أينما أذهب أجد الناس يتحدثون عن السياسة، وهناك من يقف ليعطيك تخطيطاً سياسياً لادارة دولة كاملة وهو جالس على قنفات المقهى. هذه الظاهرة العراقية والمعروفة عالمياً درست كثيرا في المحافل العلمية والاعلامية، فذهب البعض الى ارتفاع منسوب الوعي لدى الشارع العراقي. وأغلب المحاورات العامة تكون غير راضية عن مستوى الاداء الحكومي. وهناك من يرى المسألة نفسية أساسها تعويض هذا الشعب بأيام الممانعة الامنية والخوف التي كان يعيشها الشعب أيام الطغاة أيام كان يخشى بها العراقي أن يتفوه بكلمة في حق شرطي وليس عن وزير أو مسئول حكومي... والاهم من هذا هو شعور الناس بأن هذه العوائق الامنية والسياسية وضعف الاداء وظفت بمرتكزات مخابراتية أجنبية تخص حياتهم وكياناتهم وبيوتهم وكل ما يجري في واقع حياتهم لا يشبه لشيء الادعاءات الاعلامية. وأغلب تلك المحاور العفوية التي تطلق في الاماكن العامة لا تحمل الوعي الكافي في بحث عن كامل القضية بل تكفيه سطحيات المشكلة وما تزرع في عقليته تلك الفضائيات التي تشوّش الحقيقة لكونها دائما تضع المجتمع العراقي وكأنه المتجني على دوائر المخابراتية لدول الجيران وعصابات السلفية وكأنها تسعى دائماً لتضع اللوم على الخارج العراقي بلا واقع.
ومثل هذا التبرير الاعلامي نفسه يسعى لتبرئة الخارج العراقي وكأنه لم يكن هو السبب بكل ما حدث ومشاعر المواطن العراقي العفوية تستطيع أن تجوس الكثير من الحقائق؛ فالواقع لايمكن للاعلام مهما كان قوياً من انكاره... لابأس قد يكون للهم العام مبالغات لاعتزال السياسة كلها بنظرية المؤامرة وهذه النظرة وليدة تعدد الروافد والتدخلات الاجنبية والسعي العالمي للقضاء على الصوت الاسلامي أينما كان فلا يمكن لأحد أن ينفي دور العامل الخارجي في تشخيصات الحديث العفوي العام. وربما يظن البعض أننا وقعنا في تضاد بين الوعي واللاوعي العام، وقد تكون المسألة متذبذبة تخضع لبعض الثقافات الفردية، ولكن نرى في هذا المقال أو غيره أن على الطبقة المثقفة أن تسعى لقيادة هذا الصوت العام ليس في الجلسات الاكاديمية والادبية بل في النزول الى الشارع العام في المقهى وفي السيارة وفي كل مكان سعياً لتوحيد وزرع مقومات الوعي فيه فيكون فاعلاً لخدمة العراق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat