المجاز المرسل في القرآن الكريم
الق علي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الق علي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن السعي من اجل خلق وحدة موضوعية من خلال سلاسة الجملة اللفظية بمدلولاتها البنيوية التي استخدمت العلاقات المشابهة كقرينة دالة على المعنى الحقيقي المراد إيضاحه لهو دافع من اجل دراسة العلاقات الغير مشابهة الواردة مع قرينه مانعة من إيراد المعنى الأصلي للكلام. لذلك اوجد المجاز المرسل والذي خرج عن نطاق التقيد بعلاقة المشبه الواحد وخصوصية الجنسية، ليبتني من خلال التواشج المعنوي العديد من العلاقات التي يستطيع التواصل معها وبمختلف المعاني وليس من المقصود من العلاقة أيضا إلا إظهار الارتباط والمناسبة مما يدركه الباحث ويبتغيه لأي مقام وهذا ما خالف المجاز الاستعاري من خلال فك هذا القيد عنه وعدم تقييده بعدد معين من الملابسات، وإنما تتسع لتستوعب مدلولات متجددة في نظم اللغة. ومن علاقاتها الواضحة هي السببية والتي أختزل السبب من خلالها اسم المسبب، ليكون هناك يسر وسهولة في الكلام المطروح كما في الآية الكريمة: (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) هود /20 و المراد به استكراههم لفهم القرآن لعدم الاستطاعة عليه. ولذلك تجد أن أسم المشبه أطلق على اسم المشبه به. وهناك دليل آخر في الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) الفتح/10 والآية الكريمة: (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْد وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) الذاريات /47 و المراد باليد القرينة التي من خلالها يثبت استحالة تجسيم الله سبحانه وتعالى. لذلك تجد استخدام المجاز المرسل في كلمة اليد قد اخذ محله الصحيح من العلاقة السببية، لأن اليد هي سبب القدرة. كما نجد الشواهد الكثيرة التي أغنتنا من خلال الأحاديث المتواترة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث الشريف: (قلب المؤمن بين إصبعي الرحمن). والعلاقة السببية واضحة في هذا الحديث من خلال الأصابع التي هي محدثة للأثر والتي دلت على معرفة الخالق والرازق بالنسبة للإنسان. ومن جهة أخرى النعم التي أنعم بها عليه وهو ما مثل بأصابع الرحمن. وهناك أيضا علاقة أخرى وهي المسببية والتي تحاول إطلاق أسم المسبب والكشف عن السبب كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) النساء /10 فالنار هنا جاءت كمجاز مرسل من علاقة المسببة لأن أكل الأموال بالباطل يوصل إلى النار، فهي مسببة لما يأكله الإنسان. أما العلاقة الجزئية التي يذكر فيها جزء من الشيء ويراد بها كله، أو التعميم شريطة أن تكون أكثر اختصاصا بالمعنى المقصود من الكل، وان يكون الكل مركبا حقيقيا مجتمعا كما في قوله تعالى: (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) طه/40 وهنا العين جاءت لتحل محل النفس التي من خلالها تحصل الراحة، وهي علاقة جزئية وكما في الآية الكريمة: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/159 وهنا مثلت الأيدي بالأنفس ونجد أن هناك علاقة معاكسة للمطلب السابق وهي العلاقة الكلية والتي يطرح عن طريقها الكل ليريد به الجزء كما في الآية الكريمة: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)البقرة/ 19 وهي صورة مجازية لوضع أطراف الأصابع وليس الأصابع كلها وقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) المائدة/38 و المراد به هو بعض الأصابع من اليد اليمنى عدا الإبهام وليس اليد كلها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat