خبراء واكاديميون اكدوا أهمية أهوار جنوب ألعراق وإمكانية استعادتها بعد جريمة قتلها السياسي
عبد الحسين بريسم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تحقيق عبدالحسين بريسم
تعد أهوار وادي ألرافدين من أكبر المسطحات المائية في الشرق الأوسط وتقع في ألجزء الجنوبي من العراق بين محافظات البصرة وميسان وذي قار.وتتكون الاهوار الجنوبية من ثلاث مناطق رئيسية هي:الاهوار الشرقية المعروفة بهورالحويزة والاهوار الوسطى أو المركزية والاهوار الجنوبية المعروفة بهور الحمار.وتشغل مساحات واسعة تتراوح بين(15000_20000)كم² منها حوالي (9000)كم² اهوار دائمية والباقي هي اهوار موسمية تغمرها مياه الفيضانات سنوياً واكبر هذه الاهوار هو هور الحويزة الذي يمتد من شمال شرق مدينة العمارة إلى شمال شرق البصرة ومن الأراضي الإيرانية حتى نهر دجلة غرباً ويعرف الجزء الذي يقع في الجانب الإيراني بأسم هور العظيم.حيث يعد نهر دجلة المصدر الرئيس للمياه في هذه المنطقة ويزود هور الحويزة بالمياه من الجداول ألشرقية لنهر دجلة في العمارة وهي الكحلاء والمشرح ومن ألأنهار الحدودية لغرب إيران وخاصة الكرخة والطيب والدويج ويصرف هور الحويزة مياهه إلى نهر دجلة عبر جداول عديدة أهمها الكسارة والورطة والى نهر شط العرب عبر جداول السويب.
تشكل مساحة الاهوار حوالي 17%من مساحة العراق
يقول د.بشار جبار جمعة من جامعة ميسان تشكل مساحة الاهوار حوالي 17%من مساحة العراق إذ تغطي المياه حوالي8 .3 مليون دونم من الأراضي العراقية منها حوالي2.3 مليون دونم تغطى بمياه الاهوار ,وتعتبر من النماذج الفريدة بجريان المياه ألعذبة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وتعد من المناطق الغنية بالغطاء الطبيعي وثروتها الحيوانية من الأسماك والطيور والجاموس.حيث كانت تقدر طاقة الاهوار من إنتاج الأسماك بحوالي(60%)من الإنتاج السمكي الكلي في العراق خلال ثمانينيات القرن الماضي كما تمتاز ألاهوار بمناخها ألصالح لزراعة ألمحاصيل الاقتصادية فضلا عن أنتشار نباتات ألقصب والبردي فيها والتي يمكن إن تستعمل كعلف للحيوانات.كما أنها تدخل في صناعة الحصير وكمادة أولية في صناعة ألورق والسكر.كما تشكل الاهوار مصدر عيش لعدد كبير من سكان الاهوار الذين يمتهن بعضهم تربية ألجاموس والبعض الأخر صيد السمك والطيور فيما يمتهن آخرون صناعة ألحصير والبسط وقسم أخر زراعة الشلب.عانت الاهوار خلال فترة النظام السابق من عمليات ألتجفيف من خلال تنفيذ ألعديد من المشاريع إذ تم قطع مياه دجلة والفرات عن الاهوار وذلك بشق القنوات لتصريف المياه إلى خارج الاهوار.كما أقيمت السدود الترابية لمنع تدفق المياه باتجاه الاهوار.
ان تجفيف الاهوار ادى الى تدمير نظام بيئي فريد
ويضيف الدكتور بشير عن جريمة تجفيف الاهوار فيقول إن تجفيف الاهوار كان كارثياً في شتى المجالات مؤدياً إلى تدمير نظام بيئي فريد من نوعه إذ أن ماتبقى من ألاهوار بعد التجفيف لايتجاوز(5.14%)في أفضل الأحوال وان ماتبقى من هور الحويزة ألذي يعتبر من اكبر اهوار جنوب العراق هو(33.3%) فقط من حجمه السابق حيث تبلغ طاقة خزنه حوالي( 7) بليون م³ ويبلغ الفاقد السنوي له بالتبخر حوالي(3.2) بليون م³ وتبلغ مساحة هورالحويزة خلال ثمانينات القرن الماضي 3580كم² وبعد التجفيف في عام 2000 أصبحت مساحته حوالي1000كم² وبعد عودة المياه بعد عام 2003 بلغت مساحتهُ 1600كم².بدأت عمليات تجفيف ألاهوار في بداية ألتسعينات من ألقرن ألماضي مما اضطر عرب الاهوار إلى الهجرة وفي عام 1991 تم إحراق النباتات وتلوث المياه مما اضطر الأهالي إلى النزوح إلى جنوب غرب إيران إذ تشير الإحصائيات إلى إن إعداد النازحين قد وصل إلى حوالي 40000 نسمة في حين أنتشر حوالي 250000مواطن في أجزاء عديدة من العراق وذلك بسبب تبدل نوعية البيئة ولعدم وجود مصادر معيشية فتدهور صيد الأسماك والطيور وكذالك فأن المساحات الزراعية الواسعة لزراعة الشلب قد تلاشت وكذالك عدم وجود مصادر مياه صالحة للشرب وانعدام ألخدمات التعليمية والرعاية الصحية الأولية قد زاد من هجرة السكان.وان التلوث الذي حصل للاهوار نتيجة للاستغلال غيرالمنتظم لمكونات البيئة الأساسية بفعل عوامل عديدة منها:فيزيائية وكيميائية وبايولوجية فهناك ملوثات قدتصل إلى البيئة المائية بتراكيز مختلفة ولفترات مختلفة والتي قد تعمل على تدهور الموارد الطبيعية ألمتواجدة بشكل متوازن في الطبيعة مما يعرقل الفعاليات الحيوية لجميع الكائنات الحية والذي بدوره يؤثر على حياة هذه الكائنات ويعتمد نوع التلوث على طبيعة المواد المطروحة فهناك تلوث بالعناصر الثقيلة أو بالهايدروكاربونات النفطية أو المواد ذات النشاط الإشعاعي أو بالمبيدات أو المواد العضوية أو غيرها من مصادر التلوث التلوث الأخرى
تجفيف الاهوار واثاره السلبية على المناخ
.إن تدمير بيئة الاهوار اثر سلباًًً على مناخ المنطقة إذ ارتفعت معدلات درجات الحرارة العضمى بشكل ملحوض وكذالك تدني معدلات الرطوبة النسبية.كانت الاهوار قبل التجفيف تمتاز بالتنوع الإحيائي الكبير إذ تحتوي الاهوار على أنواع كثيرة من العوالق النباتية والحيوانية والنباتات الطافية والغاطسة وشبه الغاطسة والطيور المختلفة واللبائن والزواحف والأسماك واللافقاريات.لقد وجد بعد عودة المياه إلى الاهوار مرة آخرى منذ عام 2003 والى آلان أن 50%فقط من الأنواع ألنباتية ألتي كانت موجودة في الاهوار سابقاً قد سجلت وان الأنواع الباقية قد اختفت تماماً.أن بيئة الاهوار توفر المكان الملائم لمعيشة طيور نادرة ومأوى عالمي للطيور المهاجرة شتاءاًً والتي لايوجد لها إحصاءات دقيقة من الجانب العراقي وان اكبر هجرات ألطيور الموسمية سجُلت في مناطق الاهوار إذ تدخل هذه الاهوار ضمن الحلقة الأساسية في هجرة الطيور بين القارات وكذالك توفر مكان ملائم لتكاثر عددمن الأسماك ألبحرية والربيان لذالك اعتبرت أهوار العراق أرث طبيعي عالمي استثنائي مهم ووضعت من قبل المنظمة ألدولية للطبيعة ضمن قائمة المائة موقع الاستثنائي لمناطق البيئة في العالم التي يجب ألحفاظ عليها كمحميات طبيعية.
اهوار مميزات بيئية فريدة في العالم
اشتهرت اهوار العراق لفترة طويلة بمميزات بيئية فريدة قلما تجتمع في منطقة آخرى من العالم فهي تعد من ابرز نطاقات الأراضي الرطبة؛ليس فقط في منطقة غرب آسيا بل في العالم اجمع.وفي الماضي القريب كانت هذه المنطقة تزخر بكل إشكال التنوع والثراء البيولوجي,تميزها بيئة معيشية خصبة وموارد طبيعية زاخرة بالكائنات الحية من طيور نادرة وحيوانات برية ومائية فريدة ونباتات متنوعة.وأتاح ثراؤها الطبيعي وموقعها الجغرافي أن تكون استراحة أو نقطة عبور رئيسية لملايين الطيور المهاجرة من روسيا حتى جنوب إفريقيا.ثم أنها منطقة توالد لأنواع كثيرة من اسماك الخليج.وصنفها برنامج الأمم المتحدة للبيئة كأحد أهم مراكز التنوع الإحيائي في العالم.وتشير الدلائل إلى إن المنطقة تقع فوق ثروات نفطية هائلة لم تكتشف بعد.حتى إن البعض يعتبرها بئراً بترولية ضخمة تحت طبقة غضة من الماء والنبات.وتعتزم الامم المتحدة أدراج منطقة الاهوار ألعراقية على لائحة التراث العالمي.وأعلن البرنامج البيئي في الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو في بيان مشترك إن الخطة ألتي تمولها ألحكومة الايطالية تهدف إلى حماية الاهوار والحفاظ عليها وقال موقع الأمم المتحدة أن اهوار وادي الرافدين التي تعرف بالهلال الخصيب كانت مركز للثقافة ولتراث ثقافي فريد.والى كل هذا للمنطقة أرث تأريخي لاينكر فعلى أرضها كان يعيش سكان أصليون يعرفون باسم عرب الاهوار (المعدان) الذين يصنفون بأنهم من أقدم السلالات البشرية على وجه الأرض,
مركز انعاش الاهوار
وضع البرنامج البيئي ألتابع للأمم المتحدة خطة لإعادة تشجير منطقة الاهوار وتأهيلها وبدعم من صندوق العراق ألتابع للمنظمة ألدولية,كما تم تأسيس مركز إنعاش الاهوارRIM)C( ألذي مهمته دراسة وتنفيذ ألعديد من المشاريع وكذالك رفع الضرر الكبير الذي لحق بالطبيعة والإنسان في مناطق الاهوار خلال الأعوام السابقة وعليه من اجل النهوض بواقع الاهوار لابد إن يكون هناك نوع من التنسيق بين هذا المركز والجهات ذات العلاقة وبين الأكاديميين من ذوي الاختصاص للوقوف على طبيعة الضروف التي تعاني منها أهوار جنوب العراق بما فيها إجراء دراسات ومسوحات دورية شاملة للمياه والتربة خاصة بعد تعرض مساحات كبيرة من الاهوار في محافظتي البصرة وميسان إلى عمليات التلوث التي حصلت مؤخراً بسبب وصول مياه البزل من الجانب الإيراني إلى هذه الاهوار مما ينعكس ذلك سلباً على نوعية المياه والتربة وبالتالي يؤثر ذلك على طبيعة نمو وتواجد الكائنات الحية المتواجدة في هذه المناطق,مما يدفع البرنامج البيئي التابع للأمم المتحدة للتحذير من إن الاهوار قد تختفي نهائياًًً خلال الخمس سنوات القادمة ما لم تتُخذ خطوات عاجلة لإنقاذها.
تحليل جغرافي لآثار تجفيف وإعادة اهوار جنوب العراق
يقول د.رياض مجيسرحسن تعتبر مناطق ألاهوار من اغنى مناطق العالم من حيث تنوع الحياة المائية والبرية وهي الخزان الكبير للمياه العذبة التي يمكن الاستفادة منها لمياه الشرب والذي سكنها الانسان واعتاش على خيراتها وقد تراوحت مساحتها على بعض التقديرات مابين(8000-3000 ) كم²أويزيد قليل.اجمع اللغويين والجغرافيين على ان كلمة الاهوار تطلق على الاراضي المنخفضة التي تغطيها المياه في جميع ايام السنة وفي مواسم معينة وتضم مناطق ضحلة واخرى عميقة نسبياً ينبت فيها القصب والبردي وتتوزع على أهوار شرق دجلة واهوار مابين نهري دجلة والفرات والاهوار الممتدة غرب نهر الفرات والتي يعزى تكوينها الى عدة اسباب منها:بأن المنطقة تكونت نتيجة التواء قشرة الارض مماأدت الى اتفاعها وانخفاضها في البعض الاخر.وهناك من يعتقد بأن المنطقة المغمورة بالمياه الى ما قبل الالف الرابع قبل الميلاد ثم أنحسر البحر.ويقدرعدد سكانها بـ(300الف نسمة)ويشمل هذا العدد القرى والارياف التي تقع ضمن اقليم ألاهوار في المحافضات الثلاث البصرة والناصرية والعمارة.وحرفة سكان الاهوار تتراوح بين تربية الحيوانات وزراعة بعض المحاصيل مثلا الرز والقيام ببعض الصناعات الحرفية اضافة الى صيد الاسماك والطيور.وادى التجفيف الى ارتفاع درجات الحرارة بمعدل(5درجةمئوية) كما أن التجفيف ادى الى أحداث حالات مفاجئة من العواصف ألرملية ألهابة بعد تجفيف ألاهوار كما ادى التجفيف الى تلوث مياه نهري دجلة والفرات حيث أن الاهوارتعمل كالفلتر في تصفية المياه أما أيجابيات بقائها فيمكن ألاستفادة منها في تنمية ألثروة ألسمكية وكونها بيئة ملائمة لعيش ألطيورالبرية المهاجرة والداجنة والتي تحتوي على اصناف متعددة ويمكن استغلال الاهوار كمناطق سياحية خاصة في فصل الربيع حيث النباتات والازهار الخضراء بمختلف انواعهاومساحات المياه الشاسعة يضاف لها طرق التنقل بالزوارق والمشاحيف في مواسم ارتفاع مناسيب المياه ومناخها الدافئ فتصبح افضل الاماكن السياحية أذا ماتوفرت الاموال والامكانات اللازمة لشق الطرق وبناء المطاعم والفنادق والجزرالوسطية في مناطق الاهوار.كمايمكن الاستفادة منها في تخزين طبيعي للمياه وبقاء الاهوار مغطاة بنباتات القصب والبردي والنباتات الاخرى وبالتالي سحب كميات من ثاني اوكسيد الكربون وتوفير الاوكسجين والمساهمة في بناء غلاف جوي ونظام بيئي متزن.وان الاهوارمنخفضات من المياه تتاثر بالضروف ألطبيعية كقوة الجريان النهري لنهري دجلة والفرات وكمية الامطار الساقطة وعدد السدود وكذالك بالظروف السياسية في هذا البلد والبلدان المجاورة فليس من الغرابة ان تشهد الاهوار انخفاض في كميات المياه الواصلة وتقلص مساحاتها بل الى تجفيف أجزاء كبيرة منها.
تجفيف الاهوار لاغراض سياسية
اما عن تجفيف الاهوار فيقول الدكتور مجيسر يمكن إن نسجل نوعين من التجفيف الطبيعي يحصل نتيجة أنخفاض كمبات المياه الواصلة الى الاهوار والتجفيف السياسي ويحصل نتيجة لإغراض سياسية معينة حيث قام النظام البائد بتجفيف الاهوار للقضاء على قوى المعارضة له والتي كانت تتخذ الاهوار قاعدة لها وتهجم عندما تحين الفرصة على أجهزة نظامه إذ قام بعدة محاولات للقضاء على قوى المعارضة في الاهوار بل قام بتكثيف الاهوار وأحيانا بتفريق القرى المجاورة للاهوار للتقليل من حجم قوى المعارضة أو قطع الإمدادات عليها ويتخذ هذا الأسلوب في الأعوام التي ترتفع فيها مناسيب المياه.أستنتج البحث ان هناك أيجابيات في حالة بقاء الاهوار منها تشغيل اكبر عدد ممكن من السكان إضافة ألي الثروات ألطبيعية الموجودة في الاهوار وكذلك ويمكن جعل مناطق ألاهوار أماكن سياحية ومخازن للمياه كذلك هنالك ايجابيات في حالة تجفيف الاهوار منها جعلها أماكن للزراعة وتسهيل استغلال الثروة النفطية إضافة الى توفير المياه في أماكن أخرى أكثر أهمية.