ضرر الفساد في أمثلة (اني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (ح 27)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وزعت بلدية مدينة أراضي مخصصة حدائق عامة بالتصميم الأساس لتكون قطع سكنية نتيجة ضغط أحد أعضاء مجلس النواب على رئيس البلدية للأستفادة من أن ساكني هذه القطع سيصوتون له في الانتخابات القادمة، مع العلم أن عدد الحدائق مع ملاعبها خمسة كل حديقة مساحتها 10 آلاف متر مربع. ومعدل مساحة كل قطعة أرض سكنية مع الشوارع 200 متر مربع، وسوف يسكن في كل مسكن معدل خمسة أشخاص بالغين يحق لهم الانتخاب. كم عدد الناخبين من ساكني القطع السكنية سيصوتون لهذا النائب في الجولة القادمة اذا كان 80 بالمائة منهم سيذهبون إلى صناديق الانتخاب؟
مجموع مساحة الحدائق الخمسة = عددها × مساحة كل حديقة = 5 × 10000 = 50000 متر مربع. عدد المساكن بضمنها الشوارع = مساحة الحