صفحة الكاتب : جبار عبد الزهره

الثورة ورجالها
جبار عبد الزهره

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ذات يوم وفي أيام فتوتي سمعت احدهم يقول ولا ادري هل القول له او نقله عن آخر  :- الثورة تأكل رجالها كما تأكل النار الحطب 0

 ومنذ ذلك الوقت عرفت ان درب الحرية يتم تعبيده بدماء الثوار وابنائهم واحفادهم ( كما حصل لأبناء اسماعيل هنية واطفالهم الذين استشهدوا بغارة إسرائيلية ظالمة على سيارتهم يوم الأربعاء الماضي ) فالثورة تعني بناء صرح حياتي جميل وزاهي وسعيد للجيل الحاضر والعمل على وضع الأساس القوي لمستقبل زاهر للآجيال القادمة رغم ان الثمن باهض ولكنه لا يوازي الثمن الذي يقدمه الفلسطينيون اليوم على طريق نيل حريتهم من الإحتلال واستعادة ارضهم المغتصبة منه 0     

والشعب الفلسطيني بمختلف فئاته العمرية وشتى انتماْآته الدينية والإجتنماعية فرضت عليه ظروف احتلال ارضه وارتكاب المجازر بحقه وتشريده منها من قبل المحتل منذ الأيام الأولى للإحتلال أن يتحول الى شعب ثوري على مستوى الرجل والمرأة والطفل وحتى الشيخ وان يسلك الطريق الثورية بمحتلف انواع المواجهه العسكرية والثقافية والفكرية على مستوى الكفاح الآيديولوجي والنضال الثقافي وعلى مستوى المواجهة الفكرية وعلى مستوى الجهاد العسكري 0

لذلك كان هذا الشعب ثائرا بمعنى الكلمة ومتكامل الصفات الثورية وقد دخل ساحات المواجه مع العدو المحتل وعلى كل جبهاتها بكل اقتدار ثوري وبكل عنفوان كفاحي من اجل استعادة حقوقه في ارضه التي اغتصبها منه بالقوة الغاشمة وبمساعدة للاستعمار الكولنيالي البريطاني في بداية تأسيسه وبدعم متواصل اليوم من قبل امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وكافة الدول الأوربية على مستوى الإنتماء الأوربي وعلى مستوى  التحالف والتكتل المتمثل بالأنتماء الى حلف شمال الأطلسي (الناتو) وهذا يوفر لإسرائيل اليوم دعما متعدد الأوجه  بمختلف اشكال الحاجات والسلع والبضائع وهي امكانات دعم هائلة وضخمة وياتي في المقدمة منها مختلف انواع الاسلحة المتطورة والفتاكة وآلاف الأطنان من الذخيرة 0

ورغم كل ذلك الدعم  فإن اسرائيل فشلت في تحقيق أي هدف من اهدافها التي اعلنتها خلال هجومها البري والجوي والبحري على غزة منذ ستة اشهر ردا على عملية طوفان الأقصىفي 7 اكتوبر من العام الماضي والتي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية من حماس وفصائل المقاومة الأسلامية الاخرى وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة غويتريتش في تقييمه لهذه العملية على انها لم تأت من فراغ فاسرائيل اعتدت على الشعب الفلسطيني وصادرت ارضه وسلامة امنه في العيش بامن واستقرار أي ان الرجل اعترف بمشروعية عملية الطوفان التي ادانتها دول التطبيع  مع اسرائيل ودول التبرهم معها واعني  دول العربية دون سواها 0

واللافت للنظر ان اسرائيل لم تلجأ الى عمليات الأغتيال ضد قادة حماس البارزين الاّ بعد فترة من اجتياحها البري لغزة والذي فسره بعض المحللين والمراقبين لمسار الحرب على انه دليل على فشل اسرائيل في تحقيق اهدافها من الحرب 0

إن سياسة الدفاع  عن الأمن القومي الإسرائيلي تعتمد من الناحية العسكرية على اربعة ركائز وهي باختصار :- الإنذار المبكر والردع والدفاع والحسم السريع 0

ومن اهم الركائز التي اعتمدتها اسرائيل في حربها في غزة هي ركيزة الردع والتي كانت تعول عليها اسرائيل كثيرا في اجبار المقاومة الفلسطينية على الإستسلام لذلك هاجمت المجتمع المدني الغزاوي بضراوة حتى وصلت الخسائر البشرية الى اكثر من مائة شهيد ومصاب معظمهم من النساء والأطفال ناهيك عن تدمير المساكن والمساجد والمستشفيات فضلا عن مقومات البنية التحتية0

ولكن يبدو ان اسرائيل ايضا رأت ان  الردع بالفضائع الذي ذكرته اعلاه لم يكن ناجعا ولم يكن مجديا لأن المقاتل الفلسطيني مسلح بالايدولوجية النضالية وهو مفعم بالروح الثورية المتشربة في دمه ومجرى روحه وبحماس لا يوقف مده أي ضغط تجويعي  او دموي او تخريبي او غيره من مقومات ما يسمى بـ (الردع  بالفضائع ) لتخويف وردع من يقف في موجه اسرائيل من الفلسطينيين 0

لم تنجح المقومات الإجرامية الإسرائيلية للردع بالفضائع فضطرها ذلك الى اللجوء الى الإنتقام فاغتالت ابناء هنية الثلاثة مع اربعة اطفال لهم وهم مجموعة مدنية في سيارة مدنية خصوصية عزلاء من أي سلاح وقد رفضت الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية قبل غيرها من وسائل الإعلام العالمية والاقليمية الذريعة الإسرائيلية بنيتهم القيام بعمل ارهابي ومنها صحيفة  "هآرتس" العبرية التي فندت ، الخميس، ادعاء إسرائيل بأن أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، كانوا بطريقهم لتنفيذ "نشاط إرهابي"، معتبرة أن تلك المزاعم "غير مقبولة".           

وفي مقال تحليلي في صحيفة "هآرتس"، قال مسؤول الشؤون الفلسطينية بالصحيفة جاكي خوري، إن ادعاء إسرائيل بأن أبناء هنية كانوا بطريقهم لتنفيذ نشاط إرهابي "لا يقبله حتى معارضو حماس، خاصة وأن أطفالهم كانوا معهم 0

انه دليل على حالة الإحباط النفسي الذي تعاني منه القيادتين السياسية والعسكرية لإسرائيل ففتشت في اوراق اعمالها الإجرامية فلم تجد امامها سوى الإنتقام من قادة حماس  بعوائلهم من الإبناء والاطفال 0

إن رجلا ثوريا مثل اسماعيل هنية الذي اختار طريق الكفاح والنضال من اجل استعادة تراب الوطن المحتل وقيام الدولة الفلسطينية لا تهزه ولا تأخذ من عزيمته مثقال ذرة عملية اغتيال ابنائه واحفاده بغارة اسرائيلية جبانة وإنما تشكل منعطفا حماسيا جديدا له في مقامه الثوري نحو الإصرار على مواصلة الكفاح من اجل تحرير كامل تراب فلسطين من المحتل 0

وكل القادة الأحرارلا تفت في عزيمتهم الثورية العمليات الإنتقامية التي ينفذها ضدهم اعدائهم بشكل غير مباشر من خلال تنفيذها باسرهم على مستوى الأبناء والأحفاد او الأخوة والأخوات وغيرهم  من الأقارب وهذا ما يدل عليه تصريح اسماعيل هنية بعد ان تلقى خبر استشهاد ابنائه الثلاثة واحفاده الأربعة بغارة اسرائيلية جبانة فقد نقلت عنه وسائل اعلام قوله ( بهذه الآلام والدماء نصنع الآمال والمستقبل والحرية لشعبنا وقضيتنا. أبنائي الشهداء حازوا شرف الزمان، وشرف المكان، وشرف الخاتمة ) 0

بقي ان اقول انه في هذه الشهادة المشرفة ردا على المتخرصين الذين قالوا ان هنية هرَّب ابناءه الى الخارج فقد تركهم مشروعا للشهادة فالطريق الثورية لا يمكن تعبيدها إلّا بدماء الثوار وابنائهم واحفادهم لكي يواصل بقية الثوار سيرهم عليها نحو تحقيق الحرية والانعتاق 0


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جبار عبد الزهره
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/04/13



كتابة تعليق لموضوع : الثورة ورجالها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net