صفحة الكاتب : هاشم الصفار

أنا بخير..!  
هاشم الصفار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يقيم الإنسان العديد من العلاقات الاجتماعية، من باب كونه كائناً اجتماعياً يميل للتواصل، والأنس، والألفة مع نظرائه في الخلق والنوع.. هذا في الأمر الطبيعي والفطري.. ويحصل أنك تراه يميل لعالم الحيوان، ويأنس به حين يمسي وحيداً.. أو ينعزل في الأصقاع البعيدة، والأماكن النائية في حالات نادرة؛ بسبب إهمال المقربين والمحيطين به.. وهذا موجود في المجتمعات القائمة على التقييم المادي للفرد.. حتى إذا قلّ عطاؤه هجره الجميع.. أو قد يكون بسبب حادث ما، أو اضطرابات نفسية وسلوكية يمرّ بها الفرد، أو يصاب بها جراء ضغوطات العالم الصناعي المعقد..!

العلاقات المستقرة المبنية على الحب والاحترام، وتفهم الرغبات والآراء، وقبولها الآخر بكل ألوانه، تستمر لفترة طويلة، ينعم بها الإنسان بوثير الأمان، والدعة النفسية، وراحة البال؛ لأنها علاقات بيضاء واضحة المعالم، يحدد بها كل طرف ما يريده بالضبط من نفسه وطموحاتها أولاً.. ثم ما يريده من المقربين له.. فهو يرسم خارطة طريق واضحة بسيطة غير معقدة من هيكلية علاقاته الاجتماعية، وإزالة الشاذ منها غير المتوافق مع تفكيره ورؤيته للحياة..
 الإنسان بطبيعة الحال قد يضطر لمسايرة أناس قد فرضتهم الظروف عليه، ومداهنتهم والتماشي معهم لفترة ما قد تطول أو تقصر، بحسب تهيؤ مناخات التغيير، أو بحسب قدرات الفرد وإرادته في خلق عالمه الخاص، ابتداء من أسرته وجيرانه وزملاء عمله وأصدقائه وأحبائه..
ومن المؤسف حقاً رؤية الإنسان يعاني مثلاً من مشاكل أسرية، ويطول الأمر ولا يتخذ القرارات الحاسمة والحازمة في نفس الوقت، لإنهاء أزماته، وقيادة دفة حياته لمسار آخر أكثر وضوحاً واستقراراً وسعادة..
وكذلك على مستوى الأهداف والطموحات غير الواضحة في الحياة، خاصة في وقتنا الراهن.. فالكثير من الناس لا يعلم ما يحب أن يكون عليه في المستقبل..! لا يدري أي تخصص يدخل..؟ أي دراسة يختار..؟ وأي عمل يناسبه..؟ 
 الأمر متعب حقاً على هذه الشاكلة، ويستنزف قدرات الفرد ومواهبه، وتتشظى هنا وهناك.. وحين يمر قطار العمر سريعاً، سوف يدرك أهمية أن يعرف الإنسان نفسه وماذا تريد..؟
 طبعا هذا لا يتعلق بالتمني فقط.. فالأمنيات البشرية تكاد تتشابه في حبّها للمال، والغنى، والثروة، والزواج، والبنين، والبيت الانيق، والسيارات الفارهة، وغيرها من بريق العالم المستعر بالشهوات..! بل المقصود بالإرادة هنا ما ينبغي أن تكون عليه، والذي يتوافق مع مواهبك وقدراتك الذاتية، وليس ما يريده ويفرضه الواقع عليك.. أو يدفعك إلى تمنيه وتبنيه الآخرون تقليداً ومحاكاة لا غير..! فمن الجميل رؤية أفراد ناجحين في حياتهم؛ بسبب أنهم قرروا مثلا سلوك هذا المنحى، وأبدعوا فيه.. اختاروا دراسة ما وتوفقوا فيها.. أو عمل ما، أو مهنة يحبها.. وهكذا...
وضوح الإنسان مع نفسه وعلاقاته في الحياة يجنبه الكثير من العقبات.. منها التعلق بأشياء بحد ذاتها، لا تنفك تلتف حوله، وهذا يعد عقبة وبوابة يفتح عليه الكثير من المشاكل.. التعلق بالمال، بالمنصب، بشخص ما.. بسمعة، بوجاهة.. بسلوكيات وعادات لا يحيد عنها..! 
 وحين يفقد الإنسان أشياء مهمة في حياته، كان متعلقاً بها حدّ الانصهار.. يصاب بالإحباط واليأس، وتنتهي حياته الفعلية بموت رغبته في الاستمرار بدون تلك الأشياء.. لذلك لا تعلق في الحياة ينجيه.. رحل المصلحون والعباقرة.. دُمِّرت دول وشعوب.. وأبيدت مجتمعات.. واستمرت الحياة.. تفقد أموالك.. عملك.. أباك، أمك، أولادك وتستمر الحياة..! لذا يقول الإنسان لكل تعلق في حياته: معك أو بدونك.. أنا بخير.. وما زلت أعيش..!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هاشم الصفار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/30



كتابة تعليق لموضوع : أنا بخير..!  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net