صفحة الكاتب : الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

على ضفاف الانتظار(68)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الفتى
قال القتيبي: ليس الفَتى بمعنى الشابّ والحَدَث، إنّما هو بمعنى الكاملِ الجَزْلِ من الرجال. 
جاءَ وصفُ (الفتى) لشخصيّاتٍ ثلاثة:
الشخصية الأولى: الإمام المهدي.
إحدى الصفاتِ التي وُصِفَ بها الإمامُ المهدي في بعضِ الرواياتِ العامّيَّة هي صفة الفتى، من قبيل ما رويَ عن ابن عمر، قال: كانَ رسولُ الله جالسًا في نفرٍ من المهاجرين والأنصار وعليٌّ بن أبي طالب عن يسارِه والعبَّاسُ عن يمينه، إذ تلاقى العبَّاسُ ورجلٌ من الأنصار، فأغلظَ الأنصاري للعبَّاس، [فـ]أخذَ رسولُ الله بيدِ العبَّاس ويدِ عليٍّ، فقال: «سيخرجُ من صلبِ هذا فتىٰ يملأ الأرضَ جورًا وظلمًا، وسيخرجُ من هذا فتىٰ يملأ الأرضَ قسطًا وعدلًا، فإذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي فإنَّه يُقبِلُ من قِبَل المشرق، وهو صاحبُ راية المهدي» .
وهذه الروايةُ أطلقتِ (الفتىٰ) أيضًا علىٰ التميمي، وسيأتي توضيحه.
وبغضِّ النظرِ عن سندِ هذه الروايات، فإنَّ خروجَ الإمامِ المهدي شابًّا، هو ما وردَ في رواياتِنا أيضًا، فقد رويَ عن أبي الصلت الهروي، قالَ: قلتُ للرضا: ما علاماتُ القائمِ منكم إذا خرج؟ قال: «عَلَامَتُهُ أَنْ يَكُونَ شَيْخَ اَلسِّنِّ شَابَّ اَلمَنْظَرِ حَتَّىٰ إِنَّ اَلنَّاظِرَ إِلَيْهِ لَيَحْسَبُهُ اِبْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ دُونَهَا، وَإِنَّ مِنْ عَلَامَاتِهِ أَنْ لَا يَهْرَمَ بِمُرُورِ اَلْأَيَّامِ وَاَللَّيَالِي حَتَّىٰ يَأْتِيَهُ أَجَلُهُ» .
ولذا، فمن فِتَنِ وامتحاناتِ الظهور هو خروجُ الإمام شابًّا وهم يظنُّونه شيخًا كبيرًا، فقد رويَ عن أبي عبد الله أنَّه قال: «لَوْ قَدْ قَامَ اَلْقَائِمُ لَأَنْكَرَهُ اَلنَّاسُ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابًّا مُوفِقًا لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ قَدْ أَخَذَ اَللهُ مِيثَاقَهُ فِي اَلذَّرِّ اَلْأَوَّلِ»، وفي غيرِ هذه الرواية أنَّه قالَ: «وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ اَلْبَلِيَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ شَابًّا وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ شَيْخًا كَبِيرًا» .
الشخصية الثانية: شعيببن صالح:
نُقِلَ في وصفِ بعضِ أصحابِ الإمام المهدي أنَّ منهم: «صاحب رايته الفتىٰ التميمي الذي يقبل من المشرق» .
والظاهرُ أنَّ المقصودَ منه (شعيب بن صالح) الذي رويَ أنَّه يكونُ بين يدي الخُراساني، إذ رويَ عن أبي جعفر: «يخرجُ شابٌّ من بني هاشم بكفِّه اليُمنىٰ خالٌ، من خراسان براياتٍ سودٍ بين يديه شعيب بن صالح، يُقاتِلُ أصحابَ السفياني فيهزمهم» .
