الألوان في القرآن الكريم (أصفر) (ح 1)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال الله تعالى عن اللون الأصفر ومشتقاته "قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ" ﴿البقرة 69﴾ صفراء صفة، صفراء: سودا، و قيل: صفراء من الصُّفرة، فعادوا إلى جدالهم قائلين: ادع لنا ربك يوضح لنا لونها. قال: إنه يقول: إنها بقرة صفراء شديدة الصُّفْرة، تَسُرُّ مَن ينظر إليها، و "وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ" ﴿الروم 51﴾ مصفرا اسم، فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا: فرأو النبات قد اصفر وشرع في الفساد بعد الخضرة، ولئن أرسلنا على زروعهم ونباتهم ريحًا مفسدة، فرأوا نباتهم قد فسد بتلك الريح، فصار من بعد خضرته مصفرًا، لمكثوا من بعد رؤيتهم له يكفرون بالله ويجحدون نعمه، و "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ" ﴿الزمر 21﴾ ألم تر أيها الرسول أن الله أنزل من السحاب مطرًا فأدخله في الأرض، وجعله عيونًا نابعة ومياهًا جارية، ثم يُخْرج بهذا الماء زرعًا مختلفًا ألوانه وأنواعه، ثم ييبس بعد خضرته ونضارته، فتراه مصفرًا لونه، ثم يجعله حطامًا متكسِّرًا متفتتًا؟ إن في فِعْل الله ذلك لَذكرى وموعظة لأصحاب العقول السليمة، و "الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا" ﴿الحديد 20﴾ اعلموا أيها الناس أنما الحياة الدنيا لعب ولهو، تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب، وزينة تتزينون بها، وتفاخر بينكم بمتاعها، وتكاثر بالعدد في الأموال والأولاد، مثلها كمثل مطر أعجب الزُّرَّاع نباته، ثم يهيج هذا النبات فييبس، فتراه مصفرًا بعد خضرته، ثم يكون فُتاتًا يابسًا متهشمًا، وفي الآخرة عذاب شديد للكفار ومغفرة من الله ورضوان لأهل الإيمان، و "كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ" ﴿المرسلات 33﴾ صفر صفة، جِمَالَةٌ صُفْرٌ: الجمال السود، أو الجبال، أو قطع النحاس، صفر: سود، و تسمي العرب الجمال السوداء صفراً في الكثرة و التتابع، و قيل إن السود من الإبل سوادها صفرة، يقال للكافرين يوم القيامة: سيروا إلى عذاب جهنم الذي كنتم به تكذبون في الدنيا، سيروا، فاستظلوا بدخان جهنم يتفرع منه ثلاث قطع، لا يُظِل ذلك الظل من حر ذلك اليوم، ولا يدفع من حر اللهب شيئًا.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قال الله سبحانه وتعالى "وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ" (الروم 51) أولئك هم الضعفاء الحمقى فهم قبل نزول الغيث مبلسون آيسون، و بعد نزوله مستبشرون، و إذا هبت ريح صفراء في بعض الأيّام و ابتلوا مؤقتا تراهم يتصارخون و بالكفر يجأرون و يتجرءون. و كلمة مصفرا مشتقّة من الصفرة على زنة سفرة و هي لون معروف، و يعتقد أكثر المفسّرين أن الضمير في رأوه يعود على الشجر و النباتات التي تصفر و ذبل على أثر هبوب الرياح المخربة. و احتمل بعضهم أنّ الضمير يعود على السحاب، و السحاب المصفّر طبعا سحاب خفيف، و هو عادة لا يحمل قطرا، على العكس من الغيوم السود الكثيرة، فإنّها تولد الغيث و القطر. كما يعتقد بعضهم أنّ الضمير في رأوه يعود على الريح، لأنّ الرياح الطبيعية عادة لا لون فيها (فهي عديمة اللون) إلّا أن الرياح التي تهب و هي مصفرة، فهي ريح سموم و هجير، و في كثير من الأحيان تحمل معها الغبار. و هناك احتمال رابع، و هو أنّ المصفّر معناه الخالي، لأنّه كما يقول الراغب في مفرداته، يطلق على الإناء الخالي، و البطن الخالية من الطعام، و الأوردة من الدم أنّها صفر على وزن سفر، فعلى هذا يكون هذا التعبير آنف الذكر في شأن الرياح الخالية من القطر و الغيث.
منح الله تعالى الطبيعة بالوان متفاوتة حسب ذوق النفس البشرية "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ" (ق 16). عند ملاحظة تساقط أوراق الأشجار وتحول ألوانها من خضراء إلى صفراء علينا التفكر بان لكل شئ نهاية "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ" (ال عمران 190). ذكر الكاتب هادي العكيلي في موقع براثا عن اللون الأصفر: أعتبر اللون الأصفر من أشد الألوان فرحا لأنه منير للغاية ومبهج. وهذا اللون يمثل قمة التوهج والإشراق ويعد أكثر الألوان إضاءة ونورانية، لأنه لون الشمس ومصدر الضوء واهبة الحرارة والحياة والنشاط والسرور. استخدمه المصريون القدماء رمزا لآلهة الشمس والوقاية من المرض. وهو اللون المفضل للاذكياء ومن يحبه أنسان عملي وموضوعي ويحب كل شيء ينتفع منه، يمتاز بالمرح والانطلاق، مثالي، متفائل، يحب لفت الانتباه، تتناغم صفاته مع صفات هذا اللون الذي يعتبر رمزاً للضوء والثراء وقادراً على شحن صاحبه بالحيوية والابداع ويهتم صاحبه كثيراً بالافكار الجديدة ويحب التغيير والتنقل من مكان لاخر ومن بيئة الى أخرى سعياً وراء وجوه جديدة .وهو بالاساس لون التعقل والفكر والامل، والذين يحبون اللون الاصفر هم أشخاص يتمتعون بتفكير أصيل ولديهم طاقات مختلفة بمستويات متنوعة ويرغبون الخوض في مهمات ومشاريع عملية أكثر من خوضهم في الكلام غير الناضج، هم شخصيات متفائلة تستطيع أن تقيس الاحاسيس والمشاعر الجيدة والناضجة. واللون الاصفر من أجمل الالوان خاصة أذا كان فاقعاً ويوحي بالسرور والسعادة حيث ذكر في القرأن الكريم "بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ" (البقرة 69)، وذكر خمس مرات في القرأن الكريم.

الموضوع السابق ركوب المصطلحات

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat