صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

آيات قرآنية من كتاب المهدي للمؤلف محمد بن اسماعيل من أبناء العامة (ح 3)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كل حلقة من هذه السلسلة تنشر في أحد المواقع.
جاء في كتاب المهدي حقيقة لاخرافة للمؤلف محمد بن اسماعيل: ما اشتهر عن الصحابة و السلف من الشهادة على اللّه و على رسوله بموجب هذه الأخبار، و لا شك أنهم لا يشهدون بما لا يعتقدون صحته. و قد قال تعالى: "وَ كَذََلِكَ جَعَلْنََاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً، لِتَكُونُوا شُهَدََاءَ عَلَى اَلنََّاسِ وَ يَكُونَ اَلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً" (البقرة 143). فوصفهم بأنهم وسط أي عدول خيار، و بأنهم يشهدون على الناس، أي بأن اللّه أمرهم بكذا، و فرض كذا، و بلغهم دينه و أزال عذرهم. ثم هم ينقلون آثار نبيهم التي أمرهم بإثباتها، و يشهدون بكونها من دينه، و قد قرؤا قوله تعالى: "إِلاََّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ" (الزخرف 86) فشهادتهم بهذه الأخبار عن نبيهم توجب صدقهم و اليقين بما قالوه لما عرف من عدالتهم، و تورعهم عما فيه شك أو تردد. قوله تعالى: "فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاََ تَعْلَمُونَ" (النحل 43). و قوله تعالى: "فَلَوْ لاََ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طََائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ، وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذََا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" (التوبة 122) و لو لا أن جواب أهل الذكر، و إنذار الطائفة قومها يفيد العلم لما أمر به، فإن أهل الذكر يعم ما لو كان واحدا، و الطائفة تعم الواحد، و الإنذار هو الإعلام بما يفيد العلم ليحصل الحذر. ما تواتر عن النبى صلى اللّه عليه و على آله و سلم من بعثه الآحاد إلى أطراف البلاد، ليبلغوا عنه ما أمره اللّه بتبليغه من الدين، و ليعلموهم شرائع اللّه. و لو لا أن أخبارهم تفيد العلم لم يحصل البلاغ، و لحصل التوقف من المدعوين، و لم ينقل أن أحدا منهم قال لمن علّمه شيئا من الدين، أو طلب منه جزية، أو زكاة أو نحوها: إن خبرك لا يفيد العلم، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت. و قد اكتفى صلى اللّه عليه و على آله و سلم بتبليغهم عنه، و تعليمهم ما أمر اللّه به. و قد حصل بذلك تبليغ الرسالة الذي كلفه اللّه به بقوله: "بَلِّغْ مََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (المائدة 67) و نحوها منه و من رسله و أتباعه بعده، و بذلك قامت حجة اللّه على الخلق، و محال أن يحصل البلاغ بما فيه شك أو توهم. أن اللّه أمر برد ما يحصل فيه النزاع إليه و إلى رسوله في قوله تعالى: "فَإِنْ تَنََازَعْتُمْ فِي شَيْ‌ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللََّهِ وَ اَلرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللََّهِ وَ اَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ" (النساء 59). و قال تعالى: "فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخََالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ" (النور 63) و الرد إلى الرسول هو الرد إليه في حياته، و إلى سنته بعد وفاته، و لو كانت سنته إنما تفيد الظن، لم ينفصل النزاع بالرد إليها. و من المعلوم أن أكثر أحاديث الرسول صلى اللّه عليه و على آله و سلم إنما رويت آحادية، و لم يزل سلف الأمة و من تبعهم يتحاكمون إليها امتثالا لهذا الأمر، و يجعلونها فاصلة للنزاع بينهم، و يرضون بها حكما، و يشتد إنكارهم على من امتنع عن قبولها، و يخوفونه بالفتنة و العذاب الأليم الذي توعد اللّه به من خالف أمر رسوله صلى اللّه عليه و على آله و سلم، و لو كان أمره الوارد في هذه الأخبار لا يفيد يقينا لكان المخالف له معذورا عندهم و هو خلاف الإجماع كما تقدم. قوله تعالى: "وَ مََا أَرْسَلْنََا قَبْلَكَ إِلاََّ رِجََالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ، فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاََ تَعْلَمُونَ" (الانبياء 7). و وجه الدلالة منها أنه أمر بسؤال أهل الذكر عن الرسل و دعوتهم، و ما أوحى إلى كل منهم، و كونهم من جنس البشر، و هذا من أكبر الأصول، فقد أمر من لا يعلم ذلك أن يسأل أهل الذكر، و لو لم يجد إلا واحدا منهم، و لا بد أن جواب المسئول يكتفى به و يلزم اعتقاده. والشبهة التي تقول: (نظرنا فى أحاديث المهدى فلم نجد منها حديثا واحدا في الصحيحين، و لا يصح الاحتجاج بحديث فى غير الصحيحين إلا إذا كان له أصل فيهما، أو فى أحدهما). و جواب هذا من وجوه: أحدها: أن دعوى خلو الصحيحين من حديث واحد فى شأن المهدى غير صحيحة، بل فيهما ما يشير إلى المهدى بدون ذكر لفظة (المهدى)، و قد وردت روايات صحيحة خارج الصحيحين تصرح بزيادة على ما فيهما كما سبق ذكره‌ ، و زيادة الثقة مقبولة عند علماء الحديث‌. كما أنه ينبغى ألا نعزل النصوص عن شرح العلماء الراسخين و فهمهم لها، و قد سبق ذكر من حمل أحاديث الصحيحين المشار إليها آنفا على المهدىّ نفسه مثل الحافظ أبى الحسن الآبرى، و حكاه عنه القرطبى، و الحافظ ابن حجر، و السخاوى، و السيوطى، و الزرقانى، و غيرهم، و أقروه عليه، و إليه أيضا ذهب الطيبى، و أبو داود، و ابن كثير، و ابن القيم، و ابن حجر الهيتمى، و الكشميرى، و محمد صديق خان، و محمد بن جعفر الكتانى. الثانى: أن أحدا من أهل العلم لم يقل إن عدم إيراد الحديث فى الصحيحين يدل على ضعفه عندهما، فقاعدة: (لا يصح الاحتجاج بحديث فى غير الصحيحين إلا إذا كان له أصل فيهما، أو فى أحدهما)، قاعدة محدثة مبتدعة لم يقل بها أحد من السلف، بل صرح الأئمة بما فيهم الشيخان البخارى و مسلم بما ينقض دعوى الاقتصار على الصحيحين من أساسها كما سنبين إن شاء اللّه.
وعن ليس ما لم يرد في الصحيحين من أحاديث غير صحيح يقول محمد بن اسماعيل في كتابه: الحديث الدال على أن نسمة المؤمن طائر يعلق فى شجر الجنة، لم يرد فى الصحيحين‌، و قد اعتقد الناس موجبه، و استدلوا به، و أورده شارح (الطحاوية) و غيره، و أورده الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: وَ لاََ تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللََّهِ أَمْوََاتاً" (ال عمران 169) الآية، و قال: و هو بإسناد صحيح عزيز عظيم، اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبوعة فإن الإمام أحمد رحمه اللّه رواه عن محمد بن إدريس الشافعى رحمه اللّه عن مالك بن أنس الأصبحى رحمه اللّه عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه رضى اللّه عنه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و على آله و سلم: (نسمة المؤمن طائر يعلق فى شجر الجنة حتى يرجعه اللّه إلى جسده يوم يبعثه) و نسأل اللّه الذى جمعهم فى سند هذا الحديث أن يجمع أرواحهم فيما يقتضيه متنه، و إيانا بمنه و كرمه.
وعن شبهات عقلية سقيمة يقول محمد بن اسماعيل في كتابه المهدي حقيقة لاخرافة: و هى قولهم: (التصديق بخروج المهدى من القضايا النظرية فى الدين التى لا يترتب عليها عمل، و ما يفيدنى فى دينى إذا صدقت به؟و ماذا يضيرنى إن كذبت به؟). و الجواب بمعونة الملك الوهاب: إن هذه الأمور العلمية الخبرية، و التى تسمونها (الجانب النظرى من الدين)، و التى أخبر بها الوحى يلزم تصديقها و اعتقادها، لأنها أصل الدين، و لب الإسلام، و جوهر التوحيد، و لذا سمى الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه اللّه الأوراق التى جمعها فى التوحيد (الفقه الأكبر) لأنه كذلك بالنسبة لفقه الفروع العملية. و هذه الأمور هى فى الحقيقة عملية تناط بالقلب، و عمل القلب فيها التصديق، المنافى للتكذيب، و اليقين الخالى من شائبة الشك و الريب، قال تعالى: "وَ لََكِنْ يُؤََاخِذُكُمْ بِمََا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ" (البقرة 225). أن الإيمان بأشراط الساعة من مقتضيات الإيمان بالغيب، و عليه فمن الإيمان. بالغيب الإيمان بما أخبر به النبى صلى اللّه عليه و على آله و سلم عن المهدى الذى يخرج فى آخر الزمان، و قد قال تعالى: وَ مََا آتََاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" (الحشر 7) و قد جعل اللّه عز و جل أمر التصديق بالأخبار الغيبية فتنة و محنة لعباده ليميز الخبيث من الطيّب، قال تعالى: "الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)" (العنكبوت 1-3). و قال عز و جل: "وَ مََا جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْنََاكَ إِلاََّ فِتْنَةً لِلنََّاسِ وَ اَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ" (الاسراء 60). و قال تبارك و تعالى: "وَ مََا جَعَلْنََا أَصْحََابَ اَلنََّارِ إِلاََّ مَلاََئِكَةً، وَ مََا جَعَلْنََا عِدَّتَهُمْ إِلاََّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتََابَ وَ يَزْدََادَ اَلَّذِينَ آمَنُوا إِيمََاناً وَ لاََ يَرْتََابَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتََابَ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ لِيَقُولَ اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ اَلْكََافِرُونَ مََا ذََا أَرََادَ اَللََّهُ بِهََذََا مَثَلاً" (المدثر 31). قال ابن القيم: (فهذا تصوير لحال القلوب عند ورود الحق المنزل عليها: قلب يفتتن به كفرا و جحودا، و قلب يزداد به إيمانا و تصديقا، و قلب يتيقنه فتقوم عليه به الحجة، و قلب يوجب له حيرة و عمى فلا يدرى ما يراد به). و قال سبحانه و تعالى: "وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى‌ََ عَلَى اَللََّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمََّا جََاءَهُ" (العنكبوت 68) الآية، و قال عز و جل: "فَلْيَحْذَرِ اَلَّذِينَ يُخََالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذََابٌ أَلِيمٌ" (النور 63) و أىّ فتنة أعظم من أن يخبر الصادق المصدوق الذى لا ينطق عن الهوى صلى اللّه عليه و على آله و سلم بخبر، فيقول من ينتسب إلى دينه: (ماذا يفيدنى إن صدقت به، و ماذا يضيرنى إن كذبت؟)، على أنه يضيرك أن تكذب بخبر المعصوم صلى اللّه عليه و على آله و سلم على الوجوه التى تقدمت، و يفيدك فى خصال كثيرة: منها زيادة إيمانك بمزيد التصديق، و ارتفاع وصف الجهالة عنك، و محبة أهل الحق و موالاتهم، و الحمية من الشبهات التى قد تلم بك كما ألمت بغيرك فلم يملك لها دفعا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/02/25


  أحدث مشاركات الكاتب :

    •  كلمات متقاربة اللفظ مختلفة المعنى في القرآن الكريم (أسرى، سريا)  (المقالات)

    • ضرر الفساد في أمثلة (ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين) (ح 33)  (المقالات)

    • اشارات قرآنية من كتاب باب الحوائج الإمام الكاظم للدكتور الحاج حسن (ح 4)  (المقالات)

    • اشارات قرآنية من كتاب باب الحوائج الإمام الكاظم للدكتور الحاج حسن (ح 3)  (المقالات)

    • أحاديث نبوية متداولة في مصادر أتباع أهل البيت (ح 204)  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : آيات قرآنية من كتاب المهدي للمؤلف محمد بن اسماعيل من أبناء العامة (ح 3)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net