صفحة الكاتب : ايمان صاحب

جزعُ زينِ العابدين على أبيه الحسين (عليهما السلام)
ايمان صاحب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    حينما تُطلَقُ كلمةُ الجزعِ يتبادرُ إلى الذهنِ ذلك المعنى المُحرّمُ شرعًا وهوما يُقابلُ الصبر، أي الاعتراض على قضاءِ الله وقدره، أو يُرادُ به ما زادَ عن المُتعارف، في إظهارِ مظاهرِ الحزنِ والحداد، إلى درجةٍ تجعلهُ مكروهًا في نظرِ الشريعة المقدسة، ولكن قلَّما يُلتفتُ إلى المستثنى مِن هذينِ الحكمينِ، وما حظي بهِ من الاهتمامِ من قبلِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيتهِ الكرام الذين هم عدلُ الكتابِ، إلى درجةٍ ذكر لهُ من الثوابِ العظيم والأجر الكبير، ما لم يُذكَر لغيره من سائرِ المستحبات.

    وقد اختصَّ هذا الجزعُ بمصابِ الحسين (عليه السلام)، ولم يُشارِكْه فيه أحدٌ، كما صرّحت بهذا جملةٌ من الروايات، منَّها روايةُ مسمعٍ بن عبد الملك: قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) في حديثٍ طويلٍ: أما تذكرُ ما صُنِعَ بهِ...[يعني الحسين (عليه السلام)]؟ قلتُ: بلى، قال: أتجزعُ؟ قلتُ: إي والله، وأستعبرُ بذلك حتى يرى أهلي أثرَ ذلك عليَّ، فأمتنعُ من الطعامِ حتى يستبينَ ذلك في وجهي فقال: رحِمَ اللهُ دمعتَك، أما إنَّك من الذين يُعدّون من أهلِ الجزع لنا إلى أنْ قال: (وما من عينٍ بكت لنا إلا نعمتْ بالنظرِ إلى الكوثرِ، وسُقيّتْ منه مع من أحبنَّا)(١)
     فإنْ كان مسمعٌ بن عبد الملك يذكرُ الإمامَ الحسين (عليه السلام) وقد حصلَ له هذا، فلا عجبَ من جزعِ ولده زين العابدين (عليه السلام) وعدمِ نسيانِه واقعةَ كربلاء بتفاصيلها المروعة، حتى عُدَّ أحد البكائين الخمسة؛ إذ بكاه عشرين سنةٍ وما وضِعَ بين يديه طعامٌ إلا بكى، وهو القائلُ (إنّي لم أذكرْ مصرعَ بني فاطمةَ إلا وخنقتني لذلك عبرة)(٢)
      حتى أنَّ مولى له قال له ذات يومٍ: يا ابنَ رسولِ اللهِ، أما آنَ لحزنِك أنْ ينقضي؟ فقال (سلام الله عليه): ويحك إنَّ يعقوبَ النبي (عليه السلام) كانَ له اثنا عشرة ابنًا، فغيّبَ اللهُ واحدًا منه، فابيضت عيناه من كثرةِ بكائه عليه، وشابَ رأسُه من الحُزنِ واحدودبَ ظهرُه من الغمِّ وكان ابنُه حيًا في الدنيا، وأنا نظرتُ إلى أبي وأخي وعمي وسبعةِ عشر من أهل بيتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني؟)(٣) 
     هكذا كان زينُ العابدين (عليه السلام) يعيشُ أجواءَ الطفوفِ بروحه، حتى غادرتْ عالمَ الدنيا، أما الجسدُ فقد كان هو الآخرُ مُثقلًا بجراحاتِ الجامعة، وسياطِ الأسر، ليكونَ خيرَ شاهدٍ على معاناته (عليه السلام).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايمان صاحب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/27



كتابة تعليق لموضوع : جزعُ زينِ العابدين على أبيه الحسين (عليهما السلام)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net