مفردات ولادة السيد المسيح عليه السلام في القرآن الكريم (المخاض)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن مخاض "فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" ﴿مريم 23﴾ الْمَخَاضُ: الْ اداة تعريف، مَخَاضُ اسم، المَخَاضُ: الطلق الذي ينتاب المرأة حال الولادة، فأجاءها المخاض: فألجأها و اضطرّها وجع الولادة. فألجأها طَلْقُ الحمل إلى جذع النخلة فقالت: يا ليتني متُّ قبل هذا اليوم، وكنت شيئًا لا يُعْرَف، ولا يُذْكَر، ولا يُدْرَى مَن أنا؟ عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله سبحانه "فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" (مريم 23) "فأجاءَها" جاءَ بها "المخاض" وجع الولادة "إلى جذع النخلة" لتعتمد عليه فولدت والحمل والتصوير والولادة في ساعة، "قالت يا" للتنبيه "ليتني متُّ قبل هذا" الأمر، "وكنت نسيا منسيا" شيئا متروكا لا يعرف ولا يذكر. وجاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (مخض) "المخاض" (مريم 23) تمخض الولد في بطن أمه أي تحركه للخروج. وقوله تعالى "فأجاءها المخاض" (مريم 23) أي جاة بها، ويقال ألجأها.
الفرق بين المعجزة والكرامة ان كليهما عمل خارق فوق العادة ولكن المعجزة للأنبياء و الكرامة للأولياء. فمعاجز عيسى عليه السلام كثيرة منها حمله وولادته. وعندما جاء مريم عليها السلام المخاض لا يوجد احد يساعدها على الولادة ويأمرها الله ان تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الناضج ويتحرك الوليد في بطنها "فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا" (مريم 23) ويقوي التمر الحامل، ويساعد على سرعة خروج الطفل من بطن امه خلال المخاض. ويزيد من حليب المرضع. ان وفر الله تعالى لمريم عليها السلام نخلة لتتقوى على جذعها في المخاض وتأكل من رطبها عند ولادة السيد المسيح عليه السلام "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا" ﴿مريم 25﴾ بِجِذْعِ: بِ حرف جر، جِذْعِ اسم، وحَرِّكي جذع النخلة تُسَاقِطْ عليك رطبًا غَضًّا جُنِيَ مِن ساعته.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا" (مريم 23) "فَأَجَاءَهَا " أي: ألجأها الطلق أي: وجع الولادة "إلى جذع النخلة" فالتجأت إليها لتستند إليها عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وقيل: أجاءها أي: جاء بها قال ابن عباس: نظرت مريم إلى أكمة فصعدت مسرعة إليها فإذا عليها جذع نخلة نخرة ليس لها سعف والجذع ساق النخلة والألف واللام دخلت للعهد لا للجنس أي: النخلة المعروفة. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله سبحانه "فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا" (مريم 23) المخاض الطلق ومقدمات الولادة، وأجاءها بمعنى جاء بها، والأصل جاء، ثم دخلت همزة التعدية فصارت أجاءها مثل أجلسه وأنامه. قال الرازي: (أجاء منقول من جاء إلا أن استعماله تغير إلى معنى الإلجاء) وعليه يكون المعنى ان المخاض ألجأها إلى جذع النخلة لتستند إليه طلبا لتيسير الولادة.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل "فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا" (مريم 23) الإجاءة إفعال من جاء يقال: أجاءه وجاء به بمعنى وهو في الآية كناية عن الدفع والإلجاء، والمخاض والطلق وجع الولادة، وجذع النخلة ساقها، والنسي بفتح النون وكسرها كالوتر والوتر هو الشيء الحقير الذي من شأنه أن ينسى، والمعنى أنها لما اعتزلت من قومها في مكان بعيد منهم دفعها وألجأها الطلق إلى جذع نخلة كان هناك لوضع حملها والتعبير بجذع النخلة دون النخلة مشعر بكونها يابسة غير مخضرة. عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عزت قدرته "فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا" (مريم 23) ومع أن النساء يلجأن عادة في مثل هذه الحالة إِلى المعارف والأصدقاء ليساعدوهّن على الولادة، إِلاّ أن وضع مريم لما كان استثنائياً، ولم تكن تريد أن يرى أحد وضع حملها مطلقاً، فإِنّها اتّخذت طريق الصحراء بمجرّد أن بدأ ألم الولادة. إِنّ التعبير بجذع النخلة، وبملاحظة أن الجذع يعني بدن الشجرة، يوحي بأنّه لم يبق من تلك الشجرة إِلاّ جذعها وبدنها، أي إِنّ الشجرة كانت يابسة. في هذا الحال غمر كل وجود مريم الطاهر سيل من الغم والحزن، وأحسست بأنّ اللحظة التي كانت تخشاها قد حانت، اللحظة التي مهما أخفيت فإِنّها ستتضح هناك، وسيتجه نحوها سيل سهام الإِتهام التي سيرشقها بها الناس.
جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا" (مريم 23) وجذع النخلة: ساقها الذي تقوم عليه. ى: وبعد أن حملت مريم بعيسى، وابتعدت به وهو محمول في بطنها عن قومها، وحان وقت ولادتها. ألجأها المخاض إلى جذع النخلة لتتكئ عليه عند الولادة. قوله تعالى "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا" (مريم 25) والباء في قوله بِجِذْعِ مزيدة للتوكيد، لأن فعل الهز يتعدى بنفسه. أى: وحركي نحوك أو جهة اليمين أو الشمال جذع النخلة "تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً" (مريم 25) وهو ما نضج واستوى من الثمر"جَنِيًّا" أى: صالحا للأخذ والاجتناء "فَكُلِي" من ذلك الرطب"وَاشْرَبِي" من ذلك السرى،"وَقَرِّي عَيْناً" أى: طيبي نفسا بوجودى تحتك، واطردى عنك الأحزان. ورحم الله القائل: ألم تر أن الله قال لمريم * وهزي إليك الجذع يساقط الرطب ولو شاء أن تجنيه من غير هزه * جنته، ولكن كل شيء له سبب. كما أخذوا منها أن خير ما تأكله المرأة بعد ولادتها الرطب، قالوا: لأنه لو كان شيء أحسن للنفساء من الرطب لأطمعه الله تعالى لمريم. والمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر. قال عكرمة: ثمانية أشهر. وعن ابن عباس أنه قال: لم يكن إلا أن حملت فوضعت، وهذا غريب، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى: "فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا * فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ" (مريم 22-23) فالفاء وإن كانت للتعقيب، لكن تعقيب كل شيء بحسبه. فالمشهور الظاهر والله على كل شيء قدير أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن. والفاء في قوله تعالى: "فَحَمَلَتْهُ" هي الفصيحة أى: وبعد أن قال جبريل لمريم إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا، نفخ فيها فحملته، أى: عيسى، فانتبذت به، أى: فتنحت به وهو في بطنها "مَكاناً قَصِيًّا" أى: إلى مكان بعيد عن المكان الذي يسكنه أهلها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat