صفحة الكاتب : امل شبيب الاسدي

عندما تبكي السماء
امل شبيب الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 اعتقد السابقون منا،ولعقود مضت-وبعضهم إلى الآن- أن خاصية البكاء تتعلق ببني الإنسان ،بل وبعضهم اعتقد انه يقتصر على النساء دون الرجال،حيث يعيب على الرجل أن فعل ذلك! وتتوارد الأسئلة: هل فعلا السماء تبكي؟ وعلى من ؟وما كيفيته؟

 تعالوا نكتشف الحقائق في طيات الصحائف والنصوص هل الانسان وحده هو الذي يبكي؟
يقول العلم الحديث: لا، فقد ثبت ان النباتات تبكي، والجمادات كذلك تبكي، وهذا الوجود كله احياناً يبكي، من طين وحجر وتراب وسماء قابل ذلك كله لان يبكي وقد بكت السماوات لقتل الامام الحسين عليه السلام، وذلك لسان الروايات جاء معبراً عن ذلك، ففي تذكرة خواص الامة1 لما قتل الحسين بكت السماء، وبكاؤها حمرتهااحمرت السماء.
وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لابن حجر الهيثمي المصري الشافعي روى باسناده عن ام حكيم انها قالت: قتل الحسين وانا يؤمئذ جويرية مصغر جارية، فمكثت السماء اياماً مثل العلقة! 
نعم قتل الحسين، حبيب الله وحبيب رسوله، وحبيب فاطمة وعلي قتل وهو الفيض السماوي الزاهي، وطعم الحياة الحلو، واحد اركان الدهر فاضطربت العوالم وانقلب حالها، وظهرت آيات المصاب، وكان يظن ان الكون لا حس له ولا شعور، ولا عقل ولا ضمير، الا ان الكائنات والاكوان والمكونات قد تغيرت بطبيعتها، وكأنها احست شيئاً
إن السماء بكت على الإمام الحسين ( عليه السلام ) دماً , وناحت عليه الجن وبدا حنينها كمداً .
إن تنزيل الله تعالى لهذه الآية في سورة الدخان «فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين»2 عقبت ذكر غلو وعلو آل فرعون واستعلائهم على هدى سيدنا موسى وسيدنا هارون- عليهما السلام- استكبارا وبعد غرقهم في اليم وبعد ان تركوا جنات وعيونا وزروعا ومقاما كريما ونعمة يتبخترون فيها.
وبكاء السماء والأرض. كما ذكر سيد قطب- رحمه الله- في تفسيره «في ظلال القرآن» بأنه يلقي ظلال الهوان وظلال الجفاء، فهؤلاء الطغاة المتعالون لم يشعر بهم احد في ارض ولا سماء، ولم يأسف عليهم احد في ارض ولا سماء، وذهبوا دحورا هالكين بعد ان تجبروا في الارض وطغوا على العباد وافسدوا الخلق، ذهبوا غير مأسوف عليهم، فالكون يمقتهم لانفصالهم عنه،وهم أرواح خبيثة شريرة منبوذة من هذا الوجود.
لقد وردت قصة آل فرعون وسيدنا موسى عليه السلام في مواضيع عديدة في القرآن المجيد، ونحن لا ريب نؤمن بها ونستيقن بأحداثها وان لم نعشها.
نعم ،بكت على الحسين، السماء والأرض بكاء ما بكته على أحدٍ قبله ولا بعده من نبي أو وصي , بل أبكت مصيبته جميع أنواع المخلوقات من ملك أو فلك , جمادٍ ونبات وسائر الحيوان من إنس وجان , وأثرت فيها أثراً محسوساً مشاهداً لدى أهل ذلك العصر , وخلد لنا التاريخ ذكرذلك الأثر العظيم وتسالم عليه الجمهور من المسلمين , كخسوف القمر , وكسوف الشمس على غير مجاري العادة الطبيعية المتعارفة .
بحيث رؤيت النجوم نهاراً وكمطر السماء دماً وتراباً أحمراً وتساقط الكواكب , وظهور الحمرة في السماء وأسودادها , وتفجر الأرض دماً عبيطاً وسيلان حيطانها دماً , ونبوع الدم من الشجر , وكنوح الجن وبكائها , إلى غير ذلك من انقلاب الورق رماداً واللحم علقماً .
وهذا كله قد اتفق جمهور المسلمين على وقوعه.2 
وجاء أيضا متواتراً في أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته الأطهار , ونظمه الأدباء في تأبينهم لسيد الشهداء(عليه السلام) فقال الشيخ صالح العرندسي :
إمام بكته الإنس والجن والسما
ووحش الفلا والطير والبر 
وفي الختام نقول:
لكل من لايبكي على سيد الشهداء،مالكم لاتبكون على الإمام الحسين وقد بكته السماء؟!

1 :خواص الأمة،ص283
طبعة الغري.
[2: سورة الدخان: 29]
3: الصواعق المحرقة ص 115-118
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل شبيب الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/25



كتابة تعليق لموضوع : عندما تبكي السماء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net