الحسين (عليه السلام) لا يحب الاستقرار
سجاد حسن عواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

الاستقرار في اللغة ثبوت وسكون، مطلق لا نسبي، وهو حالة محمودة إذا كانت على مستوى المجتمع، فلا حرب ولا تنازع ولا مواجهة، وكل فرد في المجتمع مهتم بأموره الخاصة على مستوى العمل والتجارة أي أن (كل  يغني على ليلاه) ولا يهمهم أمر المصلحة العامة المشتركة مع بقية الأفراد، إلى هنا يبقى الاستقرار محمودا مطلوبا مفيدا؛ لأنه يحقن الدماء ويحفظها، ويحفظ النفوس ويزيدها، لكن هناك استقرارا غير محمود، استقرارا نهى عنه الحسين بن علي (عليهم الصلاة والسلام) ألا وهو الاستقرار الذي ينسي الشخص نفسه ودينه، ذاك الاستقرار الذي جعل مسلمي العقد الخامس وما بعده من الميلاد الهجري منهمكين في عملهم وتجارتهم، الأمر الذي أتاح لمعاوية توريث الخلافة لفاسق قاتل لا يخاف الله بفعل ولا عمل. فتاريخ يزيد مليء بالمنغصات التي إذا ما سمعها مسلم توالت اللعنات على لسانه، غير مستأسف على يزيد.
وقد قال (عليه السلام) في الاستقرار غير المحمود: (مَن رأى سُلطاناً جائراً مُستَحلاًّ لِحَرام الله ، ناكثاً عهده ، مخالفاً لِسُنَّة رسول الله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغيِّر عليه بفعل ولا قول ، كان حقاً على الله أنْ يُدخِله مَدخَله). 
إذن الحسين (عليه السلام) لا يحب هذا النوع من الاستقرار (الاستقرار الذي يجعل الفرد بعيدا عن مجتمعه ومحيطه تراه ينهي يومه من غير أن يأمر بصلاح أوينهى عن فعل سيء، ولا يقف بوجه السلطان الجائر ولو بكلمة أو اقل منها) بل يحب ويبحث عن الاستقرار الحقيقي (الاستقرار الذي بثه الإمام علي (عليه السلام) بعد محنة الثلاثة)؛ لأنه داع إصلاح حقيقي لم يبحث عن مكسب أو مغنم أو خلافة دنيوية، بل كان يبحث عن صلاح الأمة واستقامتها، وبناء مجتمع واع يقع على عاتقه تعديل كل مائلة وإصلاح كل كسر معنوي يصيب أي جزء منه، بالتالي سيتحقق ما كان يصبو له النبي المرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من نشر رسالة الإسلام الحقيقي، ذاك الذي يكرم الإنسان ويقدسه، ويربيه على المحبة والسلام، وبغض ما دونهما. لذلك خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) وهو يخبر الجميع من باب (إياك أعني واسمعي يا جارة) بقوله: (إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين). 
أي أن استقرارهم هذا يفتقر إلى الإصلاح، ويفتقد الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، بالنتيجة فإنه قبول بالذلة والعيش بصمت إجباري مفروض على الجميع، وهذا لا يسمى استقرارا ولو سمي بذلك مجازا كان غير محمود ولا مرغوب فيه من قبل المؤمن الحق، الذي يؤمن بـ(هيهات هيهات منا الذلة). 


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سجاد حسن عواد

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/24



كتابة تعليق لموضوع : الحسين (عليه السلام) لا يحب الاستقرار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net