وأوضحُ منه في الدلالةِ علىٰ أنَّ المقصودَ بصاحبِ رايةِ الإمامِ المهدي الفتىٰ التميمي ما رويَ عن عمَّار بن ياسر أنَّه قالَ في رواية: «... ثمّ يخرجُ المهدي علىٰ لوائه شُعيب بن صالح...» .
وكونُ شعيب بن صالح من تميم جاءَ في الروايةِ عن أبي عبد الله في سياقِ ذكرِ دعوةِ الفتىٰ الصبيح لآلِ محمّد، وكيفَ أنَّ كنوزَ اللهِ بالطالقان تُجيبه، فقال: «ثمّ يخرجُ الفتىٰ الحسني الصبيحُ من نحوِ الديلم، فيصيحُ بصوتٍ له: يا آلَ محمّدٍ، أجيبوا الملهوفَ والمناديَ من حولِ الضريح، فتُجيبُه كنوزُ الله بالطالقان، كنوزٌ لا من ذهبٍ ولا من فضَّة، بل رجالٌ كزُبُرِ الحديد، لكأنِّي أنظرُ إليهم على البراذين الشُّهُب بأيديهم الحرابُ، يتعاوون شوقًا إلىٰ الحربِ كما تتعاوىٰ الذئاب، أميرُهم رجلٌ من تميم يُقالُ له: شعيب بن صالح» .
الشخصية الثالثة: النفس الزكية:
بعدَ أنْ يلجأَ المهديُّ إلىٰ مكّة، ويُخسَفَ بجيشِ السفياني، يُقبِلُ أصحابُ المهدي عليه ويقترحون أنْ يُعلِنَ ظهورَه ويبدأ بحركتِه المُباركة في مكّة، فيُجيبُهم بأنَّ أهلَ مكّة لا ينصـرونه، ولكن من بابِ إلقاءِ الحُجَّة، ورجاءَ هدايتِهم أو هدايةِ بعضِهم، فإنَّه يُرسِلُ بعضَ المؤمنين من خاصَّته -وهو الذي سمَّتْه الرواياتُ بالنفسِ الزكيَّة- ليدعوهم إلىٰ نُصـرته، فيطيع أمره، ويذهبُ إلىٰ مكّة، وعند بيتِ اللهِ الحرامِ يخطبُ بهم ويدعوهم لنُصـرةِ المهدي، ولكن أهلَ مكّة يقتلونه في حرمِ اللهِ الآمن، ليقترفوا بذلك أنواعًا من المعاصي في آنٍ واحد... 
فقد رويَ عن أبي جعفر أنَّه قال: «يَقُولُ اَلْقَائِمُلِأَصْحَابِهِ: يَا قَوْمِ، إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا يُرِيدُونَنِي، وَلَكِنِّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ لِأَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْبَغِي لِمِثْلِي أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ. فَيَدْعُو رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ: اِمْضِ إِلَىٰ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقُلْ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، أَنَا رَسُولُ فُلَانٍ إِلَيْكُمْ، وَهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ اَلرَّحْمَةِ، وَمَعْدِنُ اَلرِّسَالَةِ وَاَلْخِلَافَةِ، وَنَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ، وَسُلَالَةُ اَلنَّبِيِّينَ، وَإِنَّا قَدْ ظُلِمْنَا وَاُضْطُهِدْنَا وَقُهِرْنَا وَاُبْتُزَّ مِنَّا حَقُّنَا مُنْذُ قُبِضَ نَبِيُّنَا إِلَىٰ يَوْمِنَا هَذَا، فَنَحْنُ نَسْتَنْصِرُكُمْ فَانْصُرُونَا. فَإِذَا تَكَلَّمَ هَذَا اَلْفَتَىٰ بِهَذَا اَلْكَلَامِ أَتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ اَلرُّكْنِ وَاَلمَقَامِ، وَهِيَ اَلنَّفْسُ اَلزَّكِيَّةُ...» .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/12/20



كتابة تعليق لموضوع : على ضفاف الانتظار(68)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net