القطع والبت وإستعمال ألفاظ العموم والإطلاق والنسبة الكاملة .. الخ من مؤشرات كذب المتكلم وعدم دقّته في أحيان كثيرة أو على الأقل تبيّن حماسته وإندفاعه لفكرته وبالتالي سيكون أقرب لمجانبة الموضوعية ..
في حين نجد الحذر والدقّة والإحتياط واضحاً عند آخرين في استعمالهم لألفاظ تجعلهم في دائرة الإحتياط وإحتمال ورود الخطأ في حكمهم مبتعدين عن ألفاظ ونسب الثقة المطلقة ..!
وهذا الشيء يشمل الكاتب والباحث والمتكلّم والحاكم .. وهو مبدأ علمي وأخلاقي بنفس الوقت ، يطلق عليه البعض ( مبدأ صيانة الإحتمال ) ، فمن الأفضل أن يتدرّب عليه أحدنا حتى يكون ملَكةً وسجيّةً في كلامه لا يتكلّفه ويصبح جزءً من قوالبه اللفظية الثابتة ..
وأحسبه مبدءاً قرآنياً كذلك ، فالقرآن كلام الله تعالى ، ورغم أن الله تعالى قادر على إحصاء ذرات الهواء وقطرات الماء ( وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ كِتَٰبٗا ) النبأ ٢٩ ، إلا أننا نجد الكثير من الآيات تتكلم عن نسب تقريبية وألفاظ غير قطعية ، مثل ( ومنهم - أكثرهم - عسى - لعل - الأستثناء .. ) . بل نهى القرآن المجيد في بعض آياته عن القطع دون برهان ، قال تعالى ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلَا تَقُولُواْ لِمَنۡ أَلۡقَىٰٓ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسۡتَ مُؤۡمِنٗا تَبۡتَغُونَ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَعِندَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٞۚ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَتَبَيَّنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا ) النساء ٩٤
ولهذا يناقش علماء الأصول مسألة قطع القطّاع ومقدار حجيّة قطعه ، والقطاّع صيغة مبالغة لمن يُكثر القطع لأي سبب كان ولدواعي قد تكون ناتجة عن إضطرابات نفسية أو مغالطات عقلية ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat