نزهة ثقافية في جنائن التفسير (21)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 (مدرَارًا):

 قال تعالى: « وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا...» {الأنعام/6} ويعني أرسلنا عليهم مطراً كثيراً من السماء، وكان القائل يقول: أصابتنا هذه السماء، ولا زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم, يعنون المطر، وقوله: (مدراراً): يعني غزيراً دائماً كثيراً، ويقال: ديمة مدراراً إذا كان مطرها غزيراً حاداً.
 ويرى الشيخ الطوسي في (البيان في تفسير القرآن): المدرار هنا الكثير المتتابع على قدر الحاجة اليه، دون المفسد للحال، وروي أنهم كانوا أجدبوا، وأنهم متى تابوا أخصبت بلادهم، وأثمرت أشجارهم، وأنزل عليهم الغيث الذي يعيشون به.
 والمدرار كثيرة الدرور بالغيث والمطر، قيل: انهم قحطوا واجدبوا وهلكت أولادهم ومواشيهم فالله تعالى رغبهم في الرجوع إليه سبحانه، والدرور تجلب الشيء حالاً بعد حال على الاتصال يقول الربيع بن صبيح: كنت عند الحسن بن علي (عليه السلام)، فجاءه رجل وشكى اليه القحط، فقال له الحسن (عليه السلام): استغفر الله، جاءه آخر فشكى من الفقر، فقال له: استغفر الله، وجاءه ثالث فقال له: ادع الله لي أن يرزقني ولداً، فقال الحسن: استغفر الله، فقال ربيع سيدي اراك ما من أحد يأتيك ويشكو اليك أمره، ويطلب النعمة إلا أمرته بالاستغفار والتوبة الى الله تعالى، فأجاب: أنا قلت ما قاله كتاب الله على لسان نبيه نوح (عليه السلام): «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا {10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا {11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا» {نوح/12}
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(غَوَاشٍ):
قال تعالى: «لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ» {الأعراف/41} المهاد: فراش من نار، والغواش ظلل من لباس مجلل، ومنها غشاوة المرض، والغواش فسرها البعض (اللحف)، وقيل: إن الغواش هي أغطية من نار تغشاهم. وجاء في كتاب تفسير غريب القرآن: «وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ» يعني ما يغشاهم فيغطيهم من أنواع العذاب, و«هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ» {الغاشية/1} يعني القيامة؛ لأنها تغشاهم (ما غشي) هي تهويل لما صب عليها من عذاب ومطر عليها من الحجارة المسمومة (يغشى الليل بالنهار) أي لحق الليل بالنهار، والنهار بالليل، بأن يأتي أحدهما عقب الآخر، والإغشاء لباس الشيء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المُمْتَرِينَ):
 قال تعالى: «الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ» {البقرة/147} فلا تكونن من الممترين في الحق الذي تقدم اخبار الله به من أمر القبلة، وعناد من كتب النبوة، وامتناعهم من الاجتماع على ما قامت به الحجة, لا تكونن من الممترين في شيء لزمك العلم به، الامتراء الشك، ومثله المرية أي لا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله، فتكون من الخاسرين. 
إن هذه الآية تحدثت بشأن تغيير القبلة، أو بشان أحكام الإسلام، والممترين يعني المترددين، كما يراها سماحة السيد مكارم الشيرازي، وأن جند هؤلاء الأعداء كل طاقاتهم للمحاربة. ويرى السيد مكارم: وان كان المخاطب شخص النبي الا أن الهدف هو تربية البشرية كما ذكرنا من قبل، فمن المؤكد أن النبي المتصل بالوحي الإلهي لا يعتريه تردد؛ لأن الوحي بالنسبة له ذو جانب حسي وعين اليقين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (صِنْوَانٌ):
 قال تعالى: «وَفِي الأَرضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعنَابٍ وَزَرعٌ وَنَخِيلٌ صِنوَانٌ وَغَيرُ صِنوَانٍ يُسقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» {الرعد/4} وفي الأرض قطع متجاورات، وهذه القطع متصلة مع بعضها، ولكل واحد منها بناء وتركيبة خاصة به، بعضها قوي والآخر ضعيف، بعضها مالح والآخر حلو، وكل قطعة لها الاستعداد في تربية نوع خاص من النباتات وأشجار الفاكهة والزراعة؛ لأن احتياجات الانسان والحيوان كثيرة ومتفاوتة.
 وقد تكون بكل قطعة من الأرض المسؤولية في تلبية احدى هذه الحاجات كانت في مستوى واحد, أو لم تكن مقسمة بالشكل المطلوب، لكان الانسان يمر بأزمة ونقص في مواده الغذائية وسائر الاحتياجات الأخرى، ولكن هذا التقييم المناسب للمسؤولية وتوزيعها على القطعات المختلفة للأرض سوف يسد الحاجات اللازمة للإنسان.
 وقوله تعالى: «صنوان» جمع صنو بمعنى الغصن الخارج من اصل الشجرة، وعليه فإن الكلمة تعني الأغصان المختلفة الخارجة من أصل الشجرة، ولكل غصن نوع خاص من الثمر، وتشير الى قابلية الأشجار للتركيب، ففي بعض الأحيان يتم تركيب أغصان عدة مختلفة على ساق واحدة والتربة واحدة والساق والجذر واحد، لكن الثمر مختلف .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/30



كتابة تعليق لموضوع : نزهة ثقافية في جنائن التفسير (21)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net