صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

اشارات قرآنية من كتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد الموسوي (ح 2)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


تنشر كل مجموعة من حلقات هذه السلسلة في أحد المواقع.
جاء في کتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد اسلام الموسوي: عن مبيت الامام علي عليه السلام في فراش الرسول صلى الله عليه و آله يقول السيد اسلام الموسوي: ولما علم عليٌّ عليه‌ السلام بتخطيط قريش لاغتيال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بكى، ورحَّب بالمبيت في فراشه فداءً له وللإسلام وقال له: (أو تَسْلَم أنت يارسول الله إن فديتك بنفسي)؟ قال له صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (نعم، بذلك وعدني ربِّي) فانشرح صدره لسلامة أخيه رسول الله. وشاءت الأقدار أن يفتح عليُّ بن أبي طالب عليه‌ السلام صفحةً مشرقةً من بطولاته لأنَّه تلميذ الرسالة الحقَّة وربيب رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم، وسليل بني هاشم، وتقدّم مطمئن النفس، رابط الجأش، متَّشحاً ببرد الرسول الحضرمي، ونام ثابت الفؤاد لا يخاف في الله لومة لائم. وكان ذلك سبباً لنجاة رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وحفظ دمه، ولولا فداء أمير المؤمنين نفسه للرسول لما تمَّ تبليغ الرسالة والصدع بأمر الله تعالى. فلمَّا كانت العتمة اجتمعوا على بابه يرصدونه، وودَّع رسول الله عليَّ ابن أبي طالب عليه‌ السلام، وأمره أن يؤدِّي ما عنده من وديعة وأمانة إلى أهلها ويلحق به. وفي بعض الروايات: أنَّه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم خرج فأخذ حفنةً من تراب، فجعله على رؤوسهم، وهو يتلو هذه الآيات من "يسَ * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ" (يس 1-2) إلى قوله: "فَهُمْ لأ يُبْصِرُون" (يس 9) ثمَّ انصرف فلم يروه. هكذا، فإنّ القوم أحاطوا بالدار، وهم من فتيان قريش الاشداء، وجعلوا يرصدونه ليتأكَّدوا من وجوده، فرأوا رجلاً قد نام في فراشه التحف ببرد له أخضر. أمَّا رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم فقد خرج في الثلث الأخير من الليل من الدار، وكان قد اختبأ في مكان منها، وانطلق جنوباً إلى غار ثور، وكمن فيه ومعه أبو بكر، فأقاما فيه ثلاثاً. ولمَّا حان الوقت الذي عيَّنوه لهجومهم على الدار، هجموا عليها، فوثب عليٌّ عليه‌ السلام من فراشه، ففرُّوا بين يديه حين عرفوه. وسأل الرهط عليَّاً: أين ابن عمِّك؟ قال: (أمرتموه بالخروج فخرج عنكم)، وقيل: إنَّه قال: (لا علم لي به). وأخرج اليعقوبي وابن الأثير وغيرهما: أنَّ الله عزَّ وجلَّ أوحى في تلك الليلة إلى جبرئيل وميكائيل أنِّي قضيت على أحدكما بالموت، فأيِّكما يواسي صاحبه؟ فاختار الحياة كلاهما، فأوحى الله إليهما: هلأَ كنتما كعليِّ بن أبي طالب. آخيت بينه وبين محمَّد، وجعلت عمر أحدهما أكثر من الآخر، فاختار عليٌّ الموت وآثر محمَّداً بالبقاء وقام في مضجعه، اهبطا فاحفظاه من عدوِّه. فهبط جبرئيل وميكائيل فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه يحرسانه من عدوِّه، ويصرفان عنه الحجارة، وجبريل يقول: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب مَن مثلك يباهي الله بك ملائكة سبع سموات. ولم يشرك أمير المؤمنين عليه‌ السلام في هذه المنقبة أحد من أهل الإسلام، ولا اختصَّ بنظير لها على حال، وفيه نزل قوله تعالى في هذه المناسبة: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد" (البقرة 207). وذكرها الرازي في تفسيره أنَّها نزلت بشأن مبيت عليٍّ عليه‌ السلام على فراش رسول الله.
يقول السيد اسلام الموسوي في كتابه: في سيرة ابن إسحاق، وسيرة ابن هشام: آخى رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بين المهاجرين والأنصار فقال: (تآخوا في الله أخوين أخوين) ثُمَّ أخذ بيد الإمام علي عليِّ بن أبي طالب فقال: (هذا أخي) فكان رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم سيِّد المرسلين وإمام المتَّقين ورسول ربِّ العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعليُّ ابن أبي طالب رضي الله عنه أخوين. أمَّا ابن حجر العسقلاني فذكر حديث المؤاخاة بنصِّ: (لمَّا آخى النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بين أصحابه قال له (لعليِّ بن أبي طالب): (أنت أخي)). وعن عباد بن عبدالله، عن عليٍّ عليه‌ السلام قال: (أنا عبدالله وأخو رسوله، وأنا الصدِّيق الأكبر لا يقولها بعدي الا كذَّاب). رواه النسائي في خصائصه 3: 18، والمتَّقي في كنز العمَّال 9: 394، كما رواه السيوطي في تفسير قوله عزَّ وجلَّ: "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله" (الانفال 72).
وعن تزويج علي من فاطمة عليهما السلام يقول السيد الموسوي في كتابه: خطبة النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في التزويج: عن أنس بن مالك أنَّ النبيَّ، قال له: (انطلق وادع لي أبا بكر وعمر وعُثمان وطلحة والزبير، وبعدَّتهم من الأنصار)، قال فانطلقت فدعوتهم، فلمَّا أخذوا مجالسهم قال صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع لسلطانه، المهروب إليه من عذابه، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، ونيرهم بأحكامه، وأعزَّهم بدينه، وأكرمهم بنبيِّه محمَّد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم. إنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل المصاهرة نسباً لاحقاً، وأمراً مفترضاً، وحكماً عادلاً، وخيراً جامعاً، أوشج بها الأرحام، وألزمها الأنام. فقال الله عزَّ وجلَّ: "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً" (الفرقان 54)، وأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، ولكلِّ أجلٍ كتاب "يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَاب" (الرعد 39) ثُمَّ إنَّ الله تعالى أمرني أن أُزوِّج فاطمة من عليٍّ، وأُشهدكم أنِّي زوَّجت فاطمة من عليٍّ على أربعمائة مثقال فضة، إن رضي بذلك على السنة القائمة والفريضة الواجبة، فجمع الله شملهما وبارك لهما وأطاب نسلهما، وجعل نسلهما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأمن الأُمَّة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم). قال أنس: وكان عليٌّ عليه‌ السلام غائباً في حاجةٍ لرسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قد بعثه فيها ثُمَّ أمر لنا بطبق فيه تمر، فوضع بين أيدينا، فقال: (انتبهوا)، فبينما نحن كذلك إذ أقبل عليٌّ، فتبسَّم إليه رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وقال: (يا علي إنَّ الله أمرني أن أُزوِّجك فاطمة، وإنِّي زوَّجتكما على أربعمائة مثقال فضَّة)، فقال عليٌّ عليه‌ السلام: (رضيت يا رسول الله) ثُمَّ إنَّ عليَّاً عليه‌ السلام خرَّ ساجداً شكراً لله، فلمَّا رفع رأسه قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (بارك الله لكما وعليكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيِّب).
وعن غزوة بدر الكبرى يقول السيد اسلم الموسوي: وهي أول معركة يحارب فيها الإمام عليٌّ عليه‌ السلام كما أنَّ معركة بدر هي أول حروب نبيُّ الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم. استبشرت لقتال محمَّد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وخرجت بجيش قوامه ألف رجل ـ على أصحِّ التقادير ـ وأخرجوا معهم القيان والدفوف، وبلغت النبيَّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم أخبارها واستعدادها للقتال، فاستشار أصحابه في الأمر وأحبَّ أن يكونوا على بصيرة من أمرهم، فوقف عمر بن الخطَّاب يحذِّره من قريش، إذ يقول: والله إنَّها ما ذلَّت منذ عزَّت، ولا آمنت منذ كفرت، والله لا تسلِّم عزَّها أبداً ولتقاتلك، فتأهَّب لذلك أهبته وأعدَّ له عدَّته. ووقف بعده المقداد فقال: يا رسول الله امضِ لأمر الله فنحن معك، ولا نقول لك، كما قالت بنو اسرائيل لموسى: "فَاذْهَبْ أنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلأ إنَّا هَا هُنَا قَاعِدُون" (المائدة 24)، بل نقول لك: اذهب أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكم مقاتلون، والذي بعثك بالحقِّ لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك، فدعا له رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم. ومضى نبيُّ الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في طريقه إلى بدر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وقيل بأقل من ذلك، منهم من المهاجرين واحد وثمانون، ومن الأنصار مائتان واثنان وثلاثون رجلاً، وكان معهم فرسان وسبعون بعيراً، فبعث عليَّاً عليه‌ السلام وسعد بن أبي وقَّاص وبسبس بن عمرو يتجسَّسون له الأخبار، وقال: (أرجو أن تجدوا الخبر عند القليب التي تلي هذا الضريب) فاندفعوا باتجاهه فوجدوا على القليب روايا قريش، فأسروا ثلاثة منهم، واستطاع الفرار رجل اسمه عجير فأخبر قريشاً، بخبر محمَّد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وأصحابه. وقبل أن يقع القتال أنزل الله على نبيِّه: "وَإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا" (الانفال 61) فوقف رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بين الطرفين يخاطب قريشاً بأُسلوب يلهب المشاعر: (ارجعوا، فلأن يلي هذا الأمر منِّي غيركم أحبُّ إليَّ من أن تلوه أنتم).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/01/30


  أحدث مشاركات الكاتب :

    •  كلمات متقاربة اللفظ مختلفة المعنى في القرآن الكريم (أسرى، سريا)  (المقالات)

    • ضرر الفساد في أمثلة (ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين) (ح 33)  (المقالات)

    • اشارات قرآنية من كتاب باب الحوائج الإمام الكاظم للدكتور الحاج حسن (ح 4)  (المقالات)

    • اشارات قرآنية من كتاب باب الحوائج الإمام الكاظم للدكتور الحاج حسن (ح 3)  (المقالات)

    • أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 204)  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : اشارات قرآنية من كتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد الموسوي (ح 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net