صفحة الكاتب : افياء الحسيني

مفاهيم في الغيبة
افياء الحسيني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ما أكثر المفاهيم التي تعرضت إلى الخرق والتشويه على يد أعداء الدين والمذهب، من أجل تهميش قضية الانتظار، وتغيير معناها الحقيقي من معنى الصبر والتصابر والانتظار لمفهوم اليأس والاتكالية والعجز عن المواجهة. وذهبوا إلى أبعد من ذلك، فحملوا الاعتقاد بالغيبيات الواردة من المعنى القرآني والرسالي تفسيرات مثيولوجية. ويعني أنها مجرد عمليات خرافية موروثة، لا واقع لها ولا مرتكز إيماني يسندها، بل هي مسالك نفسية ابتكروها لتأجيل القضايا الفاعلة. وبهذا ألفوا لنا حقيقة هذا الانتظار، وزيفوا جوهر معناه والذي يعني التهيؤ والجهاد من أجل رفض الظلم وإحياء العدل. والإنتظار يعني توقع الشيء ليكون موضوع دولة الحق المؤملة إسناد لواقع، ومؤازرة لفعل الخير وحتمية (الانتصار... الفوز... النجاح) فلا جدوى لانتظار دون تقوى. وهذا يعني ارتكاز تلك الرؤى الباحثة عن فلسفة الانتظار، بواقع تنظيري دون النظر إلى المفهوم العلمي، وكأن تقوى الانتظار مجرد رغبة شعورية مزاجية لا علاقة لها بأحكام العقل والشرع الذي أوجب الإيمان في الغيبة، وحملنا مسؤولية الانتظار، فقد ورد عن الإمام موسى بن جعفر (ع) عن رسول الله:{أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج} وقال الإمام الصادق(ع):{من دين الأئمة الورع والفقه والصلاح وانتظار الفرج بالصبر} ويرى الإمام زين العابدين (ع):{انتظار الفرج من أعظم الفرج} وثمة افتراضات تفسيرية أقحم بعضها في موضوعة الانتظار، إذ قسمه إلى سلبي وإيجابي. ونظرت إلى الإيجابي على أنه باعث للالتزام والتحرك، كونه عبادة وانتظار يشل قدرة الإنسان، وهما نتيجة فهمين لماهية الظهور لمولود مهم يراها صفة انفجارية ليس إلا ويصورها من خلال تهيئة الفساد ونشره ليحين الظهور. فهذا انحراف عقائدي مدسوس، وهو تفسير خاطئ للمنظور السلبي الذي يعني التقاعس والكسل بل علينا محاربة الظلم والفساد لإيجاد القاعدة المهمة لظهور الإمام (عجل الله فرجه) وهذا ما يسمى بالانتظار الإيجابي الذي قاد النهضات والمقاومة الحقيقية ضد الحكومات الجائرة والثورات الفكرية الكبيرة في التاريخ. والانتظار الحقيقي لا بد أن يلامس الواقع لكونه حركة تغييرية فكرية لا يمكن أن تنبع إلا من الداخل الإنساني، هو السعي نحو التغيير من أجل التهيؤ الصحيح وانتظار لا يحمل سمات الفكر والتغيير هو تهاون وكسل وتكاسل، لأنه ترك السعي لمواصلة السير نحو الظهور المقدس، بينما يحتاج الانتظار إلى قاعدة جماهيرية مؤمنة قادرة على تحمل أعباء العمل الرسالي. يشير الموروث المقدس إن الإمام المنتظر سيواجه الفرق الضالة قبل المعارك الحاسمة أي مواجهة الانحراف الداخلي إن المعايير السليمة لبعث قاعدة مؤمنة قادرة على الالتزام لا بد أن تمتلك العناصر الأساسية لماهية الانتظار، كالعقائدية والنفسية والأخلاقية والتي بدونها لا يستقيم المعنى الصحيح للانتظار. وهذه القاعدة ستنفرد بإيجاد الأمور الأساسية التي يتقوم بوجودها ماهية الانتظار السليم كطاعة الله والولاية بأوليائه والاجتهاد، وتوقير المرجع والطمأنينة، ومثل هذه القاعدة الرصينة، تحتاج إلى يقينية عملية تسمى بواجبات المنتظر، كشخص تقع عليه مسؤولية إيمانية حددها لنا الشرع بالدعاء وتعجيل الفرج، كدعاء العهد ودعاء الفرج أو التصدق نيابة عن الإمام والتمهيد للظهور المبارك من خلال نشر الثقافة التوعوية لإيجاد الاستعداد النفسي والإكثار من زيارة المقدسات والمقامات والعمل على نشر الوحدة الإسلامية، ومساعدة الضعفاء، والتخلق بالصفات الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقارعة الظلم والفجور والفساد والصبر على الشدائد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


افياء الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/25



كتابة تعليق لموضوع : مفاهيم في الغيبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net