صلح الحسن ، إضطرار إمام وخذلان أمّة
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن الصلح الاضطراري الذي عقده الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية لم يكن تنازلاً عن الخلافة الإسلامية ولا تقاسماً للإمامة معه ، وإنما هو عبارة عن استحداث لمنصب ( المَلِك الظالم في الإسلام ) ..! ، وهذا الاستحداث هو أحد أهم الاستحقاقات التي جنتها الأمّة الإسلامية على نفسها وأُبتليت بها بعد تزايد انحرافها وبُعدها عن الصراط المستقيم الذي خطّه وخلّفه الرسول الأكرم بأمر السماء فيها ..
كان الصلح عبارة عن مسك آل أمّية لزمام السلطة ومقاليد الحكم الجائر ، وليس استخلافاً إسلامياً كاملاً للسلطتين الدينية والدنيوية كما كان يتمتع بها من كان قبله - بحق أو بغير حق - ..
ولهذا لم يكن معاوية خليفة رسول الله على المسلمين وإنما كان مَلِكاً عليهم ، وهذا ما يصرّح به التاريخ نفسه ، فهو أول الملوك كما في تاريخ اليعقوبي ، بل هو القائل ( رضينا بها مُلكا ) ، وكان يدخل عليه بعض المسلمين ويقول له : السلام عليك أيها الملك ، وليس يا أمير المؤمنين كما يقال لمن سبقه ..
ومن هنا نستطيع القول أنّ الإنقسام الرسمي بين رئاسة الإسلام كشريعة وبين رئاسته كدولة للمسلمين حصل في لحظة توقيع الصلح ، ومن هنا بات الرجوع الى رئيس مذهب أو إمام مسلمين .. أمراً مستساغاً بعد أن افترقت من رأس الهرم عند اجراء الصلح .
ولأن محلّ الرئاسة الدينية أصبح فارغاً بعد أن امتلأ كرسي السلطة الدنيوية بمعاوية ، بات وضع واختيار الشخص المناسب في الكرسي الديني والروحي خاضعاً لمعادلات معقّدة كانت نتائجها متباينة مما حدا بالمسلمين الى وقتنا الحاضر يقعون على فرق عقائدية وفقهية متعددة ، بعضها يكفر بعضا ، وبعضها يقتل بعضا ..
لم يكن صلحاً عابراً ، ولم يكن خذلان الأمة لإمامها ذنباً مغتفراً ، بل كان نقطة افتراق كبرى لا يقل عن ما حدث في سقيفة بني ساعده بعد وفاة رسول الله ص واله ، ويكفي أن نعرف فداحة الجريمة أن ما جرى على ابي عبد الله الحسين ع في الطف من مظلومية هو أحد فصولها ..!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat