صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

مع بولس في رسائله - (4)
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

9)) رسالة بولس الى اتباعه في مدينة أفسس (اف)

زار بولس مدينة أفسس مرتين الاولى في رحلته الثانية والثانية في رحلته الثالثة. كتب رسالته الى أفسس وهو في السجن في روما (او اقامته الاجبارية) اي في الفترة (61-63)م.

وأبرز الإثارات التي وجدناها في هذه الرسالة التالي:

 

· تركه جميع اتباعه في أفسس!

في اف(15:1): (لذلك أنا أيضا إذ قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع، ومحبتكم نحو جميع القديسين)!

لماذا يقول بولس انه سمع بأيمانهم مع انه سبق له ان اقام في افسس حوالي 3 سنوات! الظاهر ان جميع اتباعه الذين اتّبعوه حينما كان في أفسس قد تركوه، وانه يكتب رسالته هذه الى اتباع جدد آمنوا بتبشيره ودينه من خلال سماعهم له! حيث سبق لبولس ان كتب في رسالته الثانية الى كورنثوس ورسالته الثانية الى تيموثاوس انه فقد جميع اتباعه في آسية (وأفسس عاصمة مقاطعة آسية).

أشار بولس في رسالته الثانية الى أهل كورنثوس (8:1) الى الشدّة التي ألمَّت به في آسيا، فيقول في حوالي 57م: (فانّا لانريد أيها الاخوة ان تجهلوا الشدَّة التي ألمَّت بنا في اسيا فثقُلَت علينا جداً وجاوزت طاقتنا حتى يئسنا من الحياة). وفي ورسالته الثانية الى تيموثاوس (15:1) حوالي (66-67)م: (أنت تعلم هذا أن جميع الذين في أسيا ارتدوا عني، الذين منهم فيجلس وهرموجانس).

فكيف إذن يقول بولس ان جميع الذين في آسية تركوه وهو يكتب هذه الرسالة الى بعض اتباعه فيها؟! الاحتمال الاول انه كان يتحدث مع تيموثاوس عن جماعة محددة يعرفها تيموثاوس، وكأنما كان تيموثاوس يعرف جميع اتباعه في آسيا وهؤلاء هم الذين تركوا بولس، وهم الذين يعنيهم بولس، بخلاف الجماعة الجديدة في أفسس التي آمنت بعد ذلك ولا يعرفهم بولس. والاحتمال الثاني أن رسالة بولس الى تيموثاوس لم تكتب حوالي (66-67)م بل في وقت اكثر مبكر، ربما كتبت قبل رسالته الى أفسس (61-63)م. وبذلك يجب علينا أن نعيد النظر في الترتيب الزمني لرسائل بولس، وانَّ رسالته الثانية الى تيموثاوس ليست هي آخر ما كتبه بولس في حياته[1].

 

· عبارات ناقصة بدون تتمة!

في اف(3: 1و2) {الكاثوليكية}: (لذلك انا بولس سجين المسيح في سبيلكم ايها الوثنيون ... وقد سمعتم كيف اوليت نعمة الله من أجلكم). وجاء في الهامش التعليق التالي على كلمة (الوثنيون): (لم يتم بولس هذه الجملة لازدحام المعاني في صدره. وهذا شأنه في غير ذلك من رسائله)! وهذا يكشف عن تشتت ذهني كان يعاني منه بولس وهو يكتب رسائله!

وتحاول بقية ترجمات التغطية في الترجمة على هذا الانقطاع في المعنى، فنقرأ هاتين الجملتين في ترجمة الفاندايك: (بسبب هذا أنا بولس، أسير المسيح يسوع لأجلكم أيها الأمم، إن كنتم قد سمعتم بتدبير نعمة الله المعطاة لي لأجلكم)!!

 

 

· يخلط بين الشعر وكلام الانبياء

في اف(14:5) يذكر بولس عبارة باعتبارها مقتبسة من كتب الانبياء ولكنها بالحقيقة غير موجودة، قال {فاندايك}: (لذلك يقول: «استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح»). وفي الكاثوليكية: (ولذلك قيل: "تنبّه أيها النائم وقم من بينم الاموات، يضيء لك المسيح"). ووضع بعض المسيحيين اشارات الى أنَّ هناك عبارة مماثلة لها في اشعياء (19:26) و(1:60)، ولكن هاتان العبارتان هما على التوالي: (تحيا أمواتك، تقوم الجثث. استيقظوا، ترنموا يا سكان التراب. لأن طلك طل أعشاب، والأرض تسقط الأخيلة)، و(قومي استنيري لأنه قد جاء نورك، ومجد الرب أشرق عليك). وكما ترون فان العبارتين ليس فيهما المعنى الذي ذكره بولس! ولذلك كتبوا في هامش الطبعة الكاثوليكية تعليقا على كلام بولس: (يرجّح ان هذه العبارات مأخوذة من نشيد مسيحي قديم، كما هو الامر في 1 طيم (16:3). المعمودية نور (راجع عب (4:6) ، (32:10) ، روم (4:6) ). والذي ورد في رسالة بولس الاولى الى تيموثاوس (16:3) هو ايضا نشيد مسيحي قديم آخر بحسب التعليق في هامش الطبعة الكاثوليكية. فهذا هو ترجيحهم للموضوع الغامض بعد ان عجزوا عن معرفة مصدر هذه العبارات الواردة في رسالة بولس!! فهل كان بولس يستند في تبشيره الى اناشيد مسيحية يكتبها عامة المسيحيين في عصره بدلا من الاستشهاد بنصوص الانبياء او المسيح وتلاميذه؟!!

 

 

10)) رسالة بولس الى فيلمون (ف)

فيلمون هو مسيحي من مدينة كولوسي[2]. كتب اليه بولس وهو مسجون في روما (61-62)، وفي الحقيقة فقد كان بولس تحت الاقامة الاجبارية فيها رغم انه كان يسمي نفسه "سجين المسيح"، وربما كان في اول الامر مسجوناً ثم تحول سجنه الى الاقامة الاجبارية!

هذه الرسالة قصيرة جداً، فقط (25) جملة، ولها هدف واحد محدد يخص فرار احد العبيد من سيده ثم ايمانه بتعاليم بولس، فيتوسط له بولس عند سيده ليعفو عنه. ورغم قصرها فهي تحتوي على اسماء شخصيات مجهولين هما (أبفية) جاء في هامش الطبعة الكاثوليكية: (قد تكون زوجة فيلمون)، و(أَرخِبُّس)، جاء في هامش الكاثوليكية: (قد يكون ابن فيلمون ويستدل من قوله "صاحبنا في الكفاح"على ان ارخبس كان يقوم بخدمة الانجيل). ولا يوجد سبب واضح انهم احتملوا ان يكون الاسمان لزوجة فيلمون وابنه، فقد يكونان لأخته واخيه، او اثنان من معارفه من المؤمنين بتعاليم بولس في مدينته!

 

 

11)) رسالة بولس الاولى الى تيموثاوس (1تم)

تيموثاوس اسم علم يوناني مركّب معناه (خائف الله) او (متقي الله)، كان ابوه وثنياً وامه وجدته لأمه يهوديتان، وقد اعتنقتا المسيحية وتعلمها تيموثاوس منهما، ثم تعرّف الى بولس واصبح معاوناً له[3]. كُتِبَت هذه الرسالة حوالي (63-65)م.

وهناك خلاف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعلاً من كتب هذه الرسالة[4].

 

وابرز الاثارات في رسالته:

· في 1تم(4:1): (ولا يصغوا إلى خرافات وأنساب لا حد لها، تسبب مباحثات دون بنيان الله الذي في الإيمان).

وهذه العبارة تهاجم الانساب التي يمتليء الكتاب المقدس بها! فقد كان بولس يتكلم قبل كتابة غنجيلي متى ولوقا المتضمنين لأنساب هاجم مثلها بولس في عبارته هذه!

ولمناسبة الكلام عن الانساب ندرج فيما يلي بحثاً كنا قد كتبناه قبل أكثر من عشرين سنة حول نسب المسيح، نذكره هنا إتماماً للفائدة.

نسب يسوع المسيح: قضى الله عز وجل في التوراة أن يتولى سبط لاوي من بين أسباط بني إسرائيل خدمة خيمة الاجتماع (مسكن الشهادة) ومن ثم هيكل سليمان، وان يكون الكهنة من ذرية هارون بالتحديد[5].

وحدث في زمن موسى أن انتشر الفساد بين بني إسرائيل وشاع زنى بني إسرائيل مع بنات قبيلة موآب فسجدوا لآلهتهن وعبدوا إلههم بعل فغور، فنهاهم الرب عن ذلك فلم ينتهوا حتى انتفض فينحاس بن العازار بن هارون الكاهن وقتل زمري ابن سالور وهو من زعماء سبط شمعون عندما كان يزني مع كزبى بنت صور وأبوها من زعماء مديان وقد قتلها فينحاس أيضا[6]. فرضي الرب عن فينحاس وكافأه فقال لموسى: (ها انذا أعطيه ميثاقي ميثاق السلام فيكون له ولنسله من بعده ميثاق كهنوت ابدي لأجل انه غار لله وكفر عن بني إسرائيل)[7].

وهكذا انحصر منصب الكاهن في ذرية فينحاس بن العازار بن هارون.

ويتفق المسيحيون مع المسلمين في ان يسوع المسيح ولد من غير أبٍ ولادة معجزة حيث حملت به أمه الطاهرة مريم العذراء بمشيئة الله القادر على كل شيء، وتعارف على تسميته (ابن مريم) في الديانتين المذكورتين[8].

وقد ورد في الأناجيل أن اليزابيث (اليصابات) زوجة زكريا هي من أقارب مريم العذراء (عليها السلام)[9]، وبما أن اليزابيث هي من ذرية هارون الكاهن[10]، فتكون مريم العذراء (عليها السلام) هي من ذرية هارون أيضا، أي أن يسوع المسيح يعود في نسبه الى هارون أول كهنة بني إسرائيل.

وبذلك نفهم أن ليسوع المسيح إضافة لوظيفته النبوية وظيفة كهنوتية أيضا باعتباره آخر كهنة الهيكل من ذرية فينحاس بن العازار بن هارون الكاهن وهو ما سنتطرق أليه لاحقا بمشيئة الله جل وعلا.

ونسب مريم العذراء الى هارون أخي موسى (عليهم السلام) يكشف لنا عن تفسير إحدى آيات القرآن المجيد وهي ما جاء بالقرآن المجيد (سورة مريم عليها السلام، الآية 28) في الخطاب لمريم العذراء (عليها السلام): (يَا أُخْتَ هَارُونَ)، وهذا ما يؤكد إنها من نسل هارون لان القرآن قد نزل بلغة العرب، والعرب كانت إذا خاطبت شخصا عربيا تقول له : (يا أخا العرب) وللهاشمي : (يا أخا هاشم)، ومثل هذه الشواهد في القرآن المجيد ما جاء في سورة الشعراء (الآيتان 105و106) قال تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) وفي نفس السورة الآيتان (123 و124) : (كَذّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتّقُونَ)، فيكون المقصود من خطاب مريم العذراء (يَا أُخْتَ هَارُونَ) إنها من ذرية هارون أخي موسى كما أسلفنا، وقد ذهب الى هذا التفسير أيضا الشيخ موسى السوداني في كتابه (البرهان لعلوم القرآن) ج1 ص302 .

 

نسب مريم العذراء برأي اتباع بولس: يذهب بعض اتباع بولس الى جعل مريم العذراء (عليها السلام) من نسل داود النبي (عليه السلام)، واستدلوا بأدلة لا تدل على مرادهم حيث جاء في حواشي الطبعة اليسوعية: (لما كان يوسف خطيبا لمريم العذراء وقد ثبت انه من بيت داود كان ذلك تأكيدا لكون مريم أيضا من البيت عينه بدليل ما ورد في سفر العدد من قوله : (كل بنت ترث ميراثا من أسباط بني إسرائيل فلتكن زوجة لواحد من عشيرة سبط آبائها) (36 : 8)، وما ذكر في إنجيل لوقا حيث قال : صعد يوسف من الجليل من مدينة الناصرة الى اليهودية الى مدينة داود التي تدعى بيت لحم لانه كان من بيت داود ومن عشيرته ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة (2 : 4 و5) فتبين من هنا أن مريم كانت من بيت داود لأنها صعدت مع يوسف إلى مدينة بيت لحم بنفس السبب الذي صعد يوسف لأجله وهو كون كل منهما من بيت داود)[11].

وهذا الاستدلال متهافت جدا بل ومريب من حيث أمانته العلمية، ولا يمكن لأي إنسان يبحث عن الحق المفقود في عالم الكذب والخداع أن يتقبله، واليك الأسباب :

1. إن ما ذكره نقلا عن سفر العدد (36 : 8 ) تكملته في الجملة (8 و9) : (لكي يرث بنو إسرائيل كل واحد نصيب آبائه، 9، فلا يتحول نصيب من سبط الى سبط آخر بل يلازم أسباط بني إسرائيل كل واحد نصيبه).

فهذا النص في التوراة خاص بمسألة الإرث والزم هذا النص كل بنت ترث ميراثا أن تتزوج من نفس عشيرتها، فهو إذن لا يخص المرأة التي لا تملك ميراثا إذ أنها حرة بالزواج من عشائر بني إسرائيل.

ولذلك وجدنا أن ميكال بنت شاول من سبط بنيامين[12] قد تزوجت من داود[13] وهو من سبط يهوذا[14]، وبنات القاضي يفتاح الثلاثون قد تزوجن جميعهن من رجال من غير عشيرتهن[15]، وابنة شيشان بن يشعي تزوجت من عبد مصري كان عبدا عند أبيها[16].

2. إن صاحب الاستدلال المذكور لم يلتزم بالأمانة العلمية لانه: أولاً: نقل نصا مبتوراً من التوراة وهو ما جاء في سفر العدد (36 : 8) وقد بينا تتمته آنفا، فقد تعمد البتر للتمويه بان الحكم عام لجميع بنات إسرائيل فيما هو حكم خاص بذوات الإرث منهن. وثانيا : أن صاحب الاستدلال نفسه قد ذكر عند تعليقه على ما جاء في سفر القضاة (17 : 7) : (وكان غلام من بيت لحم يهوذا ن عشيرة يهوذا وهو لاوي متغرب هناك) قال : (هذا الفتى كانت أمه من سبط يهوذا وأبوه من سبط لاوي)[17]، مما يعني انه كان يعلم جواز أن تتزوج امرأة من سبط يهوذا رجلا من سبط لاوي، فكيف ينكر ذلك عند حديثه عن نسب مريم العذراء ويموه انه غير جائز للبنت أن تتزوج من غير عشيرتها؟! ... الجواب هو عدم التزامه بالأمانة العلمية ……. مع الأسف .

3.بعد موت سليمان انقسمت مملكته الى قسمين هما مملكة يهوذا بزعامة رصبعام بن سليمان وتضم سبطي يهوذا بنيامين وكهنة الهيكل وهم سبط لاوي، ومملكة إسرائيل وتضم بقية الأسباط بزعامة يربعام الافرايمي[18]، فعاشت هذه الأسباط الثلاثة سوية وكونت شعبا واحدا، وصاحب الاستدلال الذي نفنده قال أيضا في تعليقه على ما جاء في سفر الملوك الثاني (17 : 18) ما نصه: (يراد بيهوذا في هذا الموضع سبطا لاوي وبنيامين أيضا لانهما اتحدا بسبط يهوذا حين أقاما بمملكة يهوذا حتى صارت الثلاثة الأسباط شعبا واحداً)[19]، وبعد سبي نبو خذ نصر الكلداني لمملكة يهوذا إلى مدينة بابل عام 586 ق.م ازداد اندماج هذه الأسباط الثلاثة التي كونت الشعب اليهودي لا سيما بعد عودتهم إلى مدنهم في عهد كورش.

فأصبح واضحاً لنا أن ذهاب مريم العذراء مع يوسف النجار إلى مدينة واحدة لتسجيل أنفسهم في الإحصاء لا يقتضي كونهم من سبط واحد حيث بينا إن المدن اليهودية أصبحت تحوي خليطاً من الأسباط.

وهكذا يتضح تهافت المزاعم القائلة بأن نسب مريم العذراء ينتهي لسبط يهوذا والصحيح هو ما ذكرناه من إن نسبها يعود إلى هارون الكاهن أخي موسى النبي.

 

نسب يسوع المسيح عند العامة من اليهود: بعد ولادة يسوع المسيح ولادته المعجزة من غير أب، بدأ يوسف النجار يشرف على تربيته وتنشأته ورعايته حتى بلغ مرحلة الشباب لأن أمر الولادة المعجزة يسوع المسيح ظل خافيا على معظم اليهود ولا سيما بعد محاولة الحاكم الروماني هيرودس قتل يسوع بعد ولادته مباشرة، لذلك نشأ وترعرع واليهود يظنونه ابن يوسف النجار من سبط يهوذا لان يوسف النجار كان من سبط يهوذا.

وعندما بدأت الوظيفة النبوية ليسوع المسيح، اخذ الكثير من عامة اليهود يدعونه بلقب (ابن داود)، وقد ورد ذلك في الأناجيل الأربعة بكثرة. ولا نستبعد أن بعض هذه المواضع مكذوبة لان هناك من كان يرى مصلحة في إطلاق لقب (ابن داود)على يسوع المسيح لا سيما بولس واتباعه كما سنبين لاحقا.

 

موقف الكتبة من نسب يسوع المسيح: الكتبة هم علماء الكتاب المقدس ويقال لهم معلمو الشريعة[20]، وكانوا يفسرون التوراة للشعب[21]، كانوا يعتمدون في تعليمهم على أقوال السلف فيكثرون من ذكر آراء المعلمين الأقدمين، وقد اخذ عليهم يسوع المسيح تشددهم وقساوتهم وتمسكهم بالألفاظ دون المعنى[22].

وعندما ظهر يسوع المسيح وأعلن لليهود وظيفته النبوية والكهنوتية وأخذ يعلم في الهيكل ويقوم بواجبات الكاهن من شفاء الأمراض[23]، ثم قام بطرد الباعة من الهيكل وقلب مناضد الصيارفة ومقاعد باعة الحمام ومنع كل من يحمل بضاعة أن يمر من داخل الهيكل[24]، وفي المقابل رفض الكتبة الخضوع ليسوع المسيح واتهموه بالكذب والخداع وانه يخرج الشياطين من البشر بواسطة سيد الشياطين بعلزبول[25]، ولانه أعلن نفسه كاهناً سماوياً أي باختيار مباشر من الله عز وجل كما اختار من قبل هارون أخي موسى فقد اخذ الكتبة والكهنة يشيعون عن يسوع انه لا يمكن أن يكون كاهناً لانه من ذرية داود (كما هو الشائع عند عامة اليهود وكما أسلفنا قبل قليل) والكهنة هم من ذرية هارون سبط لاوي كما قال الله عز وجل، وهكذا قاوم الكتبة والكهنة كهنوت يسوع المسيح.

وقبل ظهور المسيح كان الكتبة يعتقدون أن المسيح المنتظر سوف يظهر من ذرية داود لانهم كانوا يفسروا نبوءة اشعياء (11 : 1) على إن المسيح من ذ رية يسى أبى داود أي من ذرية داود وأشاعوا بين الناس هذا الأمر[26]، وكانوا يتوقعون أن يكون المسيح منقذاً دنيوياً سياسياً[27]، في حين إن يسوع المسيح كان يأمرهم بدفع الجزية لقيصر ويقول: (أدّوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله)[28]، فانكر الكتبة والكهنة يسوع المسيح ورفضوا أن يذعنوا له لانه يدعوهم للتوبة وعمل البر، وليس إلى الثورة ضد قيصر واعادة مجد مملكة داود المنقرضة.

وهكذا أعلن يسوع نفسه مسيحا وكاهناً، فرفضه اليهود من حيث انه المسيح الموعود لانه لا يدعوهم لحرب قيصر واعادة مملكة داود، ورفضوا كونه كاهنا لانه بحسب توهمهم ليس من ذرية هارون حيث اشتهر بينهم ابن يوسف النجار من ذرية داود.

 

إعلان يسوع المسيح حقيقة نسبه: اخذ يسوع المسيح يعلن للناس عن حقيقة نسبه وانه ينتمي إلى سبط لاوي وان الله عز وجل قد بعثه نبياً وكاهناً وآتاه المعجزات التي رآها الناس، ففي إنجيل متى (22 : 41 - 46) ما نصه: (وبينما الفريسيون مجتمعون سألهم يسوع : ما رأيكم في المسيح ؟ ابن من هو ؟ قالوا له: ابن داود، قال لهم : فكيف يدعوه داود رباً بوحي من الروح إذ يقول : (قال الرب لربي : اجلس عن يميني حتى اجعل أعدائك تحت قدميك، فأذا كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه ؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة ولا جروء أحد منذ ذلك اليوم ان يسأله عن شيء).

 

موقف بولس واتباعه من نسب يسوع المسيح: رفض الكتبة كهنوت يسوع لما شاع عنه من انه يوسف النجار من ذرية داود لان الكهنة من ذرية لاوي، ورفضوا نبوة يسوع لأنهم كانوا ينتظرون نبياً مخلصاً دنيوياً وسياسياً يعيد لهم مملكة داود المنقرضة[29]، ولأن يسوع لم يعمل أو يدعُ لاعادة مملكة داود.

وفي المقابل وجدنا بولس واتباعه بعد أن تبنوا عقيدتهم في ألوهية يسوع اخذوا يردون على الكتبة واليهود ليثبتوا كهنوت يسوع المسيح ولكن بصيغة أخرى!! حيث جعلوا من يسوع قربانا كهنوتيا حيث قدم يسوع الكاهن نفسه قربانا ليفتدي المؤمنين به من الخطيئة!!

وتعتبر (الرسالة إلى العبرانيين) التي كتبها بولس أو أحد تلامذته خير مصدر لفكرة كهنوت المسيح وفق العقيدة البولسية وابرز ما جاء فيها هو فكرته في انتقال الكهنوت من سبط لاوي إلى سبط يهوذا بحسب مزاعمه، فقال :(فلو كان بالكهنوت اللاوي كمال وقد اخذ الشعب الناموس تحته إذن أية ُحاجة كانت بعدُ أن يقوم كاهن آخر على رتبة ملكي صادق[30] ولم يقل على رتبة هارون، لان عند تحول الكهنوت لابد من تحول الناموس،والحال أن الذي يقال هذا فيه إنما نسبه في سبط آخر لم يلازم أحد منه المذبح لانه من الواضح أن ربّنا! - يقصد يسوع - خرج من يهوذا من السبط الذي لم يصفه موسى بشيء من الكهنوت، ومما يزيد الأمر وضوحا انه يقوم على مشابهة ملكي صادق كاهن آخر لا يُنصب حسب ناموس وصيةٍ جسدية بل حسب قوة حياة لا تزول، لانه يشهد أن أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق)[31].

وهذا كله تمويه للواقع لان ملكي صادق المذكور في سفر المزامير (110 : 4) قد انتهت به مرحلة تاريخية وبدأت أخرى بظهور النبي إبراهيم لأن اللقاء بين ملكي صادق والنبي إبراهيم يرمز لبدء تلك المرحلة الجديدة (يذكر سفر التكوين (14 : 18) إنَّ ملكي صادق الذي كان كاهناً لله العلي قد إلتقى النبي إبراهيم) وكذلك فأن يسوع المسيح وهو على رتبة ملكي صادق فأن ذلك يعني أن يسوع قد انتهت به مرحلة تاريخية أخرى وبدأت مرحلة جديدة تمثلت بظهور النبي محمد (صلى الله عليه وآله).

ومن التمويهات في ادعاءات اتباع بولس ما جاء في الرسالة إلى العبرانيين : (7 :9 و11) ونصه: (حتى انه يسوغ أن يقال أن لاوي نفسه الذي يأخذ العشور قد أدى العشور في إبراهيم لانه حين خرج ملكي صادق لملتقى إبراهيم كان هو في صلبه)!!

وكذلك كان يهوذا في صلبه أيضا!! وهل يعنون أن يسوع المسيح كان في صلب يهوذا عندما زنى مع كنته ثامار زوجة ابنه عِيْرَ فأنجبت له ابنه فارص[32] وهو من الأجداد المزعومين ليسوع المسيح؟!

أن المسلمين لا يرتضون ليسوع المسيح ولا لغيره من الأنبياء عليهم السلام هذا النسب الملطخ بالفحش والزنى، فهل يرتضي المسيحيون لـ"ربهم" هذا النسب[33]؟

على كل حال فقد حاول بولس واتباعه حشو أفكار الناس بفكرة أن يسوع هو من ذرية داود ومن ثمّ قاموا بحشو الأناجيل التي كتبوها والرسائل بتلك الفكرة، ولأن هناك من (أكابر الرسل) من كان يعرف حقيقة يسوع المسيح ونسبه اللاوي فقد بدأت معارضة أفكار بولس واتباعه بنشر النسب الحقيقي ليسوع بين الناس من قبلهم فأثاروا بذلك بما لديهم من حجج وبراهين بلبلة كبيرة في صفوف المؤمنين واتباع بولص خاصة وعليه فقد عمد بولس إلى التحذير من الخوض في مسألة الأنساب فقال في رسالته الاولى إلى تيموثاوس (4:1) : (وتوصي بعض الناس إلا يعلموا تعليما مخالفا ولا ينصرفوا إلى خرافات وانساب ليس لها نهاية تثير المجادلات اكثر مما تعمل للتدبير الإلهي المبني على الإيمان).

وهذه التعليمات التي أصدرها بولس لتيموثاوس تدل على آلاتي :

  1. وجود تيار فكري مخالف لبولس واتباعه.

2. إنَّ تسخيف بولس للأنساب ونبزها بلفظ (الخرافات) يعتبر طعنا في قدسية الكتاب المقدس عامة والعهد القديم خاصة لانه يحوي على تفاصيل كثيرة لأنساب البشر من آدم إلى يسوع المسيح.

3. أن تسخيف بولس للأنساب ودعوته إلى عدم الالتفات لها لم يمنعه من إعطاء الضوء الأخضر لتلميذه الحبيب[34] لوقا ليكتب نسباً مزعوماً ليسوع المسيح في الإنجيل الذي كتبه حيث جعله فيه من ذرية داود، مما يعني أن بولس كان يحارب الأنساب المخالفة لأفكاره والتي تجعل من يسوع المسيح من ذرية هارون ومن سبط لاوي أما الأنساب التي تجعل المسيح من ذرية داود فلا بأس بها من وجهة نظر بولس.

 

تهافت النسب المزعوم: ورد في إنجيلي متي ولوقا نسبين مختلفين[35] ليسوع المسيح ينتهيان به إلى داود، وحيث أن النسبين المذكورين مختلفين ولا يوجد مرجح لصحة أحدهما دون الآخر لذا فأن النسبين يسقطان معا عن الاعتبار لتعارضهما وعدم ترجيح أحدهما على الآخر.

وقد حاول ـ دون جدوى ـ بعض اتباع بولس الدفاع عن الاختلاف بين النسبين بقولهم: (واما الفرق الذي بين نسب المسيح في إنجيل متى ونسبه في إنجيل لوقا فأنما سببه أن يعقوب الذي ولد يوسف خطيب مريم العذراء كان بعدما توفي عالي أخوه قد تزوج امرأته عملا بما أمر الله به في الناموس (الشريعة) حيث يقول : إذا قام أخوان معا ثم مات أحدهما وليس له عقب فلا تصير زوجة الميت إلى خارج لرجل أجنبي بل أخوه يدخل عليها ويتخذها زوجة له ويقيم عقبا لأخيه (تثنية 25 : 5)، وعليه فقد كان ليوسف نسبان أحدهما طبيعي والآخر شرعي لانه كان ابن عالي بحسب الناموس وابن يعقوب بحسب الطبيعة فذكر متى نسبه الطبيعي ولوقا نسبه الشرعي)[36].

انظر أيها القارئ، بهذا التفسير الساذج يريدون أن يخدعوك ويبررون لك الاختلاف في النسبين المزعومين ليسوع في إنجيل متى وانجيل لوقا وليتهم اتخذوا تبريرا مقنعا وتفسيرا مقبولا احتراما لعقلك ووقتك الذي قد تهدره في قراءة ما يكبوه من أكاذيب في كتبهم المقدسة! فببساطة نقول : أن المذكور:

في إنجيل متى: يوسف بن يعقوب بن متان بن العازر بن اليهود … الخ

وفي إنجيل لوقا: يوسف بن عالي بن متات بن لاوي بن ملكي … الخ

فيعقوب بن متان ليس أخا العالي بن متات لان أسماء أجدادهما مختلفة فكيف يكونان أخوين يا اتباع بولس ؟!

ولعلّ مكابر يقول بأنهما أخوين من جهة ألام! فنقول انه على افتراض هذا الادعاء (الذي ليس له اصل)، فأن عدد الأباء بين يعقوب وداود بحسب إنجيل متى هو (24) أب وعدد الأباء بين عالي وداود بحسب إنجيل لوقا هو (39) أب، وحيث انهم زعموا أن عالي ويعقوب أخوين وافترضا انهما أخوين من جهة ألام فعلى ذلك يكونان في زمن واحد وعصر واحد فيجب أن يكون عدد آبائهما متقارب، وهذه مسألة طبيعية يعرفها كل خبير في التاريخ والأنساب، في حين أن نسب عالي يزيد بـ (15) أب عن نسب يعقوب مما يعني إن هناك خللا في أحد النسبين على هذا النحو، فيسقطان عن الاعتبار حيث لا مرجح لاحدهما على الآخر.

ومن الدلائل على إن الذين كتبوا الأناجيل أقحموا لفظة (ابن داود) كلقب ليسوع المسيح ما جاء في إنجيل مرقس (6 : 3) : (أما هو النجار بن مريم) مما يعني بان يسوع المسيح كان ينسب لامه صراحة ًفي ذلك الزمن وكما خاطبه القرآن المجيد بعد ذلك بقرون، في حين إن كاتب إنجيل متى (13 :55) بدل العبارة لتصبح هكذا : (أما هو ابن النجار، أليست أمه تدعى مريم) والتي تعني أن يسوع هو ابن يوسف النجار وهو من ذرية داود، ونحن نقول أن كاتب إنجيل متى غيّر عبارة إنجيل مرقس متعمداً لأن اتباع بولس (علماء المسيحية) يقولون بان كاتب إنجيل متى قد اطلع على إنجيل مرقس ونقل عنه كما في صفحة (25) من طبعة العهد الجديد (الطبعة الكاثوليكية)[37] عند مناقشة ما يسمى بالمسألة الازائية .

وهكذا شوهوا التاريخ ونسبوا اليسوع المسيح نسبا قسريا بعيدا عن الحقيقة، فاقتلعوه من جذوره اللاويّة وصنعوا له جذوراً يهوذية، وما يخدعون آلا أنفسهم وما يشعرون.

 

 

· مشكلة التقليد المسيحي

في 1تم(6: 20و21) {فاندايك}: (يا تيموثاوس، احفظ الوديعة، معرضا عن الكلام الباطل الدنس، ومخالفات العلم الكاذب الاسم، الذي إذ تظاهر به قوم زاغوا من جهة الإيمان).

والملاحظات على هذا النص في قسمين:

الاول: يخص الكلام عن الوديعة ومعناه وارتباطه بالتقليد المسيحي.

في الطبعة اليسوعية للكتاب المقدس، قسم الحواشي، نقرأ في تعليقهم على الفصل السادس هذا النص: (الوديعة ههنا انما هي كنز التعاليم المسيحية ومعنى الكتب الالهية والعقائد الدينية وهذا كله اراد بولس ان يُنشَر بطريقة التقليد كما صرّح بذلك القديس يوحنا الذهبي الفم وثاوفيلكتس في شرح قول الرسول هذا. وقد اشار الى ذلك ايريناوس فقال ان الرسل قد جعلوا الكنيسة خزانة الحق الوافرة وكل ما هو مختص به فوضوه اليها بجملته. وقال في موضع آخر ينبغي لكل من هو في الكنيسة ان يسمع من الكهنة خلفاء الرسل فانهم قد مُنحوا بحسب رضى الآب مع خلافة الاسقفية مسحة الحق الثابتة. فمن الواضح اذن ان بولس يريد بالوديعة التقاليد غير المدوّنة والا لأمرَ تيموثاوس بحقظ الكتب الالهية في الصناديق لا بحفظ كلامه في قلبه بالروح القدس ولما قال له وما سمعته ... مني استودعه اناساً امناء اهلاً لأن يُعلِّمُوا الآخرين بل كان يقول له أوعز الى الكتبة بتكثير نُسخ الكلام الذي كتبتهُ. فتأمل)[38].

وسبق لنا في تعليقنا على ما ورد في رسالة بولس الثانية الى اهل تسالونيكي (15:2) التطرق الى موضوع التقليد المسيحي واختلافه بين الطوائف المسيحية، فراجعه في ذلك الموضع.

 

ومن المفيد ان نذكر هنا أهم مميزات الايمان البروتستانتي وما يختلفون به عن سائر المسيحيين:

* الإيمان بأن الكتاب المقدس فقط، وليس البابوات ولا التقاليد، هو مصدر المسيحية.

* إجازة قراءة الكتاب المقدس لكل أحد، كما له الحق بفهمه دون الاعتماد في ذلك على فهم بابوات الكنيسة.

* عدم الإيمان بـالأسفار الأبوكريفا السبعة.

* عدم الاعتراف بسلطة البابا وحق الغفران وبعض عبادات وطقوس الكنيسة الكاثوليكية.

* يعتبر اللوثريون أن الخلاص لا يأتي بالأعمال الصالحة بل بالإيمان بيسوع المسيح مخلصاً وفاديا، أما الأعمال فإنها واجبه بعد الخلاص (سولا فيدي) أما عند الكالفينية فالشخص مخلص بنعمة المسيح فقط.

* لكل كنيسة بروتستانتية استقلالها التام.

* يمنع البروتستانت الصلاة بلغة غير مفهومة كالسريانية والقبطية في الكنيسة، ويرونها واجبة باللغة التي يفهمها المصلون.

* يرحب البروتستانت بزواج القساوسة ويرون انه ليس من الضروري أن يكون القس بتولا.

* ويتفق البروتستانت مع الكاثوليك في انبثاق الروح القدس من الأب والابن كما يوافقونهم في أن للمسيح طبيعتين (إلهية وبشرية) ومشيئتين[39].

 

 

القسم الثاني: يخص الكلام عن مهاجمة بولس للفلسفة، وما ذلك الا لكون مبادئها الاساسية (علم المنطق) يبين خطأ العقيدة المسيحية واستحالة حقانيتها.

وفي الكاثوليكية نقرأ 1تم (6: 20و21): (يا طيموتاوس، احفظ الوديعة، واجتنب الكلام الفارغ الفاسد ونقائض المعرفة الكاذبة، وقد اعلنها بعضهم فحادوا عن الإيمان). وفي الهامش التعليق التالي: (اشارة الى بعض الفلاسفة الذين كانوا يلهون بإثبات رأيين ينقض احدهما الآخر). وهذا النص فيه تناقض، فمن جهة يقول ان الذم موجه للفلاسفة ومن جهة يقول ان سبب الذم هو لهوهم بأثبات رأيين ينقض احدهما الآخر! وفي الحقيقة فإنَّ هذا هو فعل السفسطائيين الذين سبقوا الفلاسفة في الظهور! وليس من فعل الفلاسفة. وهذا النص يبين ان بولس لم يكن يميّز بين السفسطة والفلسفة ومرحلة ظهور كل منهما وميزاته!

بينما يرى بولس الفغالي ان النص يخص الغنوصيين، قال: (اعتبر الغنوصيّون أنّهم يخلصون فقط بالمعرفة الباطنيّة، بحيث لا يحتاجون الى من يعلّمهم)[40]. والغنوصيّون (الصوفيّون) يلجأون الى الكشف والشهود لتحصيل المعرفة الباطنية بحسب ظنّهم! فهل كان بولس فعلاً يقصدهم بكلامه هذا؟ ألم يكن بولس يدّعي المعرفة وقد تلقاها من المسيح مباشرة بدون تعليم على يد أحد من تلاميذ المسيح؟! ألا تندرج هذه المعرفة ضمن المعرفة الغنوصية؟! وهل هذا هو السبب ان بعض رجال الدين المسيحيين يقولون بأن بولس اخذ التقليد عن مسيحيين آخرين، بدون أن يقدموا دليلاً على كلامهم، فقط من أجل أن يدفعوا عن بولس شبهة الغنوصيّة!!

 

والملفت ان "التفسير التطبيقي للكتاب المقدس" لم يتطرق للتعليق على هذه العبارة في رسالة بولس رغم أهميتها، وتجاهلها تماماً!!

 

 

12)) رسالة بولس الى تيطس (تي)

كُتِبَتْ هذه الرسالة حوالي (63-65)م. وهناك خلاف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعلاً من كتب هذه الرسالة[41].

 

· عقيدة بولس: الإله الأب

في تي(4:1) ورد تعبير: (الله الآب)! وهو يكشف عن مرحلة بدائية في تشكيل العقيدة المسيحية، فهو يقول ان الإله هو الأب، أي الاقنوم الاول! بينما يشير بولس في رسائله، في مواضع اخرى، الى المسيح بإعتباره "الرب" وليس الإله!

 

ويقول بعض المسيحيين ان بولس ذكر في رسائله ان المسيح هو (الإله) أو (الله) تعالى عمّا يصفون، وذلك في ثلاثة مواضع:

الاول: في رسالته الاولى الى تيموثاويس (16:3): (وبالإجماع عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رفع في المجد).

وهو ليس نص صريح على إيمان بولس بأنَّ المسيح إله، لأن من المحتمل ان قوله (الله ظهر في الجسد) يعني أنَّ قوة الله وعظمته ظهرت في عبده المسيح المبعوث نبياً من خلال المعجزات التي كان يأتي بها. وليس المقصود ان الله يظهر ظهوراً واقعياً، لأن أي عاقل يعلم أن الله سبحانه ليس بجسم مادي لكي يظهر للعيان. يقول القديس اوغسطين: (مما لا شك فيه أنّ الله لا يحدّه جسم ولا يستطيع أحد أن يتصور له أعضاء وأصابع كما هي الحال عندنا)[42]. ومن الغرابة ان يصدر هذا الكلام الرائع عن رجل دين يؤمن بتجسّد الإله وانَّه مكوّن من ثلاثة أقانيم! فما هذه التناقضات التي يقع فيها رجال الدين المسيحيون نتيجة تقديمهم الإيمان على العقل!؟ عموماً فالنص لا يدل على إنَّ بولس كان يرى ان المسيح هو الإله!

 

 

الثاني: في رسالته الى أهل فيلبي (2: 6-11): (الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله. لكنه أخلى نفسه، آخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضا، وأعطاه اسما فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب)! {وقد ناقشنا مفاهيم هذا النص في كلامنا عن رسالة بولس الى اتباعه في مدينة فيلبي}.

 

وجاء في هامش الطبعة الكاثوليكية تعليقاً على عبارة (رفعه الله): (صار السيد المسيح إنساناً واطاع طاعة العبد، ولكن الآب رفعه إليه وجعله ربّاً كما ورد في الآية 11)، والجملة (11) هي {فاندايك}: (ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب)، وفي الكاثوليكية: (... يسوع المسيح هو الرب تمجيداً لله الآب)!

 

وتثير عبارة (رفعه الله) إشكالية كبيرة، فكيف يرفعه الله لو لم يكن أدنى مرتبة منه! وواضح ان المقصود بعبارة (رفعه الله) هو (رفعه الأب) - أي الأقنوم الاول عند المسيحيين اليوم - لانه عاد في الجملة (11) ليقول (لمجد الله الآب) فالله هنا في مقصد بولس هو (الأب)! فعملية الرفع تعني عدم المساواة بينهما، وهو بخلاف العقيدة المسيحية!

وهناك سؤال فرعي: لماذا لم يقم لاهوت المسيح برفع ناسوته بينما قام الأب هو برفع ناسوت المسيح؟! هل فقد لاهوت المسيح قدرته على رفع ناسوته في ذلك الحال؟!!

 

 

فأين الدلالة في النص ان بولس كان يرى ان المسيح هو الله مع ما ذكره من تفاوت بينهما، وان المسيح هو (رب) كما يكرر بولس في رسائله، ولم يشر إليه بأنَّه (إله)!

وجاء في هامش الطبعة الكاثوليكية للعهد الجديد تعليقاً على ما ورد في النص (وأعطاه اسما فوق كل اسم): (الأسم: الرب، وهو من الأسماء الحسنى[43] الخاصة بالله، وفي هذه الآية وغيرها دليل على اعتقاد بولس بأن يسوع هو الله)! وهو وهم من قبلهم فكلمة (الرب) تطلق على الإله جلَّ شأنه ويمكن أن تطلق على مصاديق أخرى من قبيل: رب الأسرة، رب العمل، وغيرها. فليس وصف بولس للمسيح بأنه (ربّ) وامتناعه عن وصفه بأنه (إله) دليل على انه يعتبره إلهاً والا فهي سفسطة واضحة!!

 

ولا ننسى ان هاتين الرسالتين "الاولى الى تيموثاوس" و"الى اهل فيلبي" يفترض أنَّهما كُتِبَتا بعد سنة 63م حينما كان بولس في سجنه أو إقامته الاجبارية في روما، مما يعني انه طيلة سنوات التبشير لم يرد عنه أي نص ولو على سبيل الإحتمال أن المسيح هو إله، فقط ما ورد انه (ربّ).

 

الثالث: في رسالة بولس الى اتباعه في رومية (5:9) هناك نص اختلفت ترجماته بين الطبعات المتعددة، الى اربع أو خمس ترجمات مختلفة، احداها فقط تعني ألوهية المسيح. فكيف يمكن ان نعتبر هذا النص نصاً قاطعاً على ألوهية المسيح بينما الحقيقة هي انه تمّت ترجمته ليعني ذلك، وهناك ترجمات أخرى صادرة عن رجال دين مسيحيين، كتبوها على نحو مختلف لا تؤدي الى القول بإلوهية المسيح. فلماذا يرجّحون الترجمة الوحيدة التي توافق هواهم على الترجمات الاربعة الاخرى التي يرجّح انها أقرب للنص الأصلي، لكون مترجميها هم أيضاً من المسيحيين القائلين بإلوهية المسيح ومع ذلك لم يترجموا النص وفق اهوائهم. وما هو النص الأصلي في المخطوطات؟! أم إنَّ المخطوطات أيضاً مختلفة فيما بينها!!

 

الترجمة الأولى:

نجدها في الترجمات التالية:

ـ في ترجمة فاندايك: (ولهم الآباء، ومنهم المسيح حسب الجسد، الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد. آمين).

وهذا النص هو الأكثر إيهاماً من بين نصوص رسائل بولس بأن بولس يقول بأن المسيح إله.

 

ـ جاءت الترجمة في طبعة جنيف الانجليزية 1599م كالتالي:

"Of whom are the fathers, and of whom concerning the flesh, Christ came, who is [f]God over all, blessed forever, Amen".

وفي هامشها التعليق التالي:

"[f] A most manifest testimony of the Godhead and divinity of Christ".

أي: الشهادة الأكثر وضوحا عن لاهوت المسيح وألوهيته.

ففي رسائل بولس جميعها بل العهد الجديد كله يعتبرون هذه العبارة وفق هذه الترجمة، العبارة الاكثر وضوحاً على لاهوت المسيح {أي أن المسيح إله}! وهذا إعتراف بأنه لا توجد في رسائل بولس عبارات واضحة كوضوح هذه الترجمة بخصوص هذا المضمون!!

 

ـ نفس الترجمة نجدها في اصدار لوثر 1545م:

LUTH1545: "welcher auch sind die Väter, und aus welchen Christus herkommt nach dem Fleisch, der da ist Gott über alles, gelobt in Ewigkeit. Amen".

 

 

الترجمة الثانية:

وفي ترجمات اخرى يترجمها مسيحيون آخرون وكنائس أخرى لتعطي معنى لا يتوافق مع الاعتراف بألوهية المسيح. حيث كتبوها بمعنى: الله المتسلط على الكل ليكن مباركاً الى الابد.

وهذا المعنى نجده في الترجمات التالية:

 

ـ في ترجمة (العالم الجديد) العربية: (ليكن الله الذي هو فوق الجميع مباركاً الى الأبد).

 

ـ في ترجمة الاخبار السارّة[44] [Good News Translation (GNT)] كتبوها: إلهي المتسلط على الجميع، ليتبارك الى الابد.

GNT: "they are descended from the famous Hebrew ancestors; and Christ, as a human being, belongs to their race. May God, who rules over all, be praised forever! Amen".

 

ـ ايضا نفس المعنى نجده في ترجمة الكتاب المقدس الامريكي الجديد (طبعة منقحة) [New American Bible (Revised Edition) (NABRE)]:

NABRE: "theirs the patriarchs, and from them, according to the flesh, is the Messiah. God who is over all be blessed forever. Amen".

 

ـ ايضا نفس المعنى نجده في ترجمة "الاصدار القياسي المنقّح" [Revised Standard Version (RSV)]:

RSV: "to them belong the patriarchs, and of their race, according to the flesh, is the Christ. God who is over all be blessed for ever. Amen".

ـ ايضا نفس المعنى نجده في ترجمة إصدار (الكتاب المقدس ويكليف) تيمناً بمترجم الكتاب المقدس جون ويكليف JOHN WYCLIFFE سنة 1382م [Wycliffe Bible (WYC)]:

WYC: "whose be the fathers, and of which is Christ after the flesh, that is God above all things, blessed into worlds. Amen".

 

الترجمة الثالثة:

ترجموها بمعنى: [المسيح فوق الجميع، تبارك الله الى الابد]. وهذا لا يعطي معنى ألوهية المسيح كما هو واضح. نجد هذا المعنى في الترجمات التالية:

ـ في ترجمة العهد الجديد (قبطي-عربي) الصادرة عن دار الكتاب المقدس في مصر، الطبعة الاولى 2017م: (وأيضاً منهم جاء المسيح حسب الجسد، الذي هو على الكل اللهُ المبارك الى الأبد. آمين).

ـ في ترجمة الملك جيمس 1611م فقد كتبوا ان: "المسيح فوق الجميع" و"تبارك الله الى الأبد"، على نحو منفصل، فلا تعطي العبارة حينئذٍ معنى ألوهية المسيح. ونص هذه الترجمة:

KJV: "Whose are the fathers, and of whom as concerning the flesh Christ came, who is over all, God blessed for ever. Amen".

 

ـ في ترجمة الكتاب المقدس اليهودي الكامل الانجليزية [Complete Jewish Bible (CJB)] 1998م:

CJB: "the Patriarchs are theirs; and from them, as far as his physical descent is concerned, came the Messiah, who is over all. Praised be Adonai for ever! Amen".

ـ وفي ترجمات انجليزية عديدة بنفس الطريقة، منها:

DARBY: "whose [are] the fathers; and of whom, as according to flesh, [is] the Christ, who is over all, God blessed for ever. Amen".

DLNT: "of whom are the fathers, and from whom is the Christ according-to the flesh, the One being over all, God, blessed forever, amen".

DRA: "Whose are the fathers, and of whom is Christ, according to the flesh, who is over all things, God blessed for ever. Amen".

AKJV: "whose are the fathers, and of whom as concerning the flesh Christ came, who is over all, God blessed for ever. Amen".

MEV: "to whom belong the patriarchs, and from whom, according to the flesh, is Christ, who is over all, God forever blessed. Amen".

NASB: "whose are the fathers, and from whom is the Christ according to the flesh, who is over all, God blessed forever. Amen".

NKJV: "of whom are the fathers and from whom, according to the flesh, Christ came, who is over all, the eternally blessed God. Amen".

NASB1995: "whose are the fathers, and from whom is the Christ according to the flesh, who is over all, God blessed forever. Amen".

NLV: "The early preachers came from this family. Christ Himself was born of flesh from this family and He is over all things. May God be honored and thanked forever. Let it be so".

NRSV: "to them belong the patriarchs, and from them, according to the flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed forever. Amen".

NRSVA: "to them belong the patriarchs, and from them, according to the flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed for ever. Amen".

NRSVACE: "to them belong the patriarchs, and from them, according to the flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed for ever. Amen".

NRSVCE: "to them belong the patriarchs, and from them, according to the flesh, comes the Messiah, who is over all, God blessed forever. Amen".

TLV: "To them belong the patriarchs—and from them, according to the flesh, the Messiah, who is over all, God, blessed forever. Amen".

VOICE: "The patriarchs are theirs, too; and from their bloodline comes the Anointed One, the Liberating King, who reigns supreme over all things, God blessed forever. Amen".

WEB: "of whom are the fathers, and from whom is Christ as concerning the flesh, who is over all, God, blessed forever. Amen".

YLT: "whose [are] the fathers, and of whom [is] the Christ, according to the flesh, who is over all, God blessed to the ages. Amen".

ـ ونفس المعنى في الترجمة الاسبانية [La Biblia de las Américas (LBLA)]:

LBLA: "de quienes son los patriarcas, y de quienes, según la carne, procede el Cristo, el cual está sobre todas las cosas, Dios bendito por los siglos. Amén".

ـ ونفس المعنى في الترجمات الفرنسية الاربعة:

BDS: "à eux les patriarches ! Et c’est d’eux qu’est issu Christ dans son humanité ; il est aussi au-dessus de tout, Dieu béni pour toujours. Amen !"

LSG: "et les promesses, et les patriarches, et de qui est issu, selon la chair, le Christ, qui est au-dessus de toutes choses, Dieu béni éternellement. Amen!"

NEG1979: "et les patriarches, et de qui est issu, selon la chair, le Christ, qui est au-dessus de toutes choses, Dieu béni éternellement. Amen!"

SG21: "et les patriarches; c'est d'eux que le Christ est issu dans son humanité, lui qui est au-dessus de tout, Dieu béni éternellement. Amen!"

 

ـ ونفس المعنى في الترجمتين الالمانيتين:

SCH1951: "ihnen gehören auch die Väter an, und von ihnen stammt dem Fleische nach Christus, der da ist über alle, hochgelobter Gott, in Ewigkeit. Amen!"

SCH2000: "ihnen gehören auch die Väter an, und von ihnen stammt dem Fleisch nach der Christus, der über alle ist, hochgelobter Gott in Ewigkeit. Amen!"

 

 

الترجمة الرابعة:

وهي مقاربة للترجمة السابقة ولكن بدلاً من كتابة عبارة (المسيح فوق الجميع)، كتبوها (المسيح المتسلط على الجميع)، وبعدها عبارة (تبارك الله الى الابد)!

وهي أيضاً لا تعطي معنى ألوهية المسيح كما هو واضح. نجد هذا المعنى في اصدار (الكتاب المقدس الحي) [Living Bible (TLB)]:

TLB: "Great men of God were your fathers, and Christ himself was one of you, a Jew so far as his human nature is concerned, he who now rules over all things. Praise God forever!"

 

 

الترجمة الخامسة:

وهي ترجمة المانية مقاربة للترجمة السابقة ولكن بدلاً من كتابة عبارة (المسيح فوق الجميع)، كتبوها (المسيح رب كل شيء Christus, der Herr über alles) باستخدام كلمة (رب) وهو نفس الاستخدام الذي اعتاد بولس عليه في رسائله، وليس كلمة (إله).

هذه الترجمة الالمانية نجدها في إصدار (ترجمة جنيف الجديدة) [Neue Genfer Übersetzung (NGU-DE)]:

NGU-DE: "Sie sind Nachkommen der Stammväter, die Gott erwählt hat, und aus ihrer Mitte ist seiner irdischen Herkunft nach der Messias hervorgegangen, Christus, der Herr über alles, der für immer und ewig zu preisende Gott. Amen".

 

هذه ابرز الترجمات لما ورد في رسالة بولس الى اتباعه في رومية (5:9)، وهي تبيّن بوضوح انه لا يمكن الركون الى ترجمة واحدة من بين عدّة ترجمات مخالفة لها.

 

إذن بولس لم يكن يقول عن المسيح سوى انه (رب)، وكان يميّز بينه وبين الإله. ومما يؤيد هذا ما ذكره هو نفسه في رسالته الى اتباعه في رومية (9:10) حيث يذكر ما يسميه بكلمة الايمان (فاندايك): (لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت). فيسوع هو الرب، والله أقامه من الاموات، هكذا يرى بولس انفصال كينونة المسيح عن كينونة الله، وانهما منفصلان لاهوتاً، فهذا "رب" وذاك الإله.

وحول معنى كلمة (الرب) يقول وليم باركلي[45]: (اللقب المفضّل للمسيح عند بولس هو لقب (رب) وهو يعني السيد الذي يملك شخصاً أو شيئاً بغير منازع. إنها تعني (مالك) و(سيد) بكل ما للسيادة والملكية من حقوق)[46].

وقال بولس في رسالته الاولى الى اهل كورنثوس (6:8): (لكن لنا إله واحد: الآب الذي منه جميع الأشياء، ونحن له. ورب واحد: يسوع المسيح، الذي به جميع الأشياء، ونحن به). وهو نص واضح وصريح بتمييز بولس بين (الإله) وبين (الرب). فالإله هو (الأب) بينما (الرب) هو (المسيح). وقوله (الذي به جميع الأشياء) يقوي القول بأن المسيح هو خالق الكون، أو أنَّ الإله بواسطة المسيح خلق الكون، كما هي عقيدة آريوس الذي كان ينكر أن يكون المسيح إلهاً بل يراه المخلوق الاول الصادر عن الإله والذي بواسطته خلق الكون كله. فيكون المسيح (رباً) للكون أي خالقاً له أو صادراً عنه! وهي عقيدة فلسفية تسمى بالصادر الاول!

 

ويقول بولس في رسالته الى اتباعه في كولوسي (1: 15و16) {فاندايك}: (الذي هو صورة الله غير المنظور، بكر كل خليقة. فإنه فيه خلق الكل: ما في السماوات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى، سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خلق). فقوله (بكر كل خليقة) يعني انه اول مخلوق.

ويؤكد بولس معنى ان المسيح هو البكر بين مخلوقين عديدين، فيقول في رسالته الى رومية (29:8) {فاندايك}: (لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه، ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين).

 

فهذه هي حقيقة عقيدة بولس: (إله واحد هو الأب، ورب واحد هو المسيح)! وإذا كان المسيح أبن الإله ومولود منه، فهو بذلك يحاكي الفلاسفة القائلين بالصادر الاول، وان "الواحد لا يصدر عنه الا واحد"! فهذا الصدور الفلسفي يسميه بولس بالولادة! وهذا يعني ان المسيح في فكر بولس لم يكن ازليّاً، رغم انه بواسطته خُلِقَ الكون: (الذي به جميع الأشياء) {1كور(6:8)}.

فهل كان آريوس يستمد عقيدته من فكر بولس بخلاف بقية رجال الدين المسيحيين في مجمع نيقية سنة 335م؟!

 

· عبارة لاهوتية مزيّفة

في تي(13:2) {فاندايك}: (منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح).

بينما في الطبعة الكاثوليكية: (منتظرين السعادة المرجوّة وتجلّي مجد إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح). وفيه التعليق التالي على عبارة (مجد إلهنا العظيم): (تأكيد صريح لإيمان بولس بلاهوت السيد المسيح)! فموضوع عدم وجود عبارة صريحة لبولس حول لاهوت المسيح تقلق رجال الدين المسيحيين ولذلك يتحينون كل فرصة ليحاولوا "ليَّ عنق النص" ليصبح معبّراً عن أفكارهم واهوائهم! وإلا فالترجمة بين الفاندايك والكاثوليكية مختلفة! فالفاندايك تعطي معنى ظهور مجد الله وظهور المخلّص يسوع، بينما الكاثوليكية تعطي معنى ان المخلص يسوع هو ألههم.

 

وهكذا انقسمت ترجمات الكتاب المقدس بمختلف اللغات بين قائل بظهورين (كطبعة الفاندايك) الاول لمجد الله والثاني للمسيح المخلّص، وبين قائل بظهور واحد لمجد "الإله المسيح المخلّص" (كالطبعة الكاثوليكية).

فنقرأ عبارة "الظهورين" في اصدارات الكتاب المقدس: الدومينيكانية باللغة العربية، والملك جيمس باللغة الانجليزية 1611م (KJV)، وطبعة جنيف الانجليزية 1599م (GNV)، ترجمة لوثر الالمانية 1545م (LUTH1545)، وطبعة ويكلف الانجليزية 1395م، وطبعة تيندال 1526م، وطبعة ترجمة فارس الشدياق 1857م، وطبعة سارة هودجسون العربية 1811م، وطبعة رجارد واطس في لندن على ترجمة رومية 1671م العربية، وطبعة (العالم الجديد) الصادرة عن شهود يهوه، وغيرها من الطبعات.

ونقرا عبارة "الظهور الواحد" في الطبعة اليسوعية، وطبعة الترجمة العربية المشتركة، والطبعة البولسية، بالاضافة الى الكاثوليكية، وطبعات أخرى.

 

فكيف يصح ترجيح ترجمة الكاثوليكية: (مجد إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح) الدالة على لاهوت المسيح وهي معارضة بترجمات مهمة كالتي ذكرناها آنفاً وهي لا تدل على لاهوته؟!! بل إنَّ كفّة الترجيح تميل نحو الترجمات التي لا تدل على ألوهية المسيح بخصوص هذا النص.

 

 

· شخصيات مجهولة في رسائل بولس

في تي(13:3): (جهز زيناس الناموسي وأبلوس باجتهاد للسفر حتى لا يعوزهما شيء).

ولا يعرف المسيحيون اليوم اية معلومات عن (زيناس) المذكور في النص. وليس هو الشخصية المجهولة الوحيدة في النص بل هناك العديد من الشخصيات المجهولة والمذكورة في رسائل بولس. ولا يعير المسيحيون اهمية لمجهولية هؤلاء الاشخاص وكأنما الموضوع لا علاقة له بالموثوقية التاريخية لرسائل بولس!!

ومن الاشخاص المجهولين ايضاً:

ـ هيمينايس وفيليتس، ورد ذكرهما في رسالة تيموثاوس الثانية (17:2).

ـ ينيس ويمبريس، ورد ذكرهما في رسالة تيموثاوس الثانية (8:3).

ـ ديماس، ورد انه معاون لبولس دون اي تفاصيل اخرى ورد ذكره في رسالة كولوسي (14:4) ورسالة فيلمون (24)، وورد في رسالة تيموثاوس الثانية (10:4) انه ترك بولس رغبة في الدنيا وذهب الى تسالونيكي! ولا نعرف عنه اي شيء آخر.

ـ كريسكيس، ورد ذكره في رسالة تيموثاوس الثانية (10:4).

ـ كاربس، ورد ذكره في رسالة تيموثاوس الثانية (13:4).

ـ هيمينايس والإسكندر ورد ذكرهما في رسالة تيموثاوس الاولى (20:1).

ـ إسكندر النحاس، ورد ذكره في رسالة تيموثاوس الثانية (14:4).

 

 

· إزدراء الانساب

في تي(9:3) يكرر بولس ازدراءه للانساب فيقول: (وأما المباحثات الغبية، والأنساب، والخصومات، والمنازعات الناموسية فاجتنبها، لأنها غير نافعة، وباطلة).

وقد ناقشنا هذا الموضوع في تعليقنا على ما ورد في رسالة بولس الاولى الى تيموثاوس (4:1).

 

 

13)) رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس (2تم)

كُتِبَت هذه الرسالة حوالي (66-67)م، وهناك خلاف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعلاً من كتب هذه الرسالة[47].

وفيما يلي ابرز الاثارات في هذه الرسالة:

· تخلي اتباع بولس عنه

في 2تم(15:1): (أنت تعلم هذا أن جميع الذين في أسيا ارتدوا عني، الذين منهم فيجلس وهرموجانس).

يشكو بولس في هذا النص من ترك العديد من اتباعه له واتباعهم لتعاليم اخرى، هي بلا شك تعاليم اكابر الرسل من المسيحيين اليهود.

وسبق لبولس ان اشار في رسالته الثانية الى أهل كورنثوس (8:1) الى الشدّة التي ألمَّت به في آسيا، فيقول: (فانّا لانريد أيها الاخوة ان تجهلوا الشدَّة التي ألمَّت بنا في اسيا فثقُلَت علينا جداً وجاوزت طاقتنا حتى يئسنا من الحياة).

ونحن نعلم أنَّ رسالتا بولس الى كورنثوس قك كُتِبتا الى اتباعه في هذه المدينة في الفترة حوالي سنة (57)م. الاولى كتبها في أفسس والثانية كتبها في مكدونية، وأفسس تقع في مقاطعة آسية وهي عاصمتها. فالظاهر ان بولس ما ان انتقل من أفسس الى مكدونية حتى تركه اتباعه الذين كانوا معه في أفسس!

 

 

*)) الرسالة الى العبرانيين (عب)

كُتِبَت قبل 70م ، وقيل 65م. وهناك خلاف بين علماء المسيحية حول هوية كاتبها، فالتقليد المسيحي ينسبها الى بولس وعلماء النقد واغلب علماء المسيحيين حالياً يرفضون هذه النسبة ويقولون ربما هي لأحد تلاميذه. جاء في مقدمة هذه الرسالة في الطبعة الكاثوليكية: (يرى علماء الكتاب المقدس في عصرنا، على اختلاف مذاهبهم، ان كاتب هذه الرسالة ليس القديس بولس. فقد خلت في اولها من ذكر اسمه واسم الذين وجهها اليهم، ومن عادته ان يفتتح بهما جميع رسائله. ثم ان انشاء كاتب هذه الرسالة يختلف عن انشائه، فهي مكتوبة بلغة متقنة وكلامها منسجم وعباراتها حسنة التنسيق وليس فيها الجمل المعترضة التي تجعل اسلوب القديس بولس معقّداً. وإذا كان في هذه الرسالة ما يشبه اقوال بولس في الخلاص بالايمان بيسوع وعظمة صليب السيد المسيح، ففيها أيضاً ما لا ذكر له في رسائله كالكلام الطويل على كهنوت السيد المسيح الحبر الاعظم السماوي الذي يشفع للناس لدى الله في السماء. ولذلك يذهب كثير من العلماء الى قول بعض الاقدمين، امثال اوريجينس المصري، ان كاتب هذه الرسالة هو واحد من تلامذة بولس، له معرفة باليونانية حسنة واطلاع واسع على الاسفار المقدسة والعقيدة اليهودية. وقد يكون ابلّس الذي ورد اسمه في كتاب اعمال الرسل 18/24: "وقدم أفسس يهودي يدعي أبلّس، من أهل الاسكندرية، فصيح اللسان، متبحر في الكتب. وكان قد لُقن دين الرب فاندفع يخطب بحمية ويعلّم تعليماً صحيحاً ما يختص بيسوع". وربما كتبت هذه الرسالة عن أمر بولس سنة أو سنتين قبل استشهاده في السنة الـ 67.والارجح انها كتبت في ايطالية، فقد جاء فيها (13/24): "يسلّم عليكم الذين في ايطالية")[48].

وقال الاب بولس الفغالي: (هل نستطيع ان نتعرف الى كاتب هذه الرسالة؟ هو لا شك ينتمي الى المدرسة البولسيّة، ولو كان بولس نفسه لاعترفت كنيسة رومة سريعاً (لا تُذكر في قانون موراتوري الذي يعود الى القرن الثاني) بهذه الرسالة التي وصلت إليها فكمّلت ما جاء في رسالة بولس الى رومة. قالوا: هو لوقا أو أبلوس أو برنابا أو غيرهم. ولكن الأوفر حظاً هو أبلوس: هو من الاسكندرية. وكان عارفاً بالكتب المقدسة، واشتهر ببلاغته (أع 18: 24-28)، كما عُرف بعلاقته ببولس {1كور 12:1، 3: 4-9، 12:16، تي 13:3})[49].

ولذلك فنحن في دراستنا لهذه الرسالة ليس لكونها من انتاجات بولس بل هي ربما اول انتاجات تلاميذه، فنرى مدى ظهور عقيدة بولس في هذه الرسالة وهل تطورّت خطوة اخرى نحو ما هو موجود من المسيحية اليوم!

ولذلك ينبغي ان نؤكد على ان عقيدة بولس في رسائله المنسوبة اليه، الثلاث عشرة رسالة، هي التالي:

1. يؤمن بإله واحد هوالله الأب ورب واحد هو يسوع المسيح.

2. يؤمن أن المسيح هو ابن الإله.

3. يؤمن ان المسيح به كان كل شيء، اي ان كل شيء خُلِقَ بواسطته.

4. يؤمن ان المسيح مات مصلوباً.

5. يؤمن بقيامة المسيح بعد موته.

6. لم يرد في رسائله كلام عن الثالوث، ولم يذكر ما يظهر انه يؤمن بأن الإله مكون من ثالوث.

7. لم يرد في رسائله لفظ (أقنوم)، ولا يظهر انه كان يؤمن به ولا بمفهومه.

8. ان افكار بولس قريبة جداً من الفكرة الفلسفية القائلة بالصادر الاول الذي صدر عن الإله، وهو يرى ان ذلك الصادر هو المسيح، وان هذا الصادر الاول (المسيح) هو خلق كل شيء.

 

أهم الإثارات في هذه الرسالة:

§ "الصادر الاول" في فكر بولس

في عب(1: 1-4) {فاندايك}: (الله، بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما، بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه، الذي جعله وارثا لكل شيء، الذي به أيضا عمل العالمين، الذي، وهو بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم).

وفي الطبعة الكاثوليكية: (وبه انشأ العالمين. هو شعاع مجده وصورة جوهره). وفي الهامش جاء التعليق التالي: (في هاتين العبارتين المأخوذتين من تعليم مفكري الاسكندرية في ذلك العصر اعتراف بلاهوت السيد المسيح والوحدة التي بينه وبين الآب. فالمجد من صفات الله، والابن شعاع ذلك المجد، أي نوره، وهو صورة جوهره كالصورة التي يتركها الخاتم في الاشياء). ويشيرون الى ما ورد في رسالة بولس الى اتباعه في كولوسي (15:1-17): (هو صورة اللهِ الذي لا يُرى، وبِكرُ الخلائق كلّها. ففيه خُلِقَ كلُّ شيء مما في السموات ومما في الارض، ما يُرى وما لا يُرى، أأصحاب عرشٍ كانوا أم سيادة أم رئاسةٍ أم سلطة. كلُّ شيء خُلِقَ بهِ وله. كان قبل كلَّ شيء وبه قوام كلّ شيء).

... ويقول القس انطونيوس فكري في تفسير عبارة (وبه انشأ العالمين): (فالمسيح هو خالق السماء والأرض (يو3:1). خالق الخليقة السمائية والأرضية. المنظور وغير المنظور، الزمني والأبدي. هو اللوغوس هو قوة الله وحكمته)[50].

هذه الفكرة عند بولس وتلاميذه والمأخوذة من تعليم مفكري الاسكندرية هي من الفلسفة الغنوصية، وتعتبر الاسكندرية من اهم مراكز الغنوصية في القرنين الميلاديين الاول والثاني. ومن الغنوصية انتقلت فكرة "الصادر الاول" الى المسيحية عبر بولس وتلاميذه. وممن تحدث عن "الصادر الاول" من المدرسة الافلاطونية الحديثة والتي ابرز رموزها الفيلسوف اليهودي فيلون الإسكندري (30ق.م- 50م) والفيلسوف المسيحي المصري افلوطين (205م-270م)، علماً أنَّ الاسكندرية في تلك الفترة من التاريخ كانت من اهم مراكز الغنوصية في العالم. وتعني كلمة الغنوص Gnosis "المعرفة الحدسية الباطنية، أو العرفان بمصطلح التصوف الاسلامي.والعارفون هم الغنوصيون Gnostics الذين يتواصلون من خلال بصيرتهم الداخلية بالحقيقة الكليّة. أما خصومهم فهم غير العارفين agnostics الذين وقفوا عند ظاهر التعاليم الدينية ولم ينفذوا الى باطنها"[51]. والباحث في سيرة بولس يجد ان آثار المعرفة الغنوصية واضحة عليها، فهو اعتنق الايمان بالمسيح فجأة نتيجة تجربة غنوصية داخلية وهو في طريقه الى دمشق، كما انه حصل على معرفته الدينية من المسيح مباشرة كما يقول، لمّا اختُطِفَ الى السماء! وهي تجربة غنوصية، ولم يكن لديه اساتذة من بين تلاميذ المسيح. وقوله بأنَّ المسيح هو رب وانه مولود من الإله وانه ابنه هو أمر مماثل للفكرة الفلسفة الغنوصية التي تقول بأنَّ الإله واحد ولا يصدر عنه سوى صادر واحد هو أول وآخر ما يصدر عنه، ولا يمكن تعدد ما يصدر عنه، وهذا "الصادر الاول" هو الذي خلق الكون. والإله لا يخلق "الصادر الاول" بل هو يصدر عنه على نحو الفيض، كما هو تعبير بولس وتلاميذه بأن المسيح مولود من الإله وله نفس جوهره وصورته!

وفكرة "الصادر الاول" تبنّتها المدرسة الافلاطونية الحديثة والتي ابرز رموزها الفيلسوف اليهودي فيلون الإسكندري (30ق.م- 50م) والفيلسوف المسيحي المصري افلوطين (205م-270م).

كان فيلون الاسكندري يرى أنَّ عناية الله بالعلم ليست مباشرة، ولكنها تتخذ وسطاء،"فالله لا يستطيع أن يتصرف في العالم مباشرة، وذلك لأن هذا سيتضمن الحط من شأنه بالهيولى، وتحديد لا تناهيه، ولهذا توجد كائنات روحية وبسيطة تخلق العالم وتديره باعتبارها وراء الله". وكذلك لا تبلغ النفس إلى الله إلا بوسطاء .والوسيط الأول هو "اللوغوس " أو الكلمة ابن الله نموذج العالم، ويليه الحكمة فرجل الله أو آدم الأول، فالملائكة، فنفس الله، وأخيرا القوات وهي كثيرة من ملائكة وجن نارية أو هوائية تنفذ الأوامر الإلهية. وكل هذه الوسائط واردة في اللوجوس الذي هو التفكير العقلاني الذي يحكم العالم، وعلاقة الله باللوجوس، وعلاقة اللوجوس بالعالم هي علاقة فيض، ولكن فكرة الفيض عنده، بل وفكرة اللوجوس غير واضحة،فهناك في تفسيره "أقوال متعددة متباينة فاللوغوس تارة الوسيط الذي به خلق الله العالم، كمايصنع الفنان بآلة، والذي به نعرف الله، والذي يشفع لنا عند الله، وهو طورا ملاك الله الذي ظهر للآباء وأعلن إليهم أوامر الله، على ما تذكر التوراة، وهو مرة قانون العالم". "وتعتبر فكرة الفيض أو الكلمة logos هي أهم الجوانب التي أضافها فيلون، تلك الفكرة التي قبلها كثير من فلاسفة المسلمين قبولا مصحوبا بالإعجاب"[52].

وكان أفلوطين يؤمن بأن الله واحد بسيط من كل وجه، وأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، وكان أفلوطين مشغولا بمشكلة فلسفية وهي كيف صدرت الكثرة عن الواحد البسيط؟ أو كيف وجدت هذه الموجودات المتكثرة عن الواحد ". فمذهب أفلوطين هو عبارة عن تسلسل مراتب الوجود ابتداء من المركز الأول، وامتدادا حتى أكثر درجات الوجود تفرقا وتبددا .فهو يشرح سير موكب الوجود من الواحد تدريجيا حتى ينتهي إلى المادة التي تعد عنده أحط الموجودات مرتبة[53].

فلم يكن في فكر بولس وجود إله ثالوث، بل كان ما يدور في ذهنه هو وجود إله واحد للكون هو الله (أو يهوه بحسب تسمية اليهود)، ورب واحد خالق للكون هو المسيح. وحول هذه الفكرة (الأب الإله والأبن الرب) تدور كل عقيدة بولس وتلاميذه المبثوثة في أسفار العهد الجديد.

فعلى سبيل المثال نقرأ في نفس الرسالة (1: 5-7): (لأنه لمن من الملائكة قال قط: «أنت ابني أنا اليوم ولدتك»؟ وأيضا: «أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا»؟ وأيضا متى أدخل البِكر إلى العالم يقول: «ولتسجد له كل ملائكة الله». وعن الملائكة يقول: «الصانع ملائكته رياحا وخدامه لهيب نار»).

انظر الى وصف المسيح بأنّه (بِكر) و(وبِكرُ الخلائق) كيف يتكرر في رسائل بولس {انظر: كولوسي 15:1}، لأنه يعتبر المسيح "الصادر الاول" عن الإله، وأول المخلوقات.

ولم يتطرق بولس الى علاقة مماثلة بين الأب والروح القدس، لأنه لا يعتبر الروح القدس "بِكر الخلائق" ولا يعتبره "الصادر الاول" إنما هو بمثابة "قوة إلهية" أو شيء من هذا القبيل.

ومن خلال هذه الفكرة الثنائية (الإله الأب والرب الأبن) يمكن للقاريء أن يفهم كل نصوص العهد الجديد.

 

 

§ خلو رسائل بولس من كلام "الروح القدس"

في عب(3: 7-9): (لذلك كما يقول الروح القدس: «اليوم، إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم، كما في الإسخاط، يوم التجربة في القفر حيث جربني آباؤكم. اختبروني وأبصروا أعمالي أربعين سنة).

في الكتاب المقدس الدراسي: (7:3 الروح القدس. للتأكد من أن الروح القدس هو المتكلم أيضاً في العهد القديم). وهي اول مرة يظهر كلام منسوب الى عمل الروح القدس، حيث تخلو رسائل بولس من هذا المعنى. ويظهر نفس هذا المعنى مرّة أخرى في نفس الرسالة (8:9): (معلنا الروح القدس بهذا أن طريق الأقداس لم يظهر بعد، ما دام المسكن الأول له إقامة). وهذا اول تطور نلحظه في الفكر الديني عند تلاميذ بولس {فأحدهم هو كاتب الرسالة الى العبرانيين}.

يقول بسام مدني: (من المهم أن نلاحظ بهذا الصدد أن كاتب الرسالة ينظر إلى كلمات المزمور ككلمات الروح القدس أي أن كلمات الكتاب يجب ألا ينظر إليها ككلمات بني البشر وإن كانت تأتي إلينا بقالب بشري. وهكذا علينا ألا نهمل إنذارات وإرشادات كلمة الله التي تتطلب الطاعة التامة من مستمعيها)[54]. وقال في موضع سابق: (أن نذكر أن الروح القدس الذي أوحى بمحتويات جميع أسفار الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا أثناء حقبة طويلة من الزمن شاء بأن يعطينا سفراً واحداً من أسفار العهد الجديد بدون أن نعرف كاتبه البشري)[55].

وهكا نجد ان الروح القدس وضيفته (الوحي) وأن كل الكلام الموحى به في العهدين القديم والجديد، بحسب عقيدة المسيحيين، هو من وحي الروح القدس. وهذه وظيفة اساسية تظهر في فكر تلاميذ بولس من خلال هذه الرسالة، رغم اننا لا نجد لها صدى في رسائل بولس.

 

 

 

§ كهنوت المسيح وملكي صادق

في عب(20:6): (حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا، صائرا على رتبة ملكي صادق، رئيس كهنة إلى الأبد).

هذ النص يتحدَّث عن الوظيفة الكهنوتية للمسيح، وأول مرّة يتم التحدث عن هذا الموضوع هو من قبل تلامذة بولس في هذه الرسالة، حيث تخلو رسائل بولس من الاشارة الى هذا الموضوع!

 

ولدينا بحث كنّا قد كتبناه قبل حوالي اكثر من 25 عاماً بعنوان (يسوع المسيح كاهن الهيكل) من المفيد ان ندرجه هنا.

 

يسوع المسيح كاهن الهيكل

أمرت التوراة أن يتولى سبط لاوي من بين أسباط بني إسرائيل خدمة خيمة الاجتماع مسكن الشهادة) ومن ثم هيكل سليمان)، وان يكون الكهنة من ذرية هارون بالتحديد.

وحدث في زمن موسى أن انتشر الفساد بين بني إسرائيل وشاع زنى بني إسرائيل مع بنات قبيلة موآب فسجدوا لآلهتهن وعبدوا إلههم بعل فغور، فنهاهم الرب عن ذلك فلم ينتهوا حتى انتفض فينحاس بن العازار بن هارون الكاهن وقتل زمري ابن سالور وهو من زعماء سبط شمعون عندما كان يزني مع كزبى بنت صور وأبوها من زعماء مديان وقد قتلها فينحاس أيضا. فرضي الرب عن فينحاس وكافأه فقال لموسى : (ها انذا أعطيه ميثاقي ميثاق السلام فيكون له ولنسله من بعده ميثاق كهنوت ابدي لأجل انه غار لله وكفر عن بني إسرائيل)، وهكذا انحصر منصب الكاهن في ذرية فينحاس بن العازار بن هارون.

ويتفق المسيحيون مع المسلمين في ان يسوع المسيح ولد من غير أبٍ ولادة معجزة حيث حملت به أمه الطاهرة مريم العذراء بمشيئة الله القادر على كل شيء، ووردت تسميته (ابن مريم) في الديانتين المذكورتين.

وقد ورد في الأناجيل أن اليزابيث (اليصابات) زوجة زكريا هي من أقارب مريم العذراء، وبما أن اليزابيث هي من ذرية هارون الكاهن، فتكون مريم العذراء هي من ذرية هارون أيضا، أي أن يسوع المسيح يعود في نسبه الى هارون أول كهنة بني إسرائيل، وبذلك نفهم أن ليسوع المسيح إضافة لوظيفته النبوية وظيفة كهنوتية أيضا باعتباره آخر كهنة الهيكل من ذرية هارون الكاهن.

ونسب مريم العذراء الى هارون أخي موسى يكشف لنا عن تفسير إحدى آيات القرآن المجيد وهي ما جاء بالقرآن المجيد (سورة مريم عليها السلام الآية 28) في الخطاب لمريم العذراء: ((يا أخت هارون))، وهذا ما يؤكد إنها من نسل هارون لان القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب، والعرب كانت إذا خاطبت شخصا عربيا تقول له : (يا أخا العرب)، وللهاشمي : (يا أخا هاشم)، ومثل هذه الشواهد في القرآن الكريم ما جاء في (سورة الشعراء الآيتان 105و106) قوله تعالى : ((كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون)) وفي (سورة الشعراء الآيتان 123و124) قوله تعالى : ((كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون))، فيكون المقصود من خطاب مريم العذراء ((يا أخت هارون)) إنها من ذرية هارون أخي موسى كما أسلفنا، وقد ذهب الى هذا التفسير أيضا الشيخ موسى السوداني رحمه الله في كتابه (البرهان لعلوم القرآن) ج1 ص302.

إذن فالمسيح عليه السلام هو من نسل هارون النبي عليه السلام وهو من سلالة كهنة الهيكل، فكان هو الكاهن الشرعي المنصوب من قبل الله تعالى، وهذا أحد أسباب رفض اليهود وكهنتهم له لأن دعوته ووجوده فيه تهديد لمصالحهم الدنيوية.

إنَّ إعلان المسيح كاهنا للهيكل هو السبب في ذهاب يسوع المسيح للهيكل، فقلب مناضد الصيارفة وكراسي باعة الحمام وطرد الباعة من الهيكل ولم يدع أحد يجتاز الهيكل بمتاع كما في إنجيل مرقس (11: 15 و16) لانه هو كاهن الهيكل والمسؤول عنه، فللمسيح وظيفة كهنوتية إضافة لوظيفته النبوية كما اسلفنا.

وقد بين المسيح لأنصاره حقيقة نسبه بلا شك، وفي إنجيل متى (22 : 41 ـ 46) نقرأ : (وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع قائلا : ماذا تظنون في المسيح، ابن من هو قالوا له: ابن داود، قال لهم : فكيف يدعوه داود بالروح ربا قائلا : قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك، فان كان داود يدعوه ربا فكيف يكون ابنه ؟! فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة، ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله بتة )، فالمسيح كان يعلمهم أنه ليس من ذرية داود، وأنه آخر كهنة الهيكل، حيث قد ذكرنا في مقال سابق حول نسب المسيح أنه بعد ولادة يسوع المسيح ولادته المعجزة من غير أب، بدأ يوسف النجار يشرف على تربيته وتنشأته ورعايته حتى بلغ مرحلة الشباب لأن أمر الولادة المعجزة ليسوع المسيح ظل خافيا على معظم اليهود بسبب محاولة الحاكم الروماني هيرودس قتل يسوع بعد ولادته وهرب أمه مريم به مع يوسف النجار ـ لا سيما وقد تكتم على أمر تكلم المسيح في المهد من حضر الحادثة من اليهود خوفاً من الإضطهاد ـ لذلك نشأ وترعرع واليهود يظنونه ابن يوسف النجار من سبط يهوذا لان يوسف النجار كان من سبط يهوذا.

وعندما بدأت الوظيفة النبوية ليسوع المسيح، اخذ الكثير من عامة اليهود يدعونه بلقب (ابن داود)، وقد ورد ذلك في الأناجيل الأربعة بكثرة، ولا نستبعد أن بعض هذه المواضع مكذوبة لان هناك من كان يرى مصلحة في إطلاق لقب (ابن داود) على يسوع المسيح لا سيما بولس واتباعه.

وهذا النص الذي ذكره إنجيل متى فيه إشارة لما ورد في المزامير (110 : 1-7) : (قال الرب لربي اجلس على يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك يرسل الرب قضيب عزك من صهيون، تسلّط في وسط أعدائك، شعبك منتدب في يوم قوتك في زينة مقدسة من رحم الفجر لك طلّ حداثتك.اقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق، الرب عن يمينك يحطم في يوم غضبه ملوكا، يدين بين الأمم، ملأ جثثاً أرضاً واسعة سحق رؤوسها من النهر يشرب في الطريق لذلك يرفع الرأس)، وقد يقصد بقوله (إلى الأبد) الاستغراق في الزمن، أي فترة طويلة، وهو أي يسوع المسيح آخر الكهنة من سبط لاوي من ذرية هارون، ويقصد بقوله (على رتبة ملكي صادق)، هو أن ملكي صادق المذكور في تكوين (14 : 18) كان كاهنا وهو يمثل نهاية مرحلة تاريخية (مرحلة ما بعد الطوفان) وبداية مرحلة أخرى هي مرحلة الوعد الإلهي لإبراهيم وذريته (بنو إسرائيل)، واما يسوع المسيح وهو كاهن أيضاً فهو يمثل نهاية مرحلة تاريخية (مرحلة الوعد لبني إسرائيل) وبداية مرحلة جديدة تمثلت بظهور النبي العربي الصادق الأمين محمد (صلى الله عليه وآله) من جبل فاران كما في سفر حبقوق (3 :3) وكما في سفر التثنية (33 : 2) ونبوءة اشعياء (21 : 13)، الصادق الأمين الذي ذكره يوحنا اللاهوتي في رؤياه (19 : 11).

وإذا كان ملكي صادق قد التقى إبراهيم في بداية المرحلة التاريخية تلك فان يسوع المسيح قد التقى النبي العربي محمد (صلى الله عليه وآله) في بداية المرحلة التاريخية الجديدة في أورشليم في بيت المقدس عند الإسراء بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) وإذا كان يسوع قد دخل أورشليم علانية بقافلة تتقدمها مجموعة من المؤمنين به وبالهتاف له ـ كما في إنجيل متى (21 : 7 ـ 11) ـ فان النبي محمد (صلى الله عليه وآله) قد دخل أورشليم بصورة فجائية وغير متوقعة أي (بغتة) كما ذكرت نبوءة ملاخي (3 : 1) : (ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه) فمرتبة ملكي صادق أذن هي نهاية مرحلة تاريخية وبداية أخرى، وكذلك كانت مرتبة يسوع المسيح الذي أنتهت مرحلته بظهور الإسلام، وأنتقال القبلة إلى أورشليم الجديدة المذكورة في رؤيا يوحنا اللاهوتي (16:21) وهي مكعبة الشكل (الطول والعرض والأرتفاع متساوية) في مكة المكرّمة.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

 

[1] راجع وصف الأب بولس الفغالي هذه الرسالة بأنها آخر ما كتبه بولس، في طبعة العهد الجديد، قراءة رعائية – ص722.

ونفس الوصف تم ذكره في مقدمة نفس الرسالة في الطبعة الكاثوليكية.

[2] العهد الجديد ، قراءة رعائية، كتب مداخلها وهوامشها بولس الفغالي – ص672.

[3] المدخل الى رسالة بولس الاولى الى تبموثاوس في طبعة العهد الجديد/ المطبعة الكاثوليكية، الطبعة الخامسة 1977م – ص702.

[4] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص13.

[5] العدد (25: 1 ـ 16).

[6] المصدر السابق.

[7] العدد (25: 12 و 13).

[8] في القرآن المجيد، سورة النساء الآية (45) ، وانجيل مرقس (3:6).

[9] إنجيل لوقا (36:1) ، وبعض الطبعات العربية للكتاب المقدس تستبدل كلمة (قريبة) بكلمة (نسيبه) ليضيع المعنى المقصود، وفي طبعة الملك جيمس باللغة الإنكليزية استعملوا كلمة (cousin) التي تعني ابنة العم أو ابنة الخالة.

[10] إنجيل لوقا (5:1).

[11] الكتاب المقدس / الطبعة اليسوعية / صادق على اعادة طبعها مطران بيروت اغناطيوس زيادة ـ الحواش على إنجيل متى، ص 467.

[12] صموئيل الأول (9: 1 و2).

[13] صموئيل الأول (18: 27).

[14] أخبار الأيام الأول (2: 3 ـ 15).

[15] القضاة (9:12) ، وهي طبعة الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) حذف من النص الجملة التي تقول أنهن تزوجن من غير رجال عشيرتهن، لعن الله التحريف.

[16] أخبار الأيام الأول (35:2).

[17] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) ـ قسم الحواش ص 9.

[18] الملوك الأول (12: 1 ـ 24).

[19] الكتاب المقدس (اغناطيوس زيادة) ـ قسم الحواش ص 12.

[20] إنجيل لوقا (5: 17) و (10: 35).

[21] العهد الجديد (المطبعة الكاثوليكية) ـ الفهرس السابع ص 978.

[22] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص 56 (الهامش).

[23] انظر سفر اللاويين الفصلين (13) و (14).

[24] إنجيل مرقس (11: 15 ـ 17).

[25] إنجيل متي (12: 24).

[26] إنجيل يوحنا (7: 42) ، وسنناقش لاحقا هذه النبوءة بالتفصيل.

[27] العهد الجديد (بولس باسيم) ـ ص 56 (الهامش).

[28] إنجيل مر قس (12: 17).

[29] كما في نبوءة صموئيل الثاني (7: 13): (وأنا اثبت كرسي مملكته إلى الأبد).

[30] إشارة لما ورد في المزامير (110: 4): (أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق).

[31] الرسالة إلى العبرانيين (7: 11 ـ 17).

[32] التكوين (38: 1 ـ 29).

[33] انظر النسب المنسوب ليسوع المسيح في إنجيل متى (1: 16).

[34] أطلق بولس لقب (الطبيب الحبيب) على تلميذه لوقا في رسالته إلى أهل كولسي (4: 14).

[35] إنجيل متى (1: 1 ـ 16) وانجيل لوقا (3: 23 ـ 38).

[36] الكتاب المقدس / الطبعة اليسوعية (بمصادقة مطران بيروت اغناطيوس زيادة) ـ الحواش على إنجيل متى ص467.

[37] التي صادق على طبعها النائب الرسولي للاتين بولس باسيم.

[38] الكتاب المقدس / الطبعة اليسوعية، 1993م / دار الكتاب المقدس في الشرق الاوسط / صادق على اعادة طبعها مطران بيروت اغناطيوس زيادة – ص496.

[39] الموقع الالكتروني ويكيبيديا الموسوعة الحرّة، تحت عنوان (بروتستانتية) ، عبر الرابط:

https://bit.ly/3ff2ib7

[40] العهد الجديد، قراءة رعائية – التعليق ص721,

[41] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص13.

[42] تعليم المبتدئين أصول الدين المسيحي، في الحياة السعيدة، في الكذب / القديس اوغسطينُس / ترجمة الخورأسقف يوحنا الحلو / طبع بموافقة بولس دحدح النائب الرسولي للّاتين في لبنان / دار المشرق، بيروت / طبعة اولى، 2007 - ص63.

[43] تستخدم هذه الطبعة للعهد الجديد تعابير إسلامية من قبيل (الأسماء الحسنى) و (آية) لتجميل النص بحسب ظنّهم!

[44] جاء في التعريف بهذا الاصدار للكتاب المقدس:

نُشرت ترجمة الأخبار السارة (GNT) ، التي كانت تُسمى سابقًا الكتاب المقدس للأخبار السعيدة أو النسخة الإنجليزية الحالية ، لأول مرة على أنها كتاب مقدس كامل في عام 1976 من قبل جمعية الكتاب المقدس الأمريكية باعتبارها "لغة مشتركة". إنها ترجمة حديثة واضحة وبسيطة وفية للنصوص الأصلية العبرية واليونانية والآرامية. GNT نسخة موثوقة للغاية. ظهرت لأول مرة في صيغة العهد الجديد في عام 1966 باعتبارها أخبارًا جيدة للإنسان المعاصر: العهد الجديد في النسخة الإنجليزية الحالية ، ترجمها الدكتور روبرت ج. براتشر Robert G. Bratcher بالتشاور مع لجنة عينتها جمعية الكتاب المقدس الأمريكية.

[45] استاذ العهد الجديد بجامعة كلاسكو Glasgow في اسكتلندا.

[46] تفسير العهد الجديد – رسالة رومية / وليم باركلي / ترجمة القس منيس عبد النور / دار الثقافة في القاهرة ، 1982م - ص26.

[47] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص13.

[48] العهد الجديد / المطبعة الكاثوليكية في بيروت / الطبعة الخامسة 1977م- ص740.

[49] العهد الجديد، قراءة رعائية – مقدمة الرسالة الى العبرانيين – ص746.

[50] مقال تفسير الرسالة الى العبرانيين للقس انطونيوس فكري، منشور في الموقع الالكتروني (الأنبا تكلا هيمانوت الحبشي) القبطي الآرثوذكسي.

[51] المصدر السابق – ص66.

[52] مقال بعنوان (النظر في الأسس التي قامت عليها مدرسة الأفلاطونية المحدثة) بقلم أ.د/ محمود محمد حسين علي، قسم الدعوة وأصول الدين، كلية العلوم الإسلامية – جامعة المدينة العالمية ، شاه علم – ماليزيا.

[53] المصدر السابق.

[54] تفسير الرسالة الى العبرانيين / بسام مدني / الخدمة العربية للكرازة بالانجيل، مطبوعات ساعة الاصلاح – ص15.

[55] المصدر السابق – ص4.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/04



كتابة تعليق لموضوع : مع بولس في رسائله - (4)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net