كتب إسلاميه مسيئة للأنبياء.هكذا تكلموا عن المسيح.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  لعل أخطر ما تسلل إلى مصادر المسلمين هي الروايات المفتعلة التي يختلقها بعض علماء ألسوء ، طمعا في أموال السلاطين، والقسم الأخر منها الروايات الإسرائيلية التي وضعها اليهود بالأساس للإساءة للأديان والنيل من الأنبياء. ولعل أغرب رواية نقلها لنا البخاري ومسلم والتي تطعن في نسب وشرف السيد المسيح وأمه هي رواية تكلم أبناء الزنا وهم في المهد.

اليهود ساءهم وأرعبهم وأخافهم كثيرا تكلم الرضيع في المهد (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهدي صبيا).(1) فجاءهم الجواب الصاعق ممن كان رضيعا : (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا).(2) ولما تكلم معهم بهذه الصورة الاعجازية عرفوا حقيقة كونه نبيا، ولذلك بدؤوا بالتخطيط لإسقاطه وتشويه سمعته أو قتله. وكان أول ما اتهموه به هو أن الشياطين تخدمه وتتكلم على لسانه وأن كبير الشياطين (بعلزبول) هو الذي يُساعده في معجزاته كما نقرأ : (وأما الكتبة الذين نزلوا من أورشليم فقالوا : إن معهُ بعلزبول وإنهُ برئيس الشياطين يُخرج الشياطين).(3)

وثاني اتهام للسيد المسيح ، قالوا أنه ابن زنا كما يذكر لنا إنجيل يوحنا حيث غمزوا السيد المسيح بقولهم : (فقالوا له : إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد وهو الله).(4) في إشارة إلى اتهامهم لمريم العذراء بأنها كانت عشيقة لجندي روماني اسمه ابن بانديرا.(5) لم نجد في الإنجيل دفاعا عن السيدة مريم العذراء عليها السلام لا من الكتاب ولا من ولدها عيسى بل وجدنا أن القرآن أعاد لها الاعتبار ونزهها من فعل الزنا في عدة آيات منها قوله تعالى : (يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين).(6) ثم نزل التأكيد على عفتها وطهارتها من قبله تعالى فقال : (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها).(7)

من بين كل ذلك نسمع من المسلمين روايات يصطفّون فيها مع اليهود في اتهام مريم بالزنا من خلال الغمز في نسب عيسى في روايات كثيرة نذكر منها ما ورد في البخاري ومسلم في حديث طويل ينسبونه للنبي (ص) يروي البخاري عن رسول الله أنه قال : (لم يتكلم في المهد إلا ثلاث ، عيسى بن مريم ، وصاحب جريج، وكان جريج رجلا عابدا، فاتخذ صومعة فكان فيها..وكانت امرأة بغي يُتمثل بحسنها، فقالت ــ لبني إسرائيل ــ إن شئتم لأفتننهُ لكم، قال: فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته، فأمكنتهُ من نفسها، فوقع عليها، فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج،فأتوه وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه فقال: ما شأنكم، قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك، فقال : أين الصبي، فجاءوا به ،فأتى الصبي فطعن في بطنه، وقال يا غلام من أبوك؟ فأنطق الله الصبي ، وتكلم بكلام يسمعه الجميع ويفهمه ، فقال : أبي فلان الراعي).(8) لقد قرنوا في هذه الرواية بين عيسى بن مريم وجريج النغل. كما يتضح من مقدمة الحديث الذي يقول : (لم يتكلم في المهد إلا ثلاث ، عيسى بن مريم ، وصاحب جريج).

الراوي لهذه المصيبة هو أبو هريرة تلميذ كعب الأحبار وحليف اليهود. و ولع ابو هريرة في روايات الزنا ناشيء من تأثير ما كانت تفعلهُ قبيلته التي انتشر في اوسطاهم الزنا كما ينقل لنا ابن هشام عن الطفيل بن عمرو زعيم قبيلة دوس، أنه قدم المدينة فقال : (يا رسول الله. دوس فشا فيهم الزنا، فادع الله يا رسول الله على دوس..فقال صلوات الله عليه: اللهم اهد دوسا).(9)

والغريب أن يعتمد البخاري ومسلم في كتبهما أمثال هذه الروايات والتي قال عنها علماء السنة أيضا بأنها رواية صحيحة مع أن الرواية حصلت قبل الاسلام بقرون ولا يُعرف من الذي رواها ومن الذي نقلها للإسلام ، فلا يوجد مصدر لها سوى اليهود عن أبي هريرة. ومن أجل ان يكون للطعن تأثير على القارئ عمدوا إلى وضع الرواية على لسان رسول الله (ص). ولكن المتمعن في الرواية جيدا يرى اصابع اليهود فيها واضحة، لأنه لا أحد يتهم السيد المسيح (ع) بأنه ابن زنا سوى اليهود، والمسلمون لا أحد منهم يتهم السيدة مريم العذراء بالزنا، وأن قرآننا المجيد ينفي تهمة اليهود ويُطهّر ويُنزه الصديقة الطاهرة سيدة نساء عالمها من هذه الفرية.

ومع كل هذا لا يزال ملايين المسلمين يعتقدون بأن البخاري اصح الكتب بعد كتاب الله تعالى. ومن سخف عقولهم أنهم نسوا أنه لا كتاب في الدنيا يُقاس بكتاب الله، وأن تحدي الجن والإنس لا يزال قائما (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا).(10)

(ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون).(11)

المصادر:

1- سورة مريم آية : 29.

2- سورة مريم آية : 29.

3- إنجيل مرقس 3 : 22.

4- إنجيل يوحنا 8 : 41.

5- أول اتهام للسيد المسيح بأنه ابن زنا ورد في التلمود حيث يقول : أن المسيح هو ابن علاقة غير شرعية بين العذراء مريم وجندى رومانى يدعى بانديرا. وكذلك يطلق التلمود على السيدة مريم العذراء لقب (كيديشوت). وتعني المومس أو المومسات لكل امرأة تؤمن بالسيد المسيح.

6- سورة آل عمران آية: 42.

7- سورة التحريم آية : 12.

8- أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها (ج4،ص: 165)، رقم: (3436)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب وغيرها ج4 ./ رقم الحديث : 2550.

11- يمترون : يشكّون أو يتجادلون بالباطل سورة :مريم، آية :34

9- سيرة ابن هشام المسمى السيرة النبوية باب اسلام الطفيل بن عمرو . وهو زعيم لقبيلته دَوْس اليمنية، وكان شاعرًا لبيبًا، وسيدًا شريفًا.

10- سورة الاسراء آية : 88.

الموضوع السابق درر الحكيم لقمان

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat