أثارت قضية الموقوف أحمد الجيزاوي، من اللغط الإعلامي قدرًا كبيرًا، لا يمكن أن يأخذنا بعيدًا عن ذكريات ليست بالنائية عن ما حدث في الأزمة الكروية المخزية، التي كان بطلها الأوحد الإعلام المصري.
فمرة أخرى يصنع الإعلام المصري أزمة، بفتح الباب أمام المزايدة على كرامة الإنسان المصري، في سلوك أقل ما يقال عنه أنه مشين ومهين لأبناء مصر العظيمة.
إن أقل الناس معرفة بما هو متبع في قضية كتلك المثارة، والتي أنفق الكثيرون أطنانًا من حبر أقلامهم حولها، يدركون أن ما حصل أساء بالدرجة الأولى ليس فقط للدولة المصرية، بل أضاف طبقة جديدة من الانطباع الرديء الذي حرص الإعلام المصري، وإنتاجه الفني على ترسيخه لعقود، في أذهان من لم يدركوا عظمة هذا الشعب، وعلو همته وسمو قيمه ودوره المادي والمحسوس، في كل جانب من جوانب أي ازدهار، أو تنمية حدثت في أي بقعة من بقاع العالم العربي بل وإفريقيا والعالم الإسلامي والعالم.
إنني اليوم متألم أشد الألم من صفعة جديدة، يوجهها الإعلام المصري لأهلنا وأحبتنا في مصر، وليس ذلك الألم خوفًا من انصياع ـ مستبعد ـ من قبل المملكة العربية السعودية، لنتائج الهجمة الإعلامية، وإتخاذها إجراءات تؤثر في القوة البشرية المصرية، المنتجة والمبدعة على أراضيها، بل لظلال عدم الثقة والتوجس التي تلقيها، تجاه كل ما هو مصري، في ظل وجود آلة إعلامية ضخمة وهوجاء، لا يعنيها في أي حال من الأحوال، ما قد يكون أثر بحثها عن الإثارة ليس فقط على المصريين، بل وعلى ومن يعايشهم من إخوة لهم عرب، سواءًا داخل أرضها الطاهرة أو في الخارج.
ولأن الثقة بالله والأمل يصبح جزءًا من شخصية الشعوب، التي تمر بما يمر به شعبنا الصومالي، فيمكن ان يكون مفيدًا ان نأخذ وجهة النظر التي تقول، أن المصريين قد نجحوا بجدارة، في قطع خطوات كبيرة باتجاه إصلاح الأوضاع في بلادهم، بدءًا من الثورة السلمية، لكن أمامهم الكثير من العمل، لإصلاح آلية تعامل الحكومة المصرية، مع أبناء البلد المغتربين في كل انحاء العالم، وهو ما كشفت عورته الهستيريا التي اجتاحت الإعلام هناك، فحالة دوائر العمل والبعثات الدبلوماسية، يمكن لأي مهتم أن يدرك دون عناء بؤسها، وحالة امتهان الإنسان فيها.
اضف إلى ذلك خفوت صوت المؤسسات المصرية، المسؤولة عن التعامل بفاعلية مع الأمر، قبل أن تأخذ تلك المسألة كل ذلك الحجم من الضجيج الإعلامي، وتهييج حشود الشعب الذي ألهبت كرامته، سياط التجاهل لمطالبه على مدى العقود الثلاث السابقة.
كما أنه لا يجب الخلط بين قضية راهنة كقضية الجيزاوي، والتصعيد في اللهجة والسلوك تجاهها، وكأن لغة الصراخ وتخريب الممتلكات الناشئ عن التهييج الإعلامي، سيؤدي في النهاية لحل المشكلات المزمنة التي يعانيها النظام الإداري، خاصة فيما يخص التعامل مع الأجانب، في المملكة العربية السعودية.
إن الوضع الذي خلقه الإعلام المصري، يمكن اعتباره بكل بساطة عملًا تخريبيًا متعمدًا، تجاه ما أعلنه جلالة العاهل السعودي في فترة سابقة من توجيهه بضرورة الإصلاح، وتسريع إنجازه وتحقيقه، وهو ما بدأت ثماره تعم الشعب السعودي، وليس مستبعدًا أن تصل إلى نظم التعامل مع المقيمين أيضًا في الفترة القادمة، خاصة أن الدعوات للإفادة من الخبرة الإماراتية المتميزة في ذلك الصدد لا تني تتردد.
إننا نأمل أن لا يؤدي أسلوب " خذوهم بالصوت"، الذي اعتمدته وسائل إعلامية مصرية كبيرة، إلى إعادة أجواء الشحن ضد كل ما هو مصري، كما حدث في الأزمة الكروية مع الجزائر، وما تردد من ظلم لكل ما هو عربي، باعتبار أن الكل من فئة "دول بيكرهونا"، في الوقت الذي أرتدت المسألة مرة أخرى، كرة ملتهبة في حضن الدولة والهيئات المصرية، مثبتتة فشلها في تحقيق تغيير ملموس، في التعامل مع أبناء الشعب المصري الكريم بما يحفظ حقه كرامته، ويصون المودة مع غيرهم من العرب، وواضعة كل الآمال المعقودة على الإصلاح، الذي دعا إليه جلالة الملك عبدالله، في مهب رياح المساس الإعلامي مصري، بالسيادة الوطنية للملكة العربية السعودية، وما قد يؤدي لوضع عراقيل، أمام التوجه الصادق للسلطات السعودية العليا، في سعيها لإخراج أهواء الكفلاء وأصحاب العمل، خارج معادلة علاقات العمل، للوصول لأفضل تطبيق للسنة النبوية الممثلة في قوله – صلى الله عليه وسلم - :" أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه".
فهل سيدفع المواطن المصري والسعودي، ثمن رعونة إعلام لم يتغير كثيرًا منذ ثورة ساحة التحرير؟
ذلك ما لا نتمناه ونسأل الله ـ تعالى ـ، أن يلهم كل الأطراف، بأن تقوم بما هو متوقع منها ومتوسم فيها، لضبط هذه الفوضى، والحد من آثارها التي لن تقف عند مصر والسعودية، بل ستنسحب على الوطن العربي في مجمله، بل وكل العرب في كل مكان.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat