في ذكرى وفاتها... هل ضُربت في محضر علي{ع}.؟ وهل كسر ضلعها..؟
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الحافظ البغدادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أسئلة كثيرة تتردد في ذهن المتابع عن الشأن الفاطمي , أسئلة يرددها المحب والمبغض , المسلم وغيره , هل يعقل أن عليا {ع} كان في الدار لحظة الهجوم على داره وتتعرض الزهراء للضرب وكسر الضلع ولم يدافع عنها..؟!!ولو فعلها وقتل من دخل بيته واعتدى على زوجته بالضرب , له كل الحق من الناحية الشرعية والعرفية والعقلية.فلماذا لم يفعلها...؟.
الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى تصور والتوسع في الأهداف التي منعته, أما لو حسبناها بحساباتنا العشائرية والنفسية فإنها لا تعقل , هناك من هو أعظم واشرف من ضلع الزهراء ومن رأس الحسين وسم الحسن عليهم الصلاة جميعا, انه { دستور الله وكلامه} لان { كلمة الله هي العليا} من اجلها ضحى الأنبياء بدمائهم وأرواحهم وأبناءهم , ونحن نعتقد بان النبي{ص} أفضل من كل المخلوقات ولكن كلام الله ورسالته اكبر من كل شيء... يقول تعالى:{ ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين} إذن كلمة الله عليا لا يدانيها أي مخلوق أبدا ... رسالة الأنبياء ابتدأت بآدم مرورا بأولي العزم حتى النبي الخاتم {ص} كلها دماء وتضحيات وجهد لا يقاس بشيء , وعلي وفاطمة والحسن والحسين جزء من منظومة العطاء النبوي وامتداد طبيعي للتضحية في سبيل "بقاء وإعلاء كلمة الله" بكل ما يملكون , وقد رأينا رسول الله{ص} حين ضرب في ثقيف وسال دمه الشريف على عقبيه , كان بإمكانه ان يدعو عليهم , ولكنه ليس كسائر الناس حين يتعرض للبلاء ينشر كفه للدعاء على الناس فقال" الهي إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي", وعلي{ع} حين ابعد عن الخلافة قال:" لأسلمن ما سلم الدين ", لان الدين أهم مما لو وصلت أليه الخلافة أو لم تصل المهم عنده بقاء الإسلام , والحسين {ع} يقدم القرابين يوم عاشوراء ويقول : "إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى" وزينب العقيلة {ع} حين تقدمت للجسد الطاهر في ساحة العطاء وضعت يدها تحته ورمقت السماء تستمطر العطف والقبول والرضى , قالت:" الهي تقبل منا هذا القربان"!! لان هذه القرابين لا تقاس بكلمة الله ,فلا نحاكم موقف علي بن أبي طالب{ع} بحساباتنا العقلية البسيطة أو بالنفس العشائري العرفي , ولو رجعنا إلى القران ننظر إلى الجهاد والعطاء في سبيل الله نرى امرأة فرعون حين تعذب ويقطع منها لحمها بالمقاريض تبتسم وتقول { رب ابني لي عندك بيتا في الجنة} ولو لم يذكرها القران بهذه الفدائية لقلنا إنها رمت بنفسها إلى التهلكة , وأصحاب الكهف يمكن أن يعيشوا مرفهين معززين يخفون أيمانهم كأقرانهم ولا نلومهم على ذلك ولكنهم جاهدوا وبذلوا مهجهم دون كلمة الله وبقاء شعلة الإيمان بالله , ومثلهم أصحاب الأخدود, يمكن أن يجاملوا وينافقوا وتسلم أجسادهم من الحرق والقتل ولكن الله مدحهم على العطاء فقال تعالى:{ قتل أصحاب الأخدود} القضية تستوجب الجهاد بكل غالي ونفيس لا إن نعتبر ذلك موقف تخاذل من الإمام أو إن الصورة لا تحتمل , حين بصق ابن ود بوجهه حتما أغاضه وثارت نفسه دفاعا عن ذاته ولكنه لم ينتقم , تركه حتى يهدأ ليكون العمل لله... هذا بيت كمل فيه الدين وتمت النعمة لا يعقل أن يقلب الأمور رأسا على عقب بسبب ضرب زوجته أمامه..!!! وعندنا صورة مشابهة لهذا الموقف مع وحشي حين جاء يشهر أسلامه, لم ينتقم منه النبي {ص} أبدا .. نعم الذي ينتقم ذاك الذي يقول لست من خندف إن لم انتقم من بني احمد ما كان فعل ... هذه صورة واضحة من التاريخ تبين الفرق بين البيتين , من يبني الدين ومن يهدم .... لهذا السبب صبر عليُ{ع} في ذات الله وكان ضلع الزهراء مقدمة لأضلاع كسرت في كربلاء ...
أما صحة كسر الضلع من عدمه , ارجع إلى مصادر إخواننا السنة الذين نقلوا الحادثة دون الأخذ بمصادر الشيعة واليك عددا منها ....
1-ورد تصريح بكسر الضلع وإجهاض الجنين ,منها ما رواه أبو بكر محمد بن أبي دارم التميمي محدث الكوفة والحافظ الفاضل الموصوف بالحفظ والمعرفة باعتراف أشهر علماءهم في الرجال" الذهبي" يذكر في سير أعلام النبلاء ج15 ص 676هذا النص:" روى ابن أبي دارم , إن عمر رفس فاطمة الزهراء {ع} حتى أسقطت محسن " انتهى: ميزان الاعتدال ج1 ص 139 وبسبب روايته لهذا النص ارتبك المدافعون عن عمر فقالوا إن ابن أبي دارم تشيع بالرفض آخر عمره بعدما كان مستقيما في البداية حسب زعمهم..!!
2-إبراهيم بن سيار النظام ,روى إن عمر ضرب فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان عمر يصيح احرقوا الدار بمن فيها وما كان فيها غير علي وفاطمة والحسن والحسين{ع} رواه عنه الشهرستاني في الملل والنحل ج1 ص59- والصفدي في الوافي بالوفيات ج6 ص 17......
3 – ابن أبي الحديد يقول في شرح النهج ج14 ص192 " إن فاطمة روعت فألقت محسنا" ثم عقب على الرواية بقوله " لا تروه عني ......
لاحظ هنا إن الاسكافي وابن أبي الحديد كانا ممن يوالي عمر , غاية ما هنالك إنهما يخطئانه في بضع أمور هذه واحدة منها , وهما ليسا من الشيعة المتعصبين ضده كما يرمينا مخالفونا في مثل هذه الروايات لذلك خشي الاسكافي على نفسه ان يروي عن ابن أبي الحديد هذه الحقيقة فطلب منه ان لا يرويها ... ولو لاحظت أسلوب الاسكافي كان في مقام التعليق لا الرواية بمعنى ان القضية مشهورة وصريحة الروايات سواء في كسر الضلع وإسقاط الجنين ... كما ذكرها المسعودي في مروج الذهب , والصفدي في كتاب " الوافي بالوفيات " ج6 كما ذكرنا أعلاه وابن أبي الحديد ... ومحمد بن جرير الطبري ج3 ص203وما بعدها قال: "دعا عمر بالحطب والنار وقال لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنها على من فيها, فقالوا له ان فيها فاطمة ..!! قال: وان.... إذن لم يكن إسقاط الجنين طبيعيا بشهادة كتب جمهور المسلمين , والناس لا يذكرون التفاصيل بدقة متناهية إلى حد طول البسمار الذي وصل ضلعها وأدى إلى كسره أو سقوط الجنين بسبب العصرة والاحتمال هو كسر الضلع بالبسمار وضغطة الباب ...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat