السياسية .بل نادت بشعارات الوحدة مجموعة من قادة الانقلابات العسكرية على أنظمة كلاسيكية ترث السلطة وراثة .. ولعل ذلك كان من جملة أسباب انهيار مشروع الوحدة العربية باعتبار صدوره من أنظمة استبدادية بامتياز .
ولعل ذلك أيضا كان من أسباب تبني بعض قادة الفكر العربي بعد 1967 لمشروع إحياء الفكر العربي .وتمثل ذلك بكتابات محمد عابد الجابري في سلسله كتاباته في نقد العقل العربي السياسي والأخلاقي .وعلاقة التراث والحداثة بتكوين حالة هذا الفكر وإحياء معالمه من جديد .وبالرغم من اختلافنا مع الجابري في بعض مبانيه .إلا أن محاولته تلك كانت بمثابة التجديد المفترض لواقع مازوم ومتهرى .وضع من خلال الأسباب الواقعية لفشل العرب كأمة في مواجهة تحديات الوجود خاصة بعد النكسة . 
إذن مشروع الوحدة العربية تلقى ضربة قاضية في أول جولة للصراع . طبعا من يصرع بهذه الطريقة يضع اللوم غالبا على الحلبة  بالدرجة الاساس التي تمثلها مجموعة الظروف والملابسات الدولية  .أو قوة المنافس السياسي والعسكري .التي حالت دون إحراز تقدم في مشروع الوحدة .بزخم حصول النصر في الحرب .
بينما الواقع يشير إلى مجموعة من الأسباب أدت في نهاية المطاف إلى عدم حصول حملة الرسالة الخالدة على أمة واحدة  أن لم نقل متحدة.وببساطة ذلك المشروع الحلم انهار بسبب تخلي القواعد الساندة له عن الاستمرار بتأييد .فالجماهير العربية لم تكن صاحبة التغيير .بل كانت إرادة الضباط هي الحاكمة في ذلك .بالإضافة إلى أن المشروع الوحدوي العربي تخلى بالكامل عن رديف أي نجاح في المنطقة العربية .أعني الدور الجوهري الذي يلعبه الفكر الإسلامي في أي عملية تغيير .فقد اختار دعاة القومية العلمانية شعارا لدولتهم  المفترضة ..وهذا بالتأكيد كان من أسباب نفور أو تهاون الجماهير في تحقيق ذلك الحلم .خاصة وأن النهضة العربية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قادتها نخب اسلامية بامتياز الأفغاني .الكواكبي .عبدة.رشيد رضا . الغزالي ..وغيرهم ..إن إنكار دور البعد الاجتماعي للفكر الإسلامي في تحويل قبلة الجماهير لأهداف ونتائج بعينها كان من أهم أسباب اهتمام الجماهير العربية بجدوائية ذلك التغيير .
ثم إن حصول هذا الفهم لدى النخب العربية جاء من خلال استقراء مامرت به أوروبا وصولا إلى الدولة القومية .ومحاولة محاكاتها في كل شي وصولا إلى الدولة القومية العربية .حتى في تنكرها للدين . خاصة وأن من ينادي بشعارات الوحدة كانوا من خريجي المدارس والكليات الغربية .كذلك مجيء هولاء بشعاراتهم تلك بعد انهيار منظومة الخلافة العثمانية التي اتخذت من الإسلام برقعا ..حال دون تحقيق كامل المرامي وأهداف القوميين العرب .وهذا يعني قطيعة بستمولوجية كبرى شهدتها الثقافة الإسلامية العربية الحديثة .
حيث كان التأسيس للنهضة العربية .إسلاميا بامتياز .ثم تحول بين ليلة وضحاها إلى مناداة بالقومية.العربية لا بالمشروع الصحوي الإسلامي في بلاد العرب


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين جويد الكندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/11



كتابة تعليق لموضوع : في ذكرى النكسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net