آيات قرآنية من كتاب المهدي للمؤلف محمد بن اسماعيل من أبناء العامة (ح 2)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جاء في كتاب المهدي حقيقة لاخرافة للمؤلف محمد بن اسماعيل: أن صلاة عيسى خلف المهدى ثابتة فى عدة أحاديث بإخبار رسول اللّه صلى اللّه عليه و على آله و سلم و هو الصادق المصدوق الذى لا ينطق عن الهوى "إِنْ هُوَ إِلاََّ وَحْيٌ يُوحىََ" (النجم 4) و قد تقدم ذكرها. و أدلة حجية السنة الشريفة أظهر و أشهر من أن نوردها فى هذا المقام، لكن نشير إلى أهم عيونها: قال اللّه عز و جل فى حق رسوله صلى اللّه عليه و على آله و سلم: "وَ مََا يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوىََ * إِنْ هُوَ إِلاََّ وَحْيٌ يُوحىََ" (النجم 3-4)، و قال تبارك و تعالى: "وَ أَنْزَلْنََا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنََّاسِ مََا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" (النحل 44) الآية. قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه اللّه: (فصحّ أن كلام رسول اللّه صلى اللّه عليه و على آله و سلم كله فى الدين وحى من عند اللّه عز و جل لا شك فى ذلك) و صح عنه صلى اللّه عليه و على آله و سلم أنه قال: (ألا إنى أوتيت الكتاب و مثله معه)، و هذا هو السنة بلا شك، و قال تعالى: "وَ أَنْزَلَ اَللََّهُ عَلَيْكَ اَلْكِتََابَ وَ اَلْحِكْمَةَ" (النساء 113) الآية، و قال تعالى: "وَ اُذْكُرْنَ مََا يُتْلىََ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيََاتِ اَللََّهِ وَ اَلْحِكْمَةِ" (الاحزاب 34) الآية. قال ابن القيم رحمه اللّه: (و الكتاب هو القرآن، و الحكمة هى السنة باتفاق السلف، و ما أخبر به الرسول صلى اللّه عليه و على آله و سلم عن اللّه سبحانه فهو فى وجوب تصديقه و الإيمان به كما أخبر به الرب تعالى على لسان رسوله صلى اللّه عليه و على آله و سلم، هذا أصل متفق عليه بين أهل الإسلام، لا ينكره إلا من ليس منهم). عن عبد الرحمن بن يزيد أنه رأى محرما يحج، و عليه ثيابه، فقال: ائتنى بآية من كتاب اللّه تنزع ثيابى، قال: فقرأ عليه: "وَ مََا آتََاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" (الحشر 7) و ثبت عن ابن مسعود رضى اللّه عنه أن امرأة جاءت إليه فقالت له أنت الذى تقول: (لعن اللّه النامصات و المتنمصات و الواشمات) الحديث؟ قال: نعم، قالت: فإنى قرأت كتاب اللّه من أوّله إلى آخره فلم أجد فيه ما تقول، فقال لها: إن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: "وَ مََا آتََاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مََا نَهََاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" (الحشر 7)؟ قالت: بلى، قال: «فقد سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و على آله و سلم يقول: (لعن اللّه النامصات) ) فكأن القوم قد كذبوا بالقرآن أيضا لأن القرآن ألزمنا بطاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و على آله و سلم مطلقا، و قال أيوب السّختيانى: (إذا حدثت الرجل بسنة، فقال: (دعنا من هذا، و أنبئنا عن القرآن)، فاعلم أنه ضال).
وعن هل فى القرآن إشارة إلى المهدى؟ يقول محمد بتن اسماعيل: حكى بعض المفسرين ما يفيد أن هناك إشارة إلى المهدى ضمن حكايتهم وجوه تفسير قوله تعالى: "لَهُمْ فِي اَلدُّنْيََا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ عَذََابٌ عَظِيمٌ" (البقرة 114) فقال إمام المفسرين ابن جرير الطبرى رحمه اللّه. (حدثنا موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط عن السدى قوله: لَهُمْ فِي اَلدُّنْيََا خِزْيٌ أما خزيهم فى الدنيا فإنهم إذا قام «المهدى» ، و فتحت القسطنطينية، قتلهم، فذلك الخزى، و أما العذاب العظيم فإنه عذاب جهنم الذى لا يخفف عن أهله، و لا يقضى عليهم فيها فيموتوا). و حكى القرطبى عن قتادة و السدى: (الخزى لهم فى الدنيا قيام المهدى، و فتح عمورية و رومية و قسطنطينية و غير ذلك من مدنهم على ما ذكرناه فى كتاب (التذكرة). و حكى ابن كثير عن السدى و عكرمة و وائل بن داود أنهم فسّروا الخزى فى الدنيا (بخروج المهدى) ، و صحّح أن الخزى فى الدنيا أعم من ذلك كله، و قال الشوكانى فى تفسيره: (فتح القدير): (أما خزيهم فى الدنيا: فإنه إذا قام المهدى، و فتحت القسطنطينية قتلهم، فذلك الخزى) و قال الشيخ سيد الشبلنجى فى (نور الأبصار): (قال مقاتل بن سليمان و من تابعه من المفسرين فى تفسير قوله تعالى: "وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسََّاعَةِ" (الزخرف 61) قال: (هو المهدى يكون فى آخر الزمان، و بعد خروجه تكون أمارات الساعة و قيامها) تنبيه: ليس المقصود بذكر هاتين الإشارتين الاستدلال، و لكن الاستئناس.
يقول محمد بن اسماعيل في كتابه عن الحكمة: أن الحكمة التى هى سنة النبى صلى اللّه عليه و على آله و سلم بمنزلة القرآن، في كونها وحيا منزلا من اللّه، كما في قوله تعالى: "وَ أَنْزَلَ اَللََّهُ عَلَيْكَ اَلْكِتََابَ وَ اَلْحِكْمَةَ" (النساء 113) و حيث إن السنة مما يتلى على الأمة ليعملوا بما فيها كالقرآن، لقوله تعالى: "وَ اُذْكُرْنَ مََا يُتْلىََ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيََاتِ اَللََّهِ وَ اَلْحِكْمَةِ" (الاحزاب 34) و أنها من الشرع المنزل كالقرآن، لقوله صلى اللّه عليه و على آله و سلم: (أوتيت القرآن و مثله معه) فإن كل ذلك و نحوه يؤكد أن لهذه الأخبار النبوية حكم الشرع، من حفظ اللّه و حمايته، لتقوم حجته على العباد، لقوله تعالى: إِنََّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنََّا لَهُ لَحََافِظُونَ" (الحجر 9). فلا بد أن تكون السنة داخلة فى اسم الذكر الذي تكفل اللّه بحفظه، فمن جعلها ظنية الثبوت أجاز أن تكون فى نفس الأمر كذبا مع نسبتها إلى شرع اللّه، و أجاز أن يكون قد دخلها التغيير و التبديل و التحويل مما كانت عليه، و الزيادة، النقص و النسيان و الإهمال و نحو ذلك، و لا شك أن فى هذا تكذيبا للّه في خبره بحفظها، ثم هو وصف له بما لا يليق بحكمته و عدله من إضاعة دينه، و تضليل عباده، و غير ذلك مما يتعالى عنه جلاله و كبرياؤه سبحانه. أن أغلب أحاديث السنة جاءت مكملة و مبينة للأصول المذكورة في القرآن الذي أجمل اللّه فيه أغلب الأحكام، و وكل إيضاحها و تمثيلها إلى نبيه صلى اللّه عليه و على آله و سلم، بل كلفه بذلك حيث قال: "وَ أَنْزَلْنََا إِلَيْكَ اَلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنََّاسِ مََا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" (النحل 44)، و كذلك أمره بتعليم الناس و الحكم بينهم، حيث قال: "لِتَحْكُمَ بَيْنَ اَلنََّاسِ بِمََا أَرََاكَ اَللََّهُ" (النساء 105). كما أمره بإبلاغ ما أنزله إليه بما فيه السنة بقوله: "بَلِّغْ مََا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (المائدة 67).
وعن الظن يقول المؤلف محمد بن اسماعيل: الدليل السمعي المتفق عليه، و هو ما في القرآن من ذم أهل التخرص و الظن، و النهى عن القول على اللّه بلا علم، كقوله تعالى: "وَ لاََ تَقْفُ مََا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ" (الاسراء 36)، و قوله: "قُلْ إِنَّمََا حَرَّمَ رَبِّيَ اَلْفَوََاحِشَ مََا ظَهَرَ مِنْهََا وَ مََا بَطَنَ، وَ اَلْإِثْمَ وَ اَلْبَغْيَ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ، وَ أَنْ تُشْرِكُوا بِاللََّهِ مََا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطََاناً، وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللََّهِ مََا لاََ تَعْلَمُونَ" (الاعراف 33) و قوله تعالى: "قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنََا، إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ، وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلاََّ تَخْرُصُونَ" (الانعام 148) و قوله: "وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اَللََّهِ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ، وَ إِنْ هُمْ إِلاََّ يَخْرُصُونَ" (الانعام 116). و قوله: "إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ، وَ مََا تَهْوَى اَلْأَنْفُسُ، وَ لَقَدْ جََاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ اَلْهُدىََ" (النجم 23) و قوله: "وَ مََا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ وَ إِنَّ اَلظَّنَّ لاََ يُغْنِي مِنَ اَلْحَقِّ شَيْئاً" (النجم 28). و قوله: "وَ مََا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاََّ ظَنًّا، إِنَّ اَلظَّنَّ لاََ يُغْنِي مِنَ اَلْحَقِّ شَيْئاً، إِنَّ اَللََّهَ عَلِيمٌ بِمََا يَفْعَلُونَ" (يونس 36). و قوله: حكاية عن الذين كفروا، على وجه الذم لهم: "إِنْ نَظُنُّ إِلاََّ ظَنًّا، وَ مََا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ" (الجاثية 32) و أمثال هذه الآيات كثير. لقد تضمنت هذه الآيات النهي عن القول على اللّه في دينه بلا علم، و عن اتباع الإنسان ما ليس له به علم، و النهي عن التعبد بموجب الظن و ما تهواه النفس، و أخبر أن هذا الظن ليس من الحق في شيء. و ما زال المسلمون في كل زمان و مكان يفتون بموجب هذه النصوص، و إن كانت آحادا، و يحلون بها أشياء، و يحرمون أشياء، و يعاقبون على تركها، و لو كانت إنما تفيد الظن عندهم لدخلوا تحت قوله تعالى: "وَ لاََ تَقُولُوا لِمََا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ اَلْكَذِبَ هََذََا حَلاََلٌ وَ هََذََا حَرََامٌ، لِتَفْتَرُوا عَلَى اَللََّهِ اَلْكَذِبَ" (النحل 116). فالقائلون بأنها ظنية و يجب العمل بها، يلزمهم القول بأن اللّه أمر بما نهى عنه، و ما ذمه في هذه الآيات، حيث أوجب أن نحكم في دينه و شرعه بأدلة متوهمة، و قد نهانا عن التخرص في الدين، و أخبر أنه خلاف الهدى الذي جاءهم من ربهم، و إذا فلا فرق بين أهل الظن و بين أولئك المشركين الذين قال اللّه فيهم: "إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلاََّ تَخْرُصُونَ" (الانعام 148) و قد نهى اللّه نبيه عليه الصلاة و السلام أن يقفو ما ليس له به علم، بل جعل القول عليه بلا علم في منزلة فوق الشرك، كما في آية المحرمات في سورة الأعراف، حيث ترقى من الأسهل إلى الأشد، فبدأ بالفواحش، ثم بالإثم و هو أشد، ثم بالبغي و هو أعظم من الإثم، و بعده الشرك أشد منه، ثم القول على اللّه بلا علم، فأي ذم أبلغ من هذا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat