صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

مفهوم الخسف في القرآن الكريم (ح 1)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


قال الله سبحانه وتعالى عن الخسف "فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (العنكبوت 40) خَسَفْنَا: خَسَفْ فعل، نَا ضمير، خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ: ازلنا الأرض من تحته فابتلعته، ومنهم من خسفنا به الأرض: كقارون، فأخذنا كلا من هؤلاء المذكورين بعذابنا بسبب ذنبه: فمنهم الذين أرسلنا عليهم حجارة من طين منضود، وهم قوم لوط، ومنهم مَن أخذته الصيحة، وهم قوم صالح وقوم شعيب، ومنهم مَن خسفنا به الأرض كقارون، ومنهم مَن أغرقنا، وهم قومُ نوح وفرعونُ وقومُه، ولم يكن الله ليهلك هؤلاء بذنوب غيرهم، فيظلمهم بإهلاكه إياهم بغير استحقاق، ولكنهم كانوا أنفسهم يظلمون بتنعمهم في نِعَم ربهم وعبادتهم غيره، و "أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ" ﴿النحل 45﴾ يَخْسِفَ: يزيل و يزلزل أو يُغيّب، أفأمن الكفار المدبِّرون للمكايد أن يخسف الله بهم الأرض كما فعل بقارون، و "أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا" ﴿الإسراء 67﴾ أن يخسف بكم: يُغوّر و يُغيّب بكم تحت الثرى، أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر: أي الأرض كقارون، أغَفَلْتم أيها الناس عن عذاب الله، فأمنتم أن تنهار بكم الأرض خسفًا، أو يُمْطركم الله بحجارة من السماء فتقتلكم، ثم لا تجدوا أحدًا يحفظكم مِن عذابه؟ و "فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ" ﴿القصص 81﴾ فَخَسَفْنَا: فَ حرف استئنافية، خَسَفْ فعل، نَا ضمير، فَخَسَفْنَا بِهِ وَ بِدَارِهِ الأَرْضَ: أزلنا الأرض من تحته، فخسفنا به اي بقارون، فخسفنا بقارون وبداره الأرض، فما كان له من جند ينصرونه من دون الله، وما كان ممتنعًا من الله إذا أحلَّ به نقمته، و "وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ" ﴿القصص 82﴾ لَخَسَفَ: لَ لام التوكيد، خَسَفَ فعل، وصار الذين تمنوا حاله بالأمس يقولون متوجعين ومعتبرين وخائفين من وقوع العذاب بهم: إن الله يوسِّع الرزق لمن يشاء من عباده، ويضيِّق على مَن يشاء منهم، لولا أن الله منَّ علينا فلم يعاقبنا على ما قلنا لَخسف بنا كما فعل بقارون، ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون، لا في الدنيا ولا في الآخرة؟ و "أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ" ﴿سبإ 9﴾ نَخْسِفْ فعل، نَخْسِفْ بِهُمُ الأَرْضَ: نزيل الأرض من تحتهم، أفلم ير هؤلاء الكفار الذين لا يؤمنون بالآخرة عظيم قدرة الله فيما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض مما يبهر العقول، وأنهما قد أحاطتا بهم؟ إن نشأ نخسف بهم الأرض، كما فعلنا بقارون، أو ننزل عليهم قطعًا من العذاب، كما فعلنا بقوم شعيب، فقد أمطرت السماء عليهم نارًا فأحرقتهم، و "أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ" ﴿الملك 16﴾ يَخْسِفَ بِكُمُ: تغور بكم، هل أمنتم يا كفار مكة الله الذي فوق السماء أن يخسف بكم الأرض، فإذا هي تضطرب بكم حتى تهلكوا؟ و "وَخَسَفَ الْقَمَرُ" ﴿القيامة 8﴾ وَخَسَفَ: وَ حرف عطف، خَسَفَ فعل، وخسف القمر: أظلم وذهب ضوءه، فإذا تحيَّر البصر ودُهش فزعًا مما رأى من أهوال يوم القيامة، وذهب نور القمر، وجُمِع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء، فلا ضوء لواحد منهما، يقول الإنسان وقتها: أين المهرب من العذاب؟
عن کتاب التحقيق في كلمات القرآن الكريم للمؤلف حسن المصطفوي: خَسَفَ‌ المكان‌ خَسْفاً من باب ضرب و خُسُوفاً أيضا: غار في الأرض، و خَسَفَهُ‌ اللّه يتعدّى و لا يتعدّى، و خسف القمر: ذهب ضوؤه أو نقص، و هو الكسوف أيضا، و قال ثعلب أجود الكلام خسف القمر و كسفت الشمس. و قال أبو حاتم: إذا ذهب بعض نور الشمس فهو الكسوف و إذا ذهب جميعه فهو الخسوف. و خسفت العين إذا ذهب ضوءها. و خسفت عين الماء: غارت، و خَسَفْتُهَا أَنَا. و أَسَامَهُ‌ الخَسْفُ‌: أولاه الذلّ و الهوان. خسف: أصل واحد يدلّ على غموض و غئور. فالخسف و الخَسْفُ‌ غموض ظاهر الأرض "فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ‌" (القصص 81). و من الباب خسوف القمر. و يقال بئر خسيف إذا كسر جيلها فانهار و لم ينزح ماؤها. و انْخَسَفَتِ‌ العينُ: عَمِيَتْ. و المهزول يسمّى‌ خَاسِفاً كأنّ لحمه غار و دخل. و منه بات على الخسف إذا بات جائعا، كأنّه غاب عنه ما أراده من طعام. و رضى بالخسف أى الدنيّة. و يقال وقع الناس في أخاسيف من الأرض و هي الليّنة تكاد تغمض للينها. و ممّا حمل على الباب قولهم للسحاب الّذى يأتى بالماء الكثير خسيف، كأنّه تشبّه بالبئر الّتى ذكرناها، و كذلك قولهم في ناقة غزيرة: ناقة خسيفة.عن الأصمعى: الخسف: النقصان. أبو عبيد: الخاسف: المهزول. و عن أبى الهيثم: الخسف: الجوع، و الخاسف: الجائع. و خُسِفَ بالرجل و بالقوم: إذا أخذته الأرض فدخل فيها. و عن ابن الأعرابى: الخسف الحاق الأرض الاولى بالثانية. و عن أبى عمرو: الْخَسِيفُ‌: البئر الّتى تحفر في الحجارة فلا ينقطع ماؤها كثرة. و قال الليث: الخسف: سؤوخ الأرض بما عليها، تقول‌ انْخَسَفَ‌ بِهِ الأَرْضُ، و خسف اللّه به الأرض، و عين خَاسِفَةٌ- و هي الّتى فُقِئَتْ حتّى غابت حدقتها في الرأس. و قريب من الخسف لفظا و معنى: مادّة الخزي و الخسر و الخسّ و الخشع و الخضع. "فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ‌" (القصص 81)‌، "وَ مِنْهُمْ مَنْ‌ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ" (العنكبوت 40)‌، "إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ‌ بِهِمُ الْأَرْضَ" (سبأ 8)‌، "أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ‌ يَخْسِفَ‌ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ" (الاسراء 68)، "لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ‌ بِنا" (القصص 82) فالمادّة استعملت في هذه الموارد في معناها الحقيقىّ. وقوله تعالى "فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَ خَسَفَ‌ الْقَمَرُ * وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ" (القيمة 7-9) و الظاهر أن يكون‌ خُسُوفُ‌ القمر اشارة الى غئوره و رجوعه الى الشمس و انجذابه فيه، بحيث يكون القمر منحلّا و مندكّا في الشمس، و ذلك إذا اختلّ نظام العالم المادّىّ الدنيوىّ. و ظهر أنّ‌ الْخُسُوفَ‌ ليس بمعنى ذهاب النور و الضياء كما في التفاسير، و لا يجوز لنا العدول عن الأصل و الحقيقة، و التفسير بوفق الرأى و الفهم المحدود.
جاء في کتاب المهدي للمؤلف السيد مهدي فقيه ايماني عن المهدي والخسف: و عن على كرم اللّه وجهه أنه قال الفتن أربع فتنة السراء و الضراء و فتنة كذا فذكر معدن الذهب ثم يخرج رجل من عترة النبى صلّى اللّه عليه و سلم يصلح اللّه تعالى على يديه امرهم رواه نعيم بن حماد بسند صحيح على شرط مسلم و منها خسف قرية بالغوطة غربى دمشق عن خالد بن معدان قال لا يخرج المهدى حتى يخسف بقرية بالغوطة تسمى حرستا رواه ابن عساكر و منها خسف بالبتداء عن عائشة رضى اللّه عنه قالت قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم العجب ان ناسا من أمتى يأتون البيت لرجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فبهم المنتصر و المجنون و ابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا و يصدرون مصادر شتى يبعثهم اللّه على نباتهم رواه البخارى و مسلم و عن صفية أم المؤمنين قالت قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم لا ينتهى الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزو جيش حتى إذا كانوا بالبيداء أو بيداء من الأرض خسف بأولهم و آخرهم و لم ينج أوسطهم قيل فان كان معهم من يكره قال يبعثهم اللّه على ما فى أنفسهم رواه أحمد و أبو داود و الترمذى و ابن ماجه و رواه أحمد و مسلم و الطبرانى عن أم سلمة و رواه أحمد و مسلم و النسائى و ابن ماجه عن حفصة و عن ابن عباس يقطع الخليفة بالشام بعثا فيهم ستمائة غريب إلى هاشميين بمكة فإذا أتوا البيداء فينزلون فى ليلة مقمرة إذ أقبل راع ينظر اليهم و يعجب و يقول يا ويح أهل مكة فينصرف إلى غنمه ثم يرجع فإذا هم قد خسف بهم فيقول سبحان اللّه ارتحلوا فى ساعة واحدة فيأتى فيجد قطيفة قد خسف ببعضها و بعضها على وجه الارض فيعالجها فلا يطقها فعلم أنه قد خسف بهم فينطلق إلى صاحب مكة فبشره فيقول الحمد للّه هذه العلامة التى كنتم تخبرون بها رواه نعيم بن حماد و فى رواية لا يفلت منهم أحد إلا بشير و نذير بشير إلى المهدى و نذير إلى السفيانى و هما رجلان من كلب‌.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/02/14



كتابة تعليق لموضوع : مفهوم الخسف في القرآن الكريم (ح 1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net