صفحة الكاتب : صفاء علي حميد

الحمد لله رب العالمين
صفاء علي حميد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

القرآن في اي كلمة يوردها تحتاج الى بحث طويل وسرد مطول بمعنى لا يمكن الاختصار فيها ابداً بل الاطناب هو الشيء البارز حينما تطرق الى القرآن وآياته لذلك ترى اغلب كتب التفسير هي طويلة وذات أجزاء متعددة ..!

ومع كثرة التفاسير المكتوبة يحتار المرء ايهما يختار ومن اي عنوان ينطلق في فهم الآيات ... أنا اختصر كل هذا العدد الهائل واهتم فقط في ميزان الطباطبائي وامثل مكارم الشيرازي واعتقد انهما يجعلان المرء يفهم القرآن فهماً عالياً جداً ...!

نعم الاطلاع على غيرها مفيد ولا ضير فيه لكن التوسع له اهله وناسه ومريدي ...!

عموماً في هذه الآية الحمد لله رب العالمين يكتب صاحب الأمثل ما نصه ( ولفهم عمق هذه العبارة و عظمتها يلزمنا توضيح الفرق بين «الحمد» و «المدح» و «الشكر» و النتائج المترتبة على ذلك:

١- «الحمد» في اللغة: الثناء على عمل أو صفة طيبة مكتسبة عن اختيار، أي حينما يؤدي شخص عملا طيّبا عن وعي، أو يكتسب عن اختيار صفة تؤهله لأعمال الخير فإنّنا نحمده و نثني عليه.

و «المدح» هو الثناء بشكل عام، سواء كان لأمر اختياري أو غير اختياري، كمد حنا جوهرة ثمينة جميلة. و مفهوم المدح عام، بينما مفهوم الحمد خاص.

أمّا مفهوم «الشكر» فأخصّ من الاثنين، و يقتصر على ما نبديه تجاه نعمة تغدق علينا من منعم عن إختيار.

و لو علمنا أنّ الألف و اللام في (الحمد) هي لاستغراق الجنس، لعلمنا أنّ كل حمد و ثناء يختص باللّه سبحانه دون سواه.

ثناؤنا على الآخرين ينطلق من ثنائنا عليه تعالى، لأنّ مواهب الواهبين كالأنبياء في هدايتهم للبشر، و المعلمين في تعليمهم، و الكرماء في بذلهم و عطائهم، و الأطباء في علاجهم للمرضى و تطبيبهم للمصابين، إنّما هي في الأصل من ذاته المقدسة. و بعبارة اخرى: حمد هؤلاء هو حمد للّه، و الثناء عليهم ثناء على اللّه تعالى.

و هكذا الشمس حين تغدق علينا بأشعتها، و السحب بأمطارها، و الأرض ببركاتها، كلّ ذلك منه سبحانه، و لذلك فكلّ الحمد له.

و بكلمة أخرى: جملة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ إشارة إلى توحيد الذات، و الصفات، و الأفعال (تأمّل بدقة).

٢- وصف (اللّه) بأنّه (ربّ العالمين) هو من قبيل ذكر الدليل بعد ذكر الادعاء، و كأنّ سائلا يقول: لم كان حمد للّه؟ فيأتي الجواب: لأنّه (رب العالمين).

و في موقع آخر يقول القرآن عن الباري سبحانه: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ ...

و يقول أيضا: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها.

٣- يستفاد من (الحمد) أن اللّه سبحانه واهب النعم عن إرادة و إختيار، خلافا لأولئك القائلين إنّ اللّه تعالى مجبر على أن يفيض بالعطاء كالشمس!! ٤- جدير بالذكر أن الحمد ليس بداية كل عمل فحسب، بل هو نهاية كل عمل أيضا كما يعلمنا القرآن.

يقول سبحانه عن أهل الجنة: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ، وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏.

٥- أما كلمة «ربّ» ففي الأصل بمعنى مالك و صاحب الشي‏ء الذي يهتم بتربيته وإصلاحه. و كلمة «ربيبة» و هي بنت الزوجة، و مأخوذة من هذا المفهوم للكلمة. لأن الربيبة تعيش تحت رعاية زوج أمّها.

و الكلمة بلفظها المطلق تعني ربّ العالمين، و إذا أطلقت على غير اللّه لزم أن تضاف، كأن نقول: ربّ الدار، و ربّ السفينة.

و ذكر صاحب تفسير (مجمع البيان) معنى آخر للرب، و هو السيد المطاع، و لكن لا يبعد أن يعود المعنيان إلى أصل واحد.

٦- كلمة «عالمين» جمع «عالم»، و العالم: مجموعة من الموجودات المختلفة ذات صفات مشتركة، أو ذات زمان و مكان مشتركين، كأن نقول: عالم الإنسان، و عالم الحيوان، و عالم النبات. أو نقول عالم الشرق و عالم الغرب، و عالم اليوم، و عالم الأمس. فكلمة العالم وحدها تتضمن معنى الجمع، و حين تجمع بصيغة «عالمين»، فيقصد منها كل مجموعات هذا العالم ) انتهى ...

هل بعد ذلك يصح ان اذهب الى الطباطبائي لأرى ما كتبه في الميزان ...؟ لا بأس لأرى ماذا كتب هناك عن آية الحمد لله رب العالمين !

العلامة الطباطبائي عظيم جداً وتفسيره اكثر من رائع ومن يطالعه يفهم القرآن وينصهر بالآيات بشكل عجيب ...!

يقول ما نصه ( البراهين العقلية ناهضة على أن استقلال المعلول و كل شأن من شئونه إنما هو بالعلة، و أن كل ما له من كمال فهو من أظلال وجود علته، فلو كان للحسن والجمال حقيقة في الوجود فكماله واستقلاله للواجب تعالى لأنه العلة التي ينتهي إليه جميع العلل، و الثناء و الحمد هو إظهار موجود ما بوجوده كمال موجود آخر وهو لا محالة علته و إذا كان كل كمال ينتهي إليه تعالى فحقيقة كل ثناء و حمد تعود وتنتهي إليه تعالى، فالحمد لله رب العالمين ) ...!

واخر ما نقول لله تبارك وتعالى يا ربنا الحمد لك انك الرحمن الرحيم بلسان وحال وعقل ما تريده انت وبالنفسية التي تحبها انت وليس كاتب السطور الجاني المذنب ...!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صفاء علي حميد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/09/13


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • الرحمن الرحيم  (المقالات)

    • مقالات في موقع كتابات في الميزان  (المكتبة الالكترونية)

    • ردا على القاضي منير حداد واتهامه لامريكا بخذلان حلفاءها وبيان حقيقة الموقف الامريكي من شخصيات ذكرها  (اراء لكتابها )

    • يا عبد الفتاح السيسي ما شأنك وتقسيم العراق ؟؟؟ أم أنك تخشى أن تزول أوهامكم في تمصير العراق ؟؟؟ !!!  (المقالات)

    • في ذكرى استشهاد محمد باقر الصدر لابد لنا من تصحيح الأفكار حتى لا نخدع ونسير خلف إناس لا هم لهم سوى تصنيم العراق الواحد  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : الحمد لله رب العالمين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net