صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (1)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

{فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ}.

والمُصابُ على نَوعَينِ؛ فتارةً يكُونُ الإِنسانُ الفرد وتارةً يكُونُ الإِنسانُ المُجتمع.

ولكُلِّ مرضٍ أَربعُ مراحلَ هي حسب التَّسلسُل الزَّمني؛ الأَسباب والأَعراض والتَّشخيص والعِلاج.

ولا ينفعُ أَبداً تجاهُلَ أَيٍّ من هذهِ المراحِل أَو القفزِ عليها.

ومن خلالِ التدبُّر بآيات القُرآن الكريم يبدو لنا بأَنَّ مرَض القلب هوَ أَشدُّ وأَخطر الأَمراض التي تُصيبُ الإِنسان الفرد والإِنسان المُجتمع.

طبعاً؛ ليس المقصُودُ بهِ الأَمراض الماديَّة التي تُصيبهُ وإِنَّما الأَمراض النفسيَّة والروحيَّة والمعنويَّة وهي أَخطر بكثيرٍ من النَّوع الأَوَّل، فإِذا كان النَّوع الأَوَّل يقتلُ الإِنسانَالمُصاب بها، فإِنَّ النَّوع الثَّاني يقتُلُ {أَنَاسِىَّ كَثِيرًا}.

فإِذا كانَ العِلمُ الحديث قد توصَّلَ إِلى علاجاتٍ للكثيرِ من أَمراضِ القلب الماديَّة [الجسديَّة] فإِنَّ عِلاجات الأَمراض المعنويَّة التي تُصيبهُ مُعقَّدة جدّاً عجزَ العِلمُ وغَير العِلمعن إِيجادِ العِلاجاتِ لها.

وتظهرُ أَعراض مرض القلب عندَ الإِنسان الفرد عندما تتجمَّع أَسباب مُعيَّنة منها؛ الفَشل والعجز عن تحقيقِ الأَهداف والآمال التي يرسمها لنفسهِ، والتَّمييز الذي يتعرَّضلهُ في المدرسةِ مثلاً أَو في محلِّ العملِ، وكذلكَ الفَقر الذي يُساهم في تحويلِ المرءِ إِلى كُتلةٍ من العُقد النفسيَّة والتي لا يجدُ إِلَّا [الآخر] لاستفراغِها والتَّنفيسِ عنها.

كما أَنَّ للشَّكِّ وتنامي الشُّبُهات والفَساد وأَكلَ المالِ الحرام وخاصَّةً أَموالَ اليتامى، دورٌ في تنامي حالاتِ مرضِ القلبِ عندَ الإِنسان.

هذهِ الأَسباب وغيرَها هي التي تُنتج أَمراض القَلب التي مِن أَعراضِها الحسَد والغيرة والكراهيَّة والتَّجاوُز على الآخر عندَ الإِختلاف والتمرُّد على القانُون سواءً كانَسماويّاً أَو وضعيّاً، وغيرِها الكثير، ممَّا نعيشهُ في مجتمعاتِنا اليَوم.

البعضُ يتصوَّر بأَنَّ مُعالجة مرَض القلب تبدأ بمعالجةِ الأَعراض، وهذا خطأٌ، فعلاجُ الظَّاهِرة قد ينتجُ عنهُ ظواهِرَ أُخرى جديدةً، وهكذا دواليك.

أَمَّا العلاجُ الحقيقي فيبدأ بالأَسباب والمُسبِّبات التي يلزم مُكافحتها وهي صغيرةٌ وبسيطةٌ قبلَ أَن تكبرَ وتستفحِلَ وتُنتِجَ الأَعراضَ والظَّواهِرَ.

خُذ مثلاً على ذلكَ في الأُسرةِ، فإِنَّ التَّمييز بينَ الأَولاد لأَيِّ سببٍ كانَ يُنتجُ ظاهرةَ الحسَد والغيرةَ وأَحياناً الحِقد بينهُم، والذي قد يتطوَّر إِلى حالاتٍ من القَتل أَو الإِنتحارأَو الضَّياع عن الأُسرةِ.

كما أَنَّ الإِهانةَ المُستمرَّة التي يتعرَّض لها الطِّفل والتَّقليلِ من شأنهِ أَو من شأنِ أَفعالهِ الإِيجابيَّة في الأُسرةِ، مُقابل تعظيمِ شأنِ أَخيهِ الآخر، كُلُّ ذلكَ تُشكِّلُ الأَرضيَّةَلنموِّ مرَض القلب عندهُ.

والأَبُ الحريصُ على بناءِ أُسرتهِ وحمايتِها من الإِنهيار، يلزمهُ أَن لا ينشغلَ بعلاجِ ظاهرةِ الغيرةِ والحسدِ عندَ هذا الإِبنِ أَو تلكَ البنت، وإِنَّما يصبُّ كُلَّ اهتمامهِ علىوينتبهَ إِلى أَن لا يُميِّزَ بين أَولادهِ في كلِّ شيءٍ، وإِذا اضطرَّ رُبما للتَّمييزِ لأَسبابٍ معقُولةٍ ومنطقيَّةٍ فيلزمهُ أَن يشرحَ الأَسبابَ لبقيَّةِ أَولادهِ وأَن يُعوِّضهُم باهتمامٍ مِن نوعٍ آخرَليُوازن في الرِّعاية ويُساوي في الإِهتمامِ بينَ جميعِ أَبناءِ أُسرتهِ.

وهكذا هوَ الحالُ بالنِّسبةِ إِلى بقيَّة أَنواع الأَسباب التي تُنتج الظَّواهر المرضيَّة القلبيَّة الخطِيرة.

هذا على صعيدُ الإِنسان الفَرد.

  • على صعيدِ الإِنسان المُجتمع، فالأَمرُ لا يختلِفُ، فعندما تزرعُ الظُّروف أَسباب التَّمييز الطَّائفي والطبقيَّة الإِقتصاديَّة والتَّمييز في فُرص الخَير كفُرص التَّعليم والعَملوغيرِها، فعندَ ذلكَ لا ينفعُ أَن تنشغِلَ الدَّولة ومُؤَسَّساتِها في مُكافحةِ الظَّواهر الخطيرة التي تُنتجُها مثلَ هذهِ الأَسباب كانتشارِ المثليَّة والمُخدَّرات والفَشل والتسيُّب المدرسيوظاهرة إِنتشار العِصابات والجريمة المُنظَّمة وغَير ذلكَ، فماذا تنتظرُ الدَّولة أَن يكونَ عليهِ حال المُجتمع إِذا كانَ الفسادُ المالي والإِداري يضربُ بأَطنابهِ؟! وإِذا كانت نِسَبالجهل والأُميَّة والبَطالة تفوقُ الحدِّ المُتعارَف عليهِ عالميّاً أَضعافاً مُضاعفةً؟!.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/02



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ التَّاسِعةُ (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net