قصة النبي موسى مع الخضر عليهما السلام (2)
محمد فرج الله الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد فرج الله الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لماذا أمرَ اللهُ النبيَّ موسى بالتعلم من الخضر عليهما السلام
في رواية سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَقَالَ: إنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيباً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ اَلنَّاسِ أَعْلَمُ ؟ قَالَ: أَنَا !!! فَعَتَبَ اَللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يُرِدِ اَلْعِلْمَ إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ لِي عَبْداً، بِمَجْمَعِ اَلْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ .(تفسير كنز الدقائق ج٨ص١٢١).
الأنبياء أمروا بالتواضع إلى الناس وحسن المعاشرة معهم والتذلل في ذات الله ، بما آتاهم الله تعالى من فضله في العلم والمكانة السامية التي وضعهم فيها ، وإلاّ إذا لم يتواضعوا لأدخلهم الشيطان في العُجب وهذه الصفة شيطانية بحتة .
لأن إبليس لعنه الله أول من أُعْجبَ بنفسه وبعبادته لله سبحانه وتعالى فاستعلى واستكبر وعصى ربه في السجود ، ظنا منه أنه أفضل من آدم ، فأخرجه ذلك من رحمة الله .
وآفة العلم العُجب كما ورد عن أهل البيت عليهم السلام ، فالإنسان إذا دخل في نفسه العُجب نفذَ إبليسُ إلى قلبه ، عندها سيرى نفسه أعلى من غيره فيستعلي ، وإذا استعلى طغى ، وهذا ماحذرنا الله تعالى منه.
فمن غير الصحيح الإعتقاد أن نفس النبي موسى عليه السلام قد أدخلها العُجب وهو المنزّه عن مثل هذه الصّفة .
ربما كان ذلك مجرد خيال خاطف - إن صحت هذه الرواية - والله العالم ، وبما أنه نبي مرسل ومنزّه كان الأمر الإلهي لموسى يستلزم كشف العلم لدى الخضر عليهما السلام ، فشاءت الرحمة الإلهية في أن يصطحب موسى العبد الصالح الخضر ويتعلم منه العلم الذي لم يكن يعلمه ، وبهذا يتضح لموسى بعد ذلك أنه مهما بلغ علمه فهو بحاجة إلى علم غيره .
فالنبي يوسف عليه السلام عندما كان في سجن مصر ، وقد أُفرِجَ عن أحد صاحبيه ، طلب منه أن يذكره عند الملك في براءته من التهمة التي لفقتها زليخا عليه .
لكن ... وبما أنه نبي مرسل وأن قلبه لاينشغل عن مناجاة الإله ولايغفل عنه في جميع أحواله وأطواره ، إذ أن طلبه للملك هوغفلة قد يكون زمنها بمقدار نطق الكلمة والله العالم ؛ فكان ذلك سببا في تأخير يوسف في السجن لبضع سنين ؛ والسبب كي لا ينشغل قلبه عن الله طرفة عين في مواضع أخرى ، ولايرجو ولايطلب من غيره سبحانه ، فقد يكون اختبار موسى مشابهاً لهذا الأمر، مع الفارق في الحالتين ؛ ففي الأولى حال العلم عند موسى ؛ وفي الثانية حال الطلب عند يوسف عليهما السلام.
من هو الخضر عليه السلام :
عنِ الإمام اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ:
إِنَّ اَلْخَضِرَعَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ نَبِيّاً مُرْسَلاً بَعَثَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى قَوْمِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَ اَلْإِقْرَارِ بِأَنْبِيَائِهِ وَ رُسُلِهِ وَ كُتُبِهِ وَ كَانَتْ آيَتُهُ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَجْلِسُ عَلَى خَشَبَةٍ يَابِسَةٍ وَ لاَ أَرْضٍ بَيْضَاءَ إِلاَّ أَزْهَرَتْ خُضْراً وَ إِنَّمَا سُمِّيَ اَلْخَضِرِ لِذَلِكَ وَ كَانَ اِسْمُهُ تَالِيا بْنُ مَلَكَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ .( بحار الأنوار ج۱۳ ص٢٨٦) .
وعَنِ اِبْنِ فَضَّالٍ عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: إِنَّ اَلْخَضِرَ شَرِبَ مِنْ مَاءِ اَلْحَيَاةِ فَهُوَ حَيٌّ لاَيَمُوتُ حَتَّى يُنْفَخَ فِي اَلصُّورِ وَإِنَّهُ لَيَأْتِينَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْنَا فَنَسْمَعُ صَوْتَهُ وَلاَ نَرَى شَخْصَهُ وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ حَيْثُ ذُكِرَ فَمَنْ ذَكَرَهُ مِنْكُمْ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَيَحْضُرُ اَلْمَوَاسِمَ فَيَقْضِي جَمِيعَ اَلْمَنَاسِكِ وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ فَيُؤَمِّنُ عَلَى دُعَاءِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَسَيُؤْنِسُ اَللَّهُ بِهِ وَحْشَةَ قَائِمِنَا فِي غَيْبَتِهِ وَيَصِلُ بِهِ وَحْدَتَهُ . ( بحار الأنوار ج۱۳ ص۲۹۹) .
فقد أمَدّ الله بعمر الخضر في هذه الحياة الدنيا ، وقد عاش زمان الأنبياء من بعده حتى يومنا هذا.
وإنه سيشهد ذلك اليوم الذي ينتظره المؤمنون بظهور المنقذ من آل محمد عليهم السلام - الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه – وسيصلي هو والنبي عيسى خلفه عليهم السلام.
الروايات بين إثبات نبوته من عدمها متضاربة ، وهل كان مرسلا أم أنه عبد صالح حباه الله تعالى بهذا العلم ؟
الله سبحانه وتعالى وحده العالم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat