قانون الخدمة المدنية الإتحادي ؟!. القسم السادس عشر
اياد عبد اللطيف سالم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اياد عبد اللطيف سالم

فيـا بائـعا هــــذا ببخـس معجــل *** كأنـك لا تـدرى؛ بلـى ســوف تعلــم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
الفصل الساس عشر- الإجازات .
لم يتضمن مقترح القانون موضوع البحث إجازة الخمس سنوات ؟!. ضمن عدد وأنواع الإجازات المدرجة فيه، مما يدل على أن مسودة القانون المذكور قد تم إعدادها قبل سنة 2017، ولم يتم تعديل مضمونها بما يتفق وواقع الحال عند عرضها على مجلس النواب للقراءة الأولى في 6/11/2022، ولا ندري إن كان أعضاء المجلس في غفلة من وجوب التصحيح بالحذف أو بالإضافة، بعد القراءة الأولى وقبل نشره في عدد من المواقع الألكترونية. أم أن ذلك قد تم عن قصد معلوم. لأن في الأمر إحتمالين هما: الأول : إستمرار حذفها بقصد إلغائها حكما عند إصدار القانون المقترح خال منها وهو ما نفضله، بسبب إقرارها خلافا لقواعد الخدمة المدنية العامة، حيث نص قانون الموازنة العامة الإتحادية رقم (9) لسنة 2018 ورقم (1) لسنة 2019، على منحها للموظف لمدة خمس سنوات بذات شروط منح الإجازة لمدة أربع سنوات المقررة بموجب قانون الموازنة العامة الإتحادية رقم (44) لسنة 2017، مع إن تشريع تلك القوانين سنويا كان (من أجل إقرار الموازنة العامة الإتحادية لجمهورية العراق). ولا علاقة لها في تشريع ما يخص قواعد قانون الخدمة المدنية؟!, إذ كان بإمكان السلطة التشريعية المختصة(مجلس النواب) إتخاذ ما يلزم بشأن الموضوع، وبذلك فإن عدم إصدار قانون الموازنة العامة لسنة 2020، يستوجب عدم منح الإجازة المذكورة في تلك السنة لفقدانها السند القانوني بمنحها، ولربما لم ينفذ تطبيق ذلك جهلا بالقانون ؟!. بدليل أن قانون الموازنة العامة الإتحادية لجمهورية العراق رقم (23) لسنة 2021، كرر النص على منح الإجازة بشرط أن يكون الموظف قد أكمل خمس سنوات، كما إن قانون الدعم الطاريء للأمن الغذائي والتنمية رقم (2) لسنة 2022، بديل قانون الموازنة لهذه السنة، لم يتضمن بصريح النص على منح الإجازة المقصودة، مما يؤكد عدم جواز منحها لذات ما أوضحناه من سبب .
أما الأمر الثاني: فيتعلق بالخشية من إحتمال إضافة الإجازة إلى مقترح القانون بدون علم ولا دراية بسلبيات ذلك المجرد من اي نفع عام ؟!. وعليه نكرر بعض ما تضمنته مقالتنا المؤرخة في 28/7/2018، المنشورة في صحيفة كتابات بعنوان ( إجازة الأربع والخمس سنوات ... لا سند لها في قوانين الخدمة الخمس ؟!). عسى أن نجد من يقرأ من المسؤولين عن التشريع أو التنفيذ بعضا من قواعد شؤون الخدمة والوظيفة المدنية العامة، ليضيف أو يحذف ما يعزز به رصانة الإجراءات. ويتلافى نقص الكفاءة في عدم معرفة التأريخ التشريعي، إذ (خضع العاملون في بداية القرن الماضي لقوانين الدولة العثمانية، وإستمر العمل بموجبها بعد الإحتلال البريطاني للعراق عقب الحرب العالمية الأولى عام 1914، ومن ثم صدرت مجموعة من القوانين والأنظمة التى تعنى ببعض شؤون المواطنين مثل قانون العقوبات البغدادي لسنة 1918، وما يتعلق بشؤون الوظيفة والخدمة العامة مثل قانون التقاعد لسنة 1922، حتى صدور أول قانون للخدمة المدنية بالرقم (103) لسنة 1931، حيث تصرف رواتب الموظفين بموجب أحكامه بالربية العثمانية، إلى أن تم إعتماد الدينار العراقي لغرض صرف الرواتب الشهرية بدلا من الربية بالقانون رقم (63) لسنة 1932، ليتبعه صدور قانون الخدمة المدنية الثاني رقم (64) لسنة 1939، ومن ثم الثالث بالرقم(55) لسنة 1956، ليحل قانون الخدمة المدنية الرابع بالرقم (24) لسنة1960 النافذ لغاية الآن، وعلى الرغم من إختلاف النصوص القانونية بإختلاف كل حالة من حيث الأسباب والنتائج، إلا إننا لم نجد خضوع متطلبات التغيير وأسسه الفكرية والفلسفية للدولة أو التوجهات السياسية للحكومات المتعاقبة، إلى قواعد ومنطلقات التخبط والفوضى والتعقيد والإرتباك والفساد الإداري والمالي، الذي يظهر جليا ويزداد تشوها كلما أخفقت الدولة في ترشيد هياكل أجهزتها التنظيمية، وساقها توسعها غير المنضبط بحدود الحاجة الفعلية من الدوائر والموظفين، إلى تردي وضعها وإنخفاض مستوى نتاج الخدمات المقدمة للمواطنين، مما يستلزم اللجوء إلى خطة تنموية فاعلة تستدعيها ضرورات التحول والتغيير، لتشخيص العقبات القانونية والمعوقات الإدارية، والعمل على تذليلها وإزالة ما يمكن إزالته منها، بصيغ التعامل المتبادل للخبرة العملية والممارسة الفعلية، بدراسة كل ما يؤدي إلى قتل حركة الدولة وإنسانية معالجتها ووضع الحلول المناسبة لها. ولأن قواعد القانون الخاص لا تصلح لحكم العلاقة الإدارية، فقد قضت محكمة التمييز بقرارها المرقم (375/ح/1965) والمؤرخ في 12/7/1965، بأن (علاقة الحكومة بموظفيها، هي علاقة تنظيمية عامة، تحكمها القوانين والأنظمة)، وعليه فإن العاملين في القطاع العام في مركز تنظيمي، ويخضعون لقواعد قانونية متصلة بتنظيم الوظائف العامة، التي تحدد المركز القانوني للموظف العام بما يضمن أداء الواجبات والتمتع بالحقوق بشكل صحيح وسليم، تلافيا لإشكاليات إمتداد مظاهر الفساد الإداري والمالي والتربوي، الذي شرع الإحتلال الأمريكي سنة 2003 بدايات تفاصيله، وأشاع أعوانه ما لم نتوقع التعامل معه وبه في يوم من الأيام .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat