صفحة الكاتب : سمير داود حنوش

العراق..وحكاية من الهند!
سمير داود حنوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في الهند ذلك البلد الذي تحطّ فيه رحالي بين الحين والآخر حدثت أزمة كبيرة بين الحكومة والمزارعين عندما أقرّت الدولة قانوناً يُجيز للشركات الإستثمارية إستملاك الأراضي الزراعية وإستحصال محاصيلها والإستحواذ عليها وتصديرها إلى الأسواق، فكان هذا القرار يعني الإستئثار بالمنتجات الزراعية والإستغناء عن أيادي الملايين من المُزارعين الهنود وإجبارهم لترك أراضيهم ومزارعهم، مما يكون سبباً في مزيد من نسب البطالة والجوع والتشرد.علماً أن الهند تأتي في المرتبة الثانية عالمياً في مجال الإنتاج الزراعي حيث وفّرت الزراعة فرص عمل  لأكثر من 50% من القوة العاملة الهندية وساهمت بنسبة 17-18% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، متحققة في الإكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية والإعتماد على المنتوج المحلي.

إنتفض المزارعون لهذا القرار الحكومي، بل ورفضوه معتبرين ذلك عنواناً لبداية حرب قطع الأرزاق وتجويع هذه الشريحة المهمة في المجتمع الهندي، لكن الحكومة لم تأبه لهذا الرفض، ثم بعد ذلك إنضم الإعلام الوطني الشريف (وليس الإعلام المنافق الرخيص) إلى هذه الحملة المناهضة لهذا القرار، لكن موقف السلطة الرابعة لم يُغيّر من قرار الحكومة.

أخيراً وبعد أن شعر هؤلاء الرافضون أنهم خسروا كل شيء وإن القرار ماضٍ إلى التطبيق، قررت مجموعات منهم  الإنتحار..نعم..لقد قرروا الإنتحار لإيصال رسالتهم إلى من بهم صمم من رموز السلطة الذين أقرّوا هذا القرار، حيث وصلت حالات الإنتحار إلى العشرات منهم في خطوة فاجأت الحكومة وجعلتها تتراجع عن قرارها، عندها لم تقف الدعوات عند تراجع الحكومة بل وصلت إلى مقاضاتها عن الأضرار المادية والمعنوية التي سببتها بحق هؤلاء.

في حكايتي هذه لا أدعوا إلى الإنتحار لإيصال الأصوات إلى أصحاب القرار عمّا يُعانيه الشعب العراقي فيكفي مانسمعه من حالات إنتحار وقتل بين صفوف العراقيين في أحدث وأغرب حالات وحكايات لم تحدث حتى في قصص ألف ليلة وليلة أو في المسلسلات العربية والأجنبية، ورغم ذلك لازال الحاكم المتسلّط مُوغلاً في التعنّت والتجويع وإذلال الشعب.

ورغم تنوع عناوين الجلادين ومسميات الطغاة ظل الشعب أسيراً لإستسلامه وخضوعه وفي كثير من الأحيان إنهزامه أمام إرادات داخلية وخارجية لتجويعه وتركيعه تماماً كما تحدّث عنهم القرآن الكريم بقوله "كأنّمَا يُسَاقُونَ إلى المَوتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ".

وكم من المحاولات الخجولة التي كانت تنطلق بين الحين والآخر لرفض هذا الواقع، لكن تلك المبادرات كانت تقف عاجزة أمام عموم الرأي السائد في البلد بكلمة (آني شعليّة) عندها أدرك من يحكم أو المتسلط أن التغيير لن يصنعه هؤلاء القانتون أو المستسلمون لواقعهم لذلك تمادى الحُكّام في الغيّ والإستبداد والسرقة واللصوصية حين أيقنوا أن الإستسلام للأمر الواقع هو ديدن إتخذته الغالبية للتعايش مع الأزمنة الصعبة التي كانت تهُبْ رياحها في كل مرحلة سياسية على هذا البلد.

حكاية المُزارع الهندي تؤكد أن إرادة الشعوب تفوز وتُعلن إنتصارها حين يكون الإصرار على الهدف والثبات في تحقيق المبدأ وليتنا نُدرك مقولة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ونتمعن في حديثه ونجعله يقيناً في الحياة حين قال (عندما سكت أهل الحق عن الباطل، ظن أهل الباطل أنهم على حق) فعلاً حين سكتنا عن الحق تمادى أهل الباطل فظنوا أنهم على حق فأجرموا وسرقوا...هي حكمة ستجدونها في كل تجاربنا وأيامنا وأزماننا التي نعيشها...حقاً لقد صدقت ياعلي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير داود حنوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/14



كتابة تعليق لموضوع : العراق..وحكاية من الهند!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : منير حجازي ، في 2022/05/15 .

وعزت الله وجلاله لو شعر الفاسدون ان الشعب يُهددهم من خلال مطالبهم المشروعة ، ولو شعر الفاسدون أن مصالحهم سوف تتضرر ، عندها لا يتورعون عن اقامة (عمليات انفال) ثالثة لا تُبقي ولا تذر. أنا اتذكر أن سماحة المرجع بشير النجفي عندما افتى بعدم انتخاب حزب معين او اعادة انتخاب رموزه . كيف أن هذا الحرب (الاسلامي الشيعي) هجم على مكتب المرجع وقام بتسفير الطلبة الباكستانيين ، ثم اخرجوا عاهرة على فضائياتهم تقول بأن جماعة الشيخ بشير النجفي الباكستانيين يجبروهن على المتعة . يا اخي ان سبب قتل الانبياء هي الاطماع والاهواء . الجريمة ضمن اطار الفساد لا حدود لها .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net