صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

إنبوب النفط العراقي الى الأردن.. ضرورة أم خيانة؟
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لكل دولة سياسات ومواقف عامة وثابتة، تلتزم بها الحكومات المتعاقبة، وإن تعددت أساليبها في إدارة الدولة منها: حماية اراضي الدولة وسياداتها، رسم السياسات المالية والاقتصادية، الإلتزام بالمعاهدات والإتفاقيات الدولية، ووضع الخطط والبرامج التنموية والخدمية التي تحقق رفاهية المجتمع.

العراق كما هو معلوم يعيش في محيط متعدد الإتجاهات العرقية والطائفية والسياسية والدولية، التي تحتم عليه أن يتعامل مع الجميع، وأن لا يكون حبيسا على نفسه، أو يميل مع محور ضد آخر، شرط تحقيق للمصلحة العراقية.

لعل أبرز هذه القضايا هي علاقة العراق مع محيطه العربي، وكيفية التعامل معه من عدة أوجه.. فهناك الوضع الطائفي الذي تسبب بدعم القاعدة وبعدها داعش، فتحول العراق لساحة حرب ضد الإرهاب، وهناك الجانب القومي وعمق العراق العربي، ونظرة الأطراف العربية لعلاقتها مع العراق، كما إن هناك الجانب الإقليمي ومستوى نفوذه، وكلها ملفات يجب التعامل معها بدقة وعناية، كونها تؤثر وتتأثر أحدها بالآخر.

لكن أغلب الملفات تذوب حينما يطغى الجانب الإقتصادي على العلاقة بين الأطراف، ويكون هناك مصالح مشتركة يسعى الجميع للمحافظة عليها، لذلك كان سعي الحكومة العراقية لمد جسور التواصل مع الدول العربية، وبالتأكيد كان أهمها مملكة الأردن وجمهورية مصر العربية.

في نهاية عام 2012 قام السيد نوري المالكي بزيارة الأردن، وجرى خلال اللقاء تسديد ديون التجار الاردنيين قبل عام 2003، وبحث مد إنبوب نفط الى ميناء العقبة، وزيادة صادرات النفط العراقي الى الأردن، وأن هذا الانبوب سوف يسهل عمليات تصدير النفط العراقي الى الخارج، لكن أحداث عام 2014 ودخول داعش الى العراق، عطلت المضي في هذا المشروع.

جاءت بعدها زيارة وفد التحالف الوطني برئاسة السيد عمار الحكيم، الى جمهورية مصر العربية عام 2017، وكانت الحرب ضد داعش قائمة، حيث التقى فيها الرئيس المصري السيسي ورئيس وزرائه، ورئيس الجامعة العربية أحمد ابو الغيط، كما إلتقى بشيخ الازهر الدكتور احمد الطيب، حيث وصفت هذه الزيارة بالهدف النبيل الذي جاء به السيد الحكيم، وتعهدت مصر بأخذ المبادرة لعودة العراق الى وضعه العربي، كما بحثت الزيارة موقف الأزهر من الإرهاب والتكفير، وأيضا سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين العراق وجمهورية مصر العربية، ومنها مد إنبوب نفط لمصر.

ثم تكللت هذه المباحثات بتوقيع رئيس الوزراء العراقي السيد عادل عبد المهدي، على إنشاء إنبوب النفط الذاهب الى العقبة ومنها الى مصر عام 2019، في إجتماع ثلاثي في القاهرة ضم ايضا ملك الاردن عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إضافة الى إنشاء مدن صناعية وأسواق حرة بين البلدان الثلاثة.

رب سائل يسأل لماذا يريد العراق مد إنبوب للنفط مع الأردن ومصر؟

لابد أن نعلم إن أي دولة نفطية، يجب أن تكون حريصة على أن تمتلك مرونة في تصدير منتجاتها النفطية، وسرعة وصولها الى الاسواق بأسرع وقت وأقل الكلف، كما عليها أن تستخدم قوتها الإقتصادية في دعم علاقاتها السياسية، لا سيما مع الدول المجاورة لها، أو تلك التي تربطها بها علاقات إقليمية وإستراتيجية، لذلك فإن إنبوب النفط العراقي الذاهب الى الاردن ومصر سيحقق الآتي:

أولا: هذا الإنبوب سيخلص العراق من الضغط التركي على صادراته النفطية ومساومته في ملف المياه، وإذا قلنا أن الأردن لديه علاقة مع إسرائيل، فتركيا علاقتها أقوى وبينهما سفارات متبادلة، وعلاقات إقتصادية وملفات أمنية مشتركة.

ثانيا: هذا الإنبوب سيجعل النفط العراقي يصل الأسواق الأوربية بصورة أسرع من موانئ البصرة، وسيوفر مناورة للحكومة في التصدير، إذا ما حصلت أزمة في الخليج أو في مضيق هرمز، ويوفر كميات إضافية إذا ما أراد العراق زيادة صادراته النفطية.

ثالثا: النفط العراقي الواصل الى مصر هو بديل عن النفط السعودي، مما يخلص مصر من الضغط الإقتصادي والسياسي السعودي، ويجعل مصر حليفا إقتصاديا وسياسيا للعراق، وهي دولة ذات تأثير كبير على الواقع العريي، ومؤثرة في قرارات الجامعة العربية.

رابعا: في أيام الحرب على الأرهاب، إنخفضت الصادرات العراقية بسبب سيطرة داعش على إنبوب النفط الذاهب الى تركيا، وسوء الأحوال الجوية في الخليج، في الوقت الذي كانت تصرف فيه الحكومة 70 مليون دولار يوميا في الحرب، مما جعلها في مأزق إقتصادي خانق.

إن إدارة الدولة وتنمية مواردها الإقتصادية وتعميق علاقاتها السياسية، يجب أن تكون بعيدة عن العواطف والشعارات الفارغة، وأن مصلحة العراق تتطلب أن تكون له إستراتيجية واضحة نحو واقعه الإقليمي إقتصاديا وسياسيا، تحقق له نفوذا سياسيا بدعم قوة إقتصاده وثرواته النفطية، فكما إن القوة مؤثرة فإن الإقتصاد أكثر تأثيرا وأشد نفوذا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/01/28



كتابة تعليق لموضوع : إنبوب النفط العراقي الى الأردن.. ضرورة أم خيانة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net