صفحة الكاتب : نرجس مهدي

الحُجة والقدوة
نرجس مهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن من المناسب بين الحين والآخر بيان اشراقة من اشراقات تلك السيرة المباركة لحبيبة المصطفى (صل الله عليه وآله ) سيدة النساء ، حليفة الورع والزهد ألتي فاقت نساء عصرها في الحسب والنسب ، سليلة الفضل ، العلم والسجايا الخيرة ، غاية الجمال الخَلقي والخُلقي ، نهاية الكمال المعنوي والإنساني ، اثبتت السيدة الزهراء (عليها السلام )للعالم أجمع أنها الأنسان الكامل الذي استطاع أن يحمل طابع الانوثة فيكون آية إلهية كبرى على قدرة الله تعالى البالغة ، وإبداعه العجيب؛ 
إذ وهبها سلام الله عليها أوفى نصيباً من الجلال والبهاء .
فتعرضت هذه الريحانة النبوية بعد رحيل عزها رسول الرحمة ، إلى اضطهاد وتعسف ..
بهجوم وحرق باب دار ، كسر ضلع وإسقاط جنين ..
خرجت الى مسجد أبيها واسترسلت بخطبة بليغة دافعت عن حقها الذي أغتصبوأوضحت الحقائق ، على الرغم من كونها ثكلى بسيد من وطئ الثرى ، تلك الخطبة ألتي إن جئتها من جانب البلاغة وبديع المعاني ، فهي فوق درجات الوصف بما تشتمل عليه من أنواع المعارف العقائدية والدروس والمواعظ إنذارات وحقائق ، مما يجعلنا نغوص في بحر العلوم الذي لايدرك قعره ،
وهذه الديباجة التي يسطع منها بريق النور ..
وهذا مقطع من الخطبة المباركة :
قالت سلام الله عليها : ((...ثم جعل الثواب على طاعته ووضع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته ))

_ (ثم جعل الثواب على طاعته ) : 
أي جعل الثواب لعمل الطاعات وهذا الثواب هو من حكمة الله تعالى ، ومن الطرق التي وضعها سبحانه وتعالى لتعبد البرية وجرهم للطاعة _ وهذا من غاية لطف الله وفضله_ 
ومن أسباب أعزاز الدعوة ، ومن مظاهر قدرة الله تعالى ايضاً .
قال تعالى : ((فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة )) ...(١)

فالإنسان لايندفع نحو العمل إلا بدافعين : دافع الرغبة لجلب الخير والمنفعة ،
ودافع الرهبة وهو الخوف من المكروه ،
والإنسان لاينقاد ولايطمع إلا طمعاً في الأجر والثواب ، وخوفاً من العذاب والعقاب ، وإنطلاقاً من هذه الحكمة جعل الله تعالى الثواب وهو الأجر مع التقدير والأحترام ، جزاءً للطاعة والإنقياد .
(ووضع العقاب على معصيته)..
من اللازم وضع العقاب على المعصية ومخالفة القانون ، عقاباً مناسباً ومطابقاً للعدل ..
كما جعل الله تعالى العقاب على معصيته ، ثم إن العقاب قد يكون تكوينياً _ في الدنيا_ بنحو الآثر الوضعي او الردع الأجتماعي ، فإن المعاصي توجب تعنت الإنسان وعبطه ..
قال تعالى :(( من أعرض عن ذكري فإن له معبشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ))...(٢)
فإذا سألنا أحد : 
هل من اللازم بيان فلسفة الثواب والعقاب للناس ؟؟
فيكون الجواب : نعم
إن من اللازم بيان فلسفة الثواب والعقاب للناس ، فذلك يزيدهم إيماناً ، اعتقاداً وإلتزاماً ، وحتى بالنسبة للأبوين عند عقاب الطفل أو ثوابه ، ويرجع أن يذكر السبب حتى يكون تأثيره أكثر .

(ذيادة لعباده عن نقمته )..
إن معنى الذيادة هو الطرد والدفع والأبتعاد ..
يقال (ذاد الآبل عن الحوض ..اي ..
طردها عن الماء )
ففي المحرمات والواجبات الذيادة واجبة ، لأنها نوع من النهي عن المنكر ، تعليم وتنبيه الغافل وإرشاد الجاهل وما أشبه ذلك .
فهل يجب على المؤمن ذيادة العباد وإبعادهم عن نقمة الله تعالى ؟؟

يكون الجواب : نعم يجب ذيادة العباد ونصحهم وإبعادهم عن الأعمال التي توجب نقمة الله تعالى عقلاً ونقلاً ..
تحقيقاً لغرض المولى جل وعلا ، والروايات الدالة على ذلك كثيرة جداً ..
((فنعوذ بالله من غضب الله ونقمته))..(٣)

(وحياشة لهم إلى جنته )..

(من حاش الصيد جاءه من حواليه ليصرفه الى حباله ويسوقه إليها ليصيده )
أي جعل الثواب والعقاب لمنع العباد عن المعاصي ، وسوقهم إلى طريق الجنة ، والطريق إلى ذلك بالإطاعة وتجنب المعاصي ، فإن الكون دنيا وآخرة ..
فالمطيع مآله النعمة والجنة ، والعاصي مآله النار والنقمة ..
كما تمت هندسة الكون بحيث إن الزارع يحصد غداً ..
ومن لايزرع يبقى صفر اليدين ..
ومن يجتهد ويدرس يصبح طبيباً ومهندساً ..
ومن لايدرس يبقى جاهلاً ..
وإن كثيرا ً من الناس لايسوقه إلى الجنة وإلى النعيم المقيم إلا مايراه من العقاب على المعصية فيرتدع ، فيوفق للنعيم المقيم ..

اللهم إنا نسألك الجنة ورضاك يا أرحم الراحمين

(١)..آل عمران : ١٤٨
(٢)...طه : ١٢٤
(٣)..علل الشرائع : ص ٤٨٧


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نرجس مهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/08/08



كتابة تعليق لموضوع : الحُجة والقدوة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net