بوصلتك… حين تضيع الطريق
افياء الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
افياء الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كم من مرة شعرنا بالتيه وسط زحام الحياة؟ كأنّ الخطى باتت ثقيلة، والوجهة غائبة، والأيام تتسابق دون أن نُمسك بخيط اليقين ،في لحظات كهذه، حين تغيب خارطة الطريق، تهمس الروح بنداء خافت: “ارجع إليّ… أنا بوصلتك.”
عندما يتوه الإنسان في ظلال الحيرة، فإنّ الحل ليس بالخارج، بل في الداخل. في أعماق الروح تختبئ الإجابات، وهناك يكمن النور الذي لا يخبو. الإمام علي (عليه السلام) لخّص هذا المعنى في كلماته الخالدة: “دواءك فيك وما تبصر، وداؤك منك وما تشعر.” فكم من مرة ظننا أنّ الحل في تغيير المكان، أو الأشخاص، أو الظروف، لكننا غفلنا عن أنّ البداية دائمًا من داخلنا.
الروح مثل الأرض؛ تحتاج إلى أن تُسقى لتُزهر، وأن تُحنو عليها لتعود نابضة بالحياة. عندما تداوي جروحها، تكتشف أنك كنت تحمل البوصلة طوال الوقت، لكنّك نسيت النظر إليها، إنها عودة إلى الذات التي ضاعت بين أحمال المسؤوليات وأصوات الآخرين.
لكن، هل يكفي أن نعود إلى الروح فقط؟ لا، بل علينا أن نرتبها ونعيد تشكيلها. أن نستمع إلى همساتها وندعمها بالإيمان والعمل، يقول علي (عليه السلام): “من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.” فالعودة إلى الداخل ليست هروبًا من الحياة، بل هي الخطوة الأولى لإعادة ترتيبها ومواصلة المسير بثبات.
الحياة لا تخلو من التيه، لكنه ليس النهاية. هو إشارة إلى أنّ هناك شيئًا ناقصًا في الداخل، وأنّ العودة إلى الذات ليست ضعفًا، بل شجاعة ، فخذ لحظة لتغلق عينيك، لتمسك بيد روحك، وقل لها: “أنا هنا، وسنواصل الطريق معًا.”
لأنّ الروح، ببساطة، هي بوصلتك.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat