المسكوت عنه في القرآن و دلالات التفسير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هو لا شك صراع فكري عنيف، له عمق واضح. لكن له أوجه متعددة متباينة تطفو على سطحه بعض مكونات لمصطلحات مستوردة، تيهت الرشد عند البعض، وهي عبارة عن أقفاص حشرها السلفيون الجدد في أذهان أهل التفسير الظاهري الذي يحرمون التأويل، وضاعوا في التجسيد والتشخيص الرباني، حتى أنهم تجرؤوا فاستبدلوا قوانين ربانية بأخرى وضعية. بينما الدلالة القرآنية ترتبط بذهن الإنسان من خلال تكوينات بيئية خاصة، ستكون الحاجة دائماً إلى مفاهيم جديدة تفسر الدلالة القرآنية عند تغير هذه المكونات، مثلاً كان البعض يرى أن الظلمات الثلاثة التي خلق منها الإنسان هي ظلمة المشيمة والرحم والبطن، ولكن العلم الحديث اكتشف أن الحيمن نفسه محاط بأغلفة ثلاث أو مثلاً كان الإنسان يتصور أن طول يوم الحساب شبه بألف سنة تعبيراً عن الهول، لكن العلم الحديث اكتشف حقيقة الألف سنة عداً وليس تشبيهاً، حيث أن بعض الأجرام اكتشف فيها طول اليوم أكثر من سنينها أو تصور الإنسان لقرون ويعلم ما في الأرحام تعني حرمة التشخيص الجنيني واليوم غيرت أجهزة السونار هذا المفهوم والخطأ الذي وقع فيه بعض المحللين والنقاد عند تسمية هذه الظاهرة بتعدد دلالات المفهوم والفارق كبير عندنا بين تعدد دلالات المفهوم وبين فهم متعدد لدلالة نصية. وعدم فهم هذا الفارق أوقعهم في مفهوم النص المفتوح على دلالات مفهومية عديدة فأباحوا القرآن لمزاجات مختلفة وقراءات مختلفة ورؤى مختلفة، فولدت تناقضات مفهومية كبيرة وفي الحقيقة ضيعوا لأنفسهم فرصة أخذ القرآن من مورده الرسالي الإمامي لنصل إلى نهج تأويلي موحد. 
ومثل هذه القراءة النقدية الخاطئة أوصلتهم إلى مفهوم آخر يرى أن نزول القرآن إلى الأرض جعله {يتأنسن} لتصبح بعد ذلك ضرورة خضوع مفهومه هو للسياق التاريخي الذي يقرأ فيه، ويعني أنهم عاملوه معاملة وضعية دون أن يضعوا الإدراك البشري في زاوية قاصرة، فكل جيل سيصل إلى مفهوم القرآن بدرجة تختلف عن الجيل الذي قبله، مادام هو الإنسان الذي اختار أبعاد المورد التأويلي، والذي كان مسنده الصحيح هو الأئمة العظام أصحاب الجذر الرسالي، والعيب أنهم جعلوا للقرآن صفة تاريخية فاعتبروا أنه يحتاج إلى تغير سياقاته حسب المعاني المستخدمة لكل جيل، والمشكلة أن أولئك النقاد قاصرون تماماً على أن يفرقوا بين مفهوم النص القرآني ومفاهيم القراءة المتعددة وإلا من غير المعقول أن يطالب عاقل بإنتاج مفاهيم دلالية للقراءة تخضع للتجييل لإنتاج كلمات جديدة بتأويلات تقنية مستحدثة بحجة أن هناك نوازل اجتماعية غيرت مفهوم القراءة. ومن الكفر معادلة السياقات المعرفية للمتلقي مع نص قرآني، لأن القرآن لا علاقة له بحمولة القارئ الثقافية والسياسية والاقتصادية، وإلا سنقع في نفس الأخطاء النقدية القديمة التي إذا أرادت إثبات صحة الاشتغال القرآني ضبطوه بما قاله الشعراء. 
و يبدو لنا أن معظم هذه الكتابات المبثوثة في معظم مواقع الانترنت غير بريئة وإنما أخذتها قصدية التحاور للاستدلال بالنهج الخلافي الوضعي لما يسمى حكم الراشدية. وعلى كل إذا أردنا البحث في دلالات المسكوت عنه أن نذهب إلى الخزين المعرفي لآل البيت والوريث الشرعي لهم من علماء المرجعية المباركة، لنكتشف المعنى الحقيقي للمسكوت عنه بدل أن نضعه بالمعنى السالب ويبدو أن للنقد والتحليلات في قولها شؤون.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/24



كتابة تعليق لموضوع : المسكوت عنه في القرآن و دلالات التفسير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net