صفحة الكاتب : زينة محمد الجانودي

رمضان وفرحة اللّبناني المنغّصة
زينة محمد الجانودي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بدأ القلب يرقّ لنسائم رمضان، الفريضة التي أنزلها الله تعالى في كتابه الكريم:{ يا أيُّها الّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَليْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ على الّذينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقون} [ سورة البقرة، آية ١٨٣].
فريضة لايستطيع أن يبلغ معناها إلّا من يتأمّل في حكمة الله من وراء هذه الفريضة. 
شهر رمضان يأتي مرّة في السّنة، لكنّ فضله خير من ألف سنة، والشّوق إليه يتكرّر كلّ سنة، وبه تتعايش الرّوح مع مقاصد التّقوى، وتصعد في مراتب علويّة سماويّة، فالشّعور بشهر جميل عظيم كريم، قد لا يتواجد في وقت غير رمضان، ففيه تربية ومجاهدة للنّفس على الصّبر والانضباط، ومصافحة وغسل للقلب بلملمة بقاياه المتبعثرة، وإصلاح للرّوح المُثْقلة وإعادة ترتيبها، فرمضان رياضة روحيّة توسّع الصّدر وتقوّي الإرادة، وتساعدنا على اكتشاف مواطن الخير في داخلنا. 
ولابدّ من الفرح بقدوم رمضان، وهذا من علامات الإيمان، لأنّ العبادات تبعث الرّاحة والسّكينة والطّمأنينة، ولأنّ لرمضان بهجته وحركته الخاصّة في طقوسه الاجتماعيّة، كالإفطارات العائليّة ولقاءات الأصدقاء والجيران، ولكن هناك ماينغّص فرحة اللبنانيين بهذا الشّهر الفضيل، فرمضان لبنان هذا العام سيكون مختلفا بطقوسه وعاداته عن سابق الأعوام، فأزمة وباء كورونا التي تترافق مع الضّائقة الاقتصاديّة التي تسود  لبنان، والوضع الصّعب الذي يتفشّى في معظم العائلات اللّبنانيّة، في ظلّ توقّف أشغال عدد كبير من معيليها، سيفرض قيودا على استقبال اللّبنانيين لشهر رمضان، وسيشعرون برداءة الوضع الاقتصاديّ أكثر في رمضان بسبب زيادة المصروف، فالبلد غارق بأزمة ماليّة خانقة، أدّت إلى تردّي الأوضاع المعيشيّة، بسبب ارتفاع جنوني لسعر الدولار مقابل اللّيرة اللبنانيّة، الذي أدّى إلى غلاء فاحش. وأصبح آلاف الأشخاص من اللّبانبين غير قادرين على تحمّل عبء المعيشة، وباتوا يعانون بالفعل من الفقر الشّديد ومن الجوع... 
رمضان هذه السّنة في لبنان، لن تتنوّع مائدة إفطاره، بسبب غلاء أسعار المواد الغذائيّة حتى الخضار، التي تعتبر من المكوّنات الأساسيّة للأطباق الرمضانيّة، فبدلا من أن يكون طبق( الفتّوش) كما كان دائما من الأطباق التّقليديّة البسيطة، ويمكن لأيّ عائلة تحمّل كلفته، سيصبح للأسف من الأطباق المُتْرفة لبعض العائلات اللّبنانيّة.
واللّبناني الذي يشتهر بالكرم والضّيافة، عندما يفرغ جيبه لن يعود قادرا على إقامة عزائم وموائد الإفطار، بالإضافة أيضا إلى معاناة اللبنانيّ، بعدم توافر متطلّبات الحياة الأساسيّة كالمياه والكهرباء التي ستسبّب له أيضا ضغطا زائدا عليه في رمضان.
 إنّ رمضان هو شهر الخير والجود والعطاء، وشهر التّراحم والإحسان والشّعور مع الغير، فكلّ مايقدّمه الإنسان في رمضان، يضاعف الله تعالى عليه الأجر والثّواب، فقد كان النّبي( صلّى الله عليه وسلّم) كريما في كلّ أوقاته، ولكنّه كان أشدّ كرما في رمضان من الإحساس بالمحتاجين، والسّعي لخدمتهم، وتقديم العوْن لهم، فلنأخذ النّبي مثالا لنا ونحذو حذوَه  كلّ على حسب مقدرته وخصوصا في هذه الأيّام المؤلمة والصّعبة التي نواجهها. 
وفي الختام ندعو الله تعالى أن يرفع عن بلدنا لبنان الظّلم والقهر، وأن يبلّغنا رمضان وهو راضٍ عنّا ويجعله شهرا تتبدّل فيه ذنوبنا إلى حسنات، وهمومنا إلى أفراح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينة محمد الجانودي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/04



كتابة تعليق لموضوع : رمضان وفرحة اللّبناني المنغّصة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net