الشعرية لا تُحدد بنوع أدبي معين، فهناك شعرية القصة وشعرية المسرح وشعرية كل خطاب موهبة الى الناس، تعبر عن مديات التأثير والبحث عن الانزياحية، ومفهوم الجمالية بهذا المعنى، يغني طرق قاعدة البحث في أجواء العبارة:
(نكاية بالعطش حملنا الفرات في الطاسات سبيلا)
الشعرية لا تسمى نشاطاً برئياً؛ لأنها محملة بالحيل، العلامة اللغوية هي التي تنتج المعنى، يرى معظم النقاد ان القراءة دون الشعرية ستكون مجموعة بديهيات، ورفض الناقد كمال بو ديب استخدام الكلمات بأوضاعها القاموسية.
نتيجة أولى:
إن الشعرية تقصي الوعي العفوي/ تكسر صرامة قوانين الشعر العمودي/ ترفض القوانين الخارجية للنص الشعري/ التحرك في داخل النص.
السؤال:ــ
ما الذي يجعل من رسالة كلامية عملاً أدبياً؟ كانوا يحققون الشعرية عبر إيقاع انزياحات دلالية، هنا يبدأ البحث عن وظيفة الايصال في العلاقة مع المتلقي.
عرّف بعض النقاد الشعرية بـ(الرؤية) تجربة روحية:
(كفاك المقطوعتان يحملان الغيم والمطر)
يرى ادونيس أن الشعر لا يشرح ولا يفسر، بل عليه ان يعيد خلق العالم كله على ضوء التجربة الشعرية.
يسأل احدهم: ما هو العالم؟ يجيب احدهم دمعة أمّ، العالم انين يتيم، العالم ضحكة طفل.
الإيقاع:ـــ
حركة الاصوات الداخلية لا تعتمد على إيقاع البحور والتفاعيل، الجرس القديم كان جرسا خطابيا، بينما الان الشعرية:
(أيها الوطن الجميل رأيتك في ابتسامة شهيد)
صار الشعر لعبة ذهنية، الشعرية لعبة هذيان...
وفي شعرية القص: (هناك طفل ابن شهيد يحمل في خياله بندقية اكبر منه؛ ليقاتل الدواعش، الكاتب يتعامل مع ذهنية المشهد وغرابته، فيدخل الميدان ليرينا الطفل وهو يقاتل ببندقية أطول منه، يصور جهاد هذا الطفل رجال الحشد يخافون عليه، الدواعش استغربوا وجود بندقية تقاتل دون مقاتل، يركزون الرمي عليه ليستشهد، فتحمل الأم ابنها المذبوح الى قبر ابيه، وتناديه: قم يا حسين استقبل ابنك).
النظرة القديمة للشعرية كانت توصي بحسن التأني/ قرب المأخذ/ اختيار الكلام/ وضع الالفاظ في مواضعها/ كانوا يبحثون عن استعارات متوافقة مع بعضها) فهم محدود للشعرية الحديثة، تقول اريد الإيحاء الخروج عن المألوف، د ـ صلاح فضل: اللغة الشعرية غريبة عن الاستعمال الجيد؛ لأنه يعتمد على انتهاك قواعد اللغة.
(حين يذبل الماء يموت)
لكن بعيدا عن الغموض الذي يصل حد التعمية، يرى الناقد يوسف اليوسف: ان الشعر العظيم يلوح بمضامينه تلويحا، يخفي قسما من قوته ويلمح تماما كما كان يفعل الحلم. والناقد كمال ابو ديب يحدد معنى النص الشعري المتميز هو باستمرار نص من الاحتمالات والامكانيات وان لا يكون النص تقريريا، هناك مسافة بين حروفه وبنيته العميقة.
ومصطلح الصورة الشعرية هو مفهوم يوناني فلسفي، علاقتنا تقف عند نقاد العربية مصطلح الصورة في القرآن الكريم، اعلى درجات الوعي في تحليل الصورة، أصبحت الصورة تعني البناء، هناك بناء مسرحي، بناء صورة قصصية والصورة الشعرية، يرى الدكتور جابر عصفور أن لا وجود لهذا المصطلح في التراث البلاغي، لكن المشاكل التي تثيره الصورة الشعرية موجودة.
والجاحظ يقول: الشعر ضرب من التصوير، صياغة الأفكار، وتجسيم او تجسيد الفكرة والعمل على خلق التأثير. يرى قدامة بن جعفر: ان الشعر صورة المعنى. والقاضي الجرجاني يربطها بروابط شعورية تصلها بالنفس، فالجاحظ يرى الصورة صناعة. وعبد القاهر الجرجاني يقابل بين الشعر والرسم، والصورة الفنية نتاج ملكة الخيال يعني ابتكار وابداع وإبراز علاقات جديدة.
والصورة الشعرية عند بعض النقاد تساعد على الكشف على المعاني العميقة التي توحي اليها القصيدة وتقدم الصورة الشعرية عند (ازرا باوند) عقدة فكرية او عاطفية في برهة من الزمن.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat