صفحة الكاتب : د . جعفر عبد الجبار السراي

الحد من انتشار الفساد المالي والاداري في مؤسسات الدولة
د . جعفر عبد الجبار السراي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الفساد آفة على المجتمع المعاصر وهو ظاهرة وبائية انتشرت في كثير من الدوائر الحكومية انتشار النار في الهشيم نتيجة للظروف التي يعيشها المجتمع وقد تكون نتيجه لتراكمات عاشها المجتمع. 

تعريف الفساد :

لغة: ضد الصلاح وأفسد الشئ أي اساء استعماله .

اصطلاحاً: إساءة استخدام السلطة الرسمية الممنوحة له سواء في مجال المال العام أو النفوذ أو التهاون في تطبيق النظام أو المحاباه وكل ما يضر بالمصلحة العامة وتعظيم المصلحة الشخصية .

اسباب الفساد:

1.سياسية: ضعف مؤسسات المجتمع المدني، ضعف تطبيق الانظمة، عدم الشفافية وعدم ايضاح حقوق الافراد وواجباتهم (ما هو لك وما هو عليك) .

2.اجتماعية: السلوك والعادات والتقاليد والموروثات الاجتماعية وكذلك ما يحدث في المجتمع من كوارث وأزمات تخلق آثار مدمرة في المجتمع من فقر وحاجه واحياناً سلوك ينافي مبادئ المجتمع الصالح .

3.اقتصادية: إن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها المجتمع نتيجة الحروب والصراعات والكساد والحصار الاقتصادي من بعض السياسات الدولية وارتفاع تكاليف المعيشة جميعها تؤدي إلى ممارسة أنواع من الفساد الإداري والمالي .

4.دينية: ضعف الوازع الديني والانصياع لشهوات النفس الأمارة بالسوء حيث إذا ضعف الوازع الديني فإن الانسان يسلك سلوك مفاده أن الغاية تبرر الوسيلة لأن الرادع القوي لأي عمل إنساني هو مخافة الله سبحانه وتعالى .

مظاهر الفساد: 

للفساد مظاهر كثيرة ومتباينة ومتعددة على سبيل المثال ما يلي:- • الرشوة . • اقصاء الكفاءات المؤهلة .• المحسوبية. • التكسب من وراء الوظيفة العامة.•المحاباه. • استغلال الممتلكات العامة.• الواسطة على حساب الغير. • اساءة استخدام السلطة الرسمية.• استغلال النفوذ. • عدم المحافظة على اوقات الدوام الرسمي.• الاستيلاء على المال العام. •الابتزاز.• وضع الشخص المناسب في غير المكان المناسب.• التهاون في تطبيق الانظمة والتشريعات أو تطبيقها على البعض دون الآخر.

وللقضاء على الفساد يجب على أفراد المجتمع محاربة الفساد بشتى صورة وأشكاله والتعاون في ذلك ويتحتم علينا التزامنا الديني والاخلاقي والوطني والانساني أن نساهم جميعاً في الحد من ظاهرة الفساد التي تهدد المجتمع والتي توسعت بشكل غير مسبوق وأضرت المجتمع وروح المواطنة لدى أبنائه ان  الحد من انتشار الفساد في الـسنوات المقبلة ليس مستحيلاً، إذا ما توفرت الإرادة السياسية في الدولة. و أن الفساد بكافة أشكاله أصبح ثقافة عمّت جميع المؤسسات بسبب اعتماد نظام المحاصصة الجهوية والقبلية، والغياب شبه التام للرقابة، وعدم الالتزام بالمعايير الصحيحة لتولي الوظائف القيادية.

ونحذر من وصول الدولة إلى الوصاية المالية الدولية عليها، وأرجع هذا إلى بعض القوى التي تسعى لتكبيلها بالديون، لأن نهوض ليبيا اقتصادياً سيضر بمصالح كثير من الدول، التي تسعى لتوريطها حتى تكون كسيحة، ولا تتمكن من مجاراتها،.... فالكرة اليوم في ملعب الشعب الليبي بكل اختلافاته، لأن خطورة ما نواجهه من مصير مشؤوم يتجاوز أهمية كل ما اختلفنا لأجله.

وابتعدوا على ثقافة الفساد "رزق حكومة. ربي يدومه"، "هي خاربة خاربة" "جت عليا نا"، هذه مفردات من القاموس المحلي الليبي يعلل بها بعض الأفراد إقدامهم على الاختلاس والهدر والسرقة من أموال الدولة  هو أعمال غير نزيهة يقوم بها بعض الأشخاص من الذين يشغلون مناصب هامة في الدولة  والمجتمع ، وهناك العديد من المواقف التي يمكن فيها اعتبار الشخص فاسداً ، كإعطاء وقبول الرشاوى والهدايا بدون وجه حق أو بدون مُناسبة ، وتحويل الأموال ، والاحتيال ، وغسيل الأموال .

ويقف وراء تفشي ظاهرة الفساد في المجتمع العديد من العوامل الاقتصاديّة والسياسيّة ، ويمكن اختصارها بعنواين ودلالات واضحة . أولها (غياب أو تغييب الديمقراطية) . إذْ كَشفت العديد من الدراسات أنّ سيادة الديمقراطيّة في المجتمع يحدّ من تفشي ظاهرة الفساد فيه ، والديمقراطية بدورها تجعل اصحاب المناصب في حالة  استرضاءٍ دائم للشعب من أجل الحصول على الأصوات الانتخابية الأمر الذي يوسع من دائرة القرار السياسيّ . والجديرٌ بالذكر أن عدم وجود قانون جاد في تطبيق الردع للفساد يُساهم في تفشيه وانتشاره في المجتمعات .

ويمكن القول أيضاً بأنّ السياسيات الاقتصادية التي تتبناها الدولة لها أكبر الأثر البالغ في تفاقم مشكلة الفساد أو الحدّ منها ، لأنّ الدول الفقيرة تظهر فيها معدلاتُ فسادٍ أعلى من غيرها ، وذلك بسبب تدنّي رواتب الموظفين الحكوميين فيها ، الأمر الذي يدفعهم لقبول الرشاوى وممارسة اختلاس الأموال ، بينما يتمتّع موظفو الدول المُرفهة اقتصادياً بأجور جيدة تجعل اللجوء إلى الأساليب غير المشروعة في اكتساب المال مخاطرة كبيرة تنطوي على خسارة المنصب الوظيفي أولاً ، وعلى المحاسبة القاسية في أحكامها . 

ويتّخذ الفساد أشكالاً متعدّدة في المجتمعات والتي أبرزها :

* الرشوة :

 إذْ تتمثّل الرشوة في قيام الموظّف بأعمال مخالفة لأصول وأخلاقيات المهنة لصالح بعض الأفراد مقابل عائد مادي أو منفعة معيّنة .

* المحسوبيّة :

وتعد من أكثر أشكال الفساد إضراراً على المستويين الاقتصاديّ والاجتماعيّ ، وتتمثّل باستغلال السلطة و النفوذ بشكل غير مشروع قانونياً لخدمة مصالح غير المستحقين .

* النصب والاحتيال :

وهو شكل من أشكال الغش الخارق للقوانين ، والمنطوي على تغيير الوقائع بغرض الخداع .

* التزوير :

يتمثّل بمحاكاة التواقيع والأختام بالاستعانة بالوسائل والتقنيات التكنولوجيّة الحديثة .

* غسيل الأموال :

 وهو إضفاء الصفة الشرعية على الأموال غير مشروعة المصدر ، ويقوم بجريمة غسيل الأموال العديد من المؤسسات الاقتصاديّة والبنوك الدوليّة والعالميّة الكبرى .

ويزداد النشاط الإجرامي والجريمة المنظمة في المجتمع نتيجة انتشار الفساد وتغطيته بالقوانين التي تتيح الالتفاف على أي قانون رادع .

 ويمكن للعديد من الخطوات أن تساعد في القضاء التدريجي على إدارة الفساد ، وأبرزها التعليم والنهوض بالسلوكيات الأخلاقية .

ويجب أن يكون هناك التركيز القوي في المجتمع على التعليم ، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم التعليم الإلزامي وإقامة دورات مكافحة غسيل الأموال (AML) ، ومن خلال ذلك 

يتم الحد من الفساد مع وجود آليات للمساءلة القانونية الحاسمة وهو مايعزز ثقافة السلوك الأخلاقي القوي في محاسبة الذين ينتهكون الأعراف والقوانين الناظمة للمجتمعات . ويمكن الحد من الفساد بشكل أكبر من خلال تسهيل وتشجيع الإبلاغ عنه سواء من قبل المديرين والموظفين أوالموردين والعملاء وحتى بين  المواطنين أبناء المجتمع الواحد .

وتعمل بيئة الرقابة القوية على تقليل مخاطر الفساد كما تُساهم في إجراء عمليات فحص شاملة للخلفية قبل تعيين الموظف أو ترقيته .

 ولأن الفساد من أكبر المشاكل التي تعاني منها الدول النامية أو الدول المتاخرة و المتخلفة فإن وجوه الفساد تكون متعددة ومختلفة . ومنها الفساد الأمني والاجتماعي ،  الفساد السياسي ، والفساد الإداري ، والفساد الأخلاقي ، وكذلك الفساد الاقتصادي والفساد المالي وفساد المؤسسات .    

والفساد ليس ظاهرة محلية فقط ، وإنما هو ظاهرة عالمية ولكن تختلف مستوياته بين بلد وآخر ، وبالطبع فإن أشد أنواع الفساد ضرراً وانتشاراً يكون في الدول النامية ، وخاصة الدول التي تفتقر إلى وجود المنظمات الرقابية غير الحكومية كمجلس النواب او مجلس الشعب ، والجمعيات الأهلية وتلك التي لم تنضج فيها بعد مؤسسات المجتمع المدني ، أوتلك التي تكون فيها مثل هذه المؤسسات محظورة ، لأن هذه المنظمات والمؤسسات تساعد على متابعة وكشف الآثار السلبية للفساد كما هو الحال في الدول المتقدمة . والفساد مصطلح له معانٍ عديدة واقنعةٌ مختلفة ، ويكون بدء التعامل السليم مع هذه المشكلة هو تقسيمها وتحليلها إلى عناصرها الكثيرة . 

وفي أوسع صورة للفساد يمكن القول بأن الفساد هو سوء استخدام المنصب العام لغايات شخصية ، وتتضمن قائمة الفساد كلاً من الرشوة ، والابتزاز ، و استغلال النفوذ والمحسوبية ، و الاحتيال ، و الاختلاس ، واستغلال 

" مال التعجيل " وهو المال الذي يدفع لموظفي الحكومة لتعجيل النظر في أمر خاص يقع ضمن نطاق اختصاصهم لقضاء أمر معين . 

وعلى الرغم من أن كثير من الناس ينـزعون إلى اعتبار الفساد خطيئة حكومية ، إلا أن الفساد موجود في شرائح المجتمع ككل وفي القطاع الخاص أيضاً ، بل إن القطاع الخاص متورط إلى حد كبير في معظم أشكال الفساد الحكومي . ويمكن تصوير الفساد بأنه استخدام المنصب العام لتحقيق مكاسب خاصة مثل الرشوة و الابتزاز ، المنطويان بالضرورة على مشاركة طرفين بأقل تقدير ، ويشمل أيضاً أنواعاً أخرى من ارتكاب الأعمال المحظورة التي يستطيع المسؤول العمومي القيام بها بمفرده ومن بينها الاحتيال والاختلاس ، وذلك عندما يقوم السياسيون وكبار المسؤولين بتخصيص الأصول العامة لاستخدام خاص واختلاس الأموال العامة ويكون لذلك آثار مباشرة على التنمية الاقتصادية والتي لا تحتاج تبعاتها إلى مناقشة ، غير أن الأمر يكون أكثر تعقيداً عندما يتعلق بتقديم بعض الأطراف الخاصة الرشوة إلى المسؤولين العموميين ولا سيما تأثيرها على تنمية القطاع الخاص على حساب القطاع العام ، ومن المفيد في بحث أشكال الرشوة النظر فيما يمكن للقطاع الخاص أن يحصل عليه من السياسي أو الموظف العام  : 

– العقود الحكومية والامتيازات التي تمنحها الحكومة 

– الإيرادات الحكومية .

 – توفير الوقت وتجنب الضوابط التنظيمية . 

– التأثير على نتائج العمليات القانونية والتنظيمية . 

والفساد وفقاً لتعريف الأمم المتحدة : 

"هو سوء استعمال السلطة العامة لتحقيق مكسب خاص " . 

ويتدرج الفساد من الرشوة إلى عمليات غسيل الأموال وأنشطة الجريمة المنظمة  . ويعرف البنك الدولي الفساد بأنه استغلال المنصب العام بغرض تحقيق مكاسب شخصية  . 

" The buse of public offic for private gains " . 

أما المنصب العام وهو كما عرفه القانون الدولي بأنه :

"منصب ثقة يتطلب العمل بما يقتضيه الصالح العام" .   

ولعل أبرز أنواع الفساد مايمكن تسميته بالفساد العقدي أي "فساد الاعتقاد" إذ يعتبر فساد الاعتقاد بأنه أساس كل فساد ، لأن الإنسان يسعى في الحياة وفق معتقداته ، فإذا كان معتقده فاسد كان سعيه في الحياة فاسداً ، وإذا كان معتقده صحيحاً يرجو الصلاح والخير لأفراد مجتمعه كان سعيه صالحاً وهو في الطريق الصحيح . وقد قال الله تعالى :

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ) (البقرة: 11، 12) .

أما الفساد الأمني والاجتماعي فيعتبر توفر الأمن في مجتمعٍ ما من أساس النعم ، والمجتمعات التي تفتقد الأمن والأمان تسود فيها أنواع كثيرة من جرائم الفساد ، أولها عدم توفر الأمن الذي يسوِّل للنفوس المريضة سلوك طرق الفساد من غشٍ وخداعٍ ومحسوبيات ، وفقدان الأمن والشعور بالأمان قد لا يُشعِرُ ببقية النعم ، ويوجز لسان الحكمة معنى وجود الأمان في المجتمع قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : 

(من أصبح منكم آمِناً في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا) . 

 

الفساد السياسي والذي يعرف بأنه "إساءة استعمال السلطة العامة لتحقيق المكاسب الخاصة"، أي قيام بعض السياسيين المتنفذين باستعمال منصبهم كأداة في الفساد لتحقيق مكاسبهم الشخصية وزيادة ثرواتهم على حساب بقية أفراد المجتمع ورفاهيته . 

الفساد الإداري والذي يعرف بأنه "سلوك بيروقراطي يهدف لتحقيق منافع شخصية بطرق غير شرعية" والبيروقراطية هي سلطة المكاتب والموظفين ، وتتميز بالروتين المبالغ فيه وبالبطء والتمسك بحرفية القواعد والجمود ، وبالتالي تعطيل سير المصالح العامة وكذلك قيام كبار الموظفين في السلطة بتعيين الموظفين وفق ما يتناسب مع مصالحهم الشخصية ، واستغلال المنصب من اجل القيام بعمل ما وخدماتٍ لأشخاصٍ مقابل الحصول على مكاسبٍ مادية ، كما يشمل هذا النوع من الفساد الاستخدام السيئ للوظيفة وعدم تطبيقها بالأسلوب المطلوب وعدم احترام القوانين والأنظمة .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . جعفر عبد الجبار السراي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/01/06



كتابة تعليق لموضوع : الحد من انتشار الفساد المالي والاداري في مؤسسات الدولة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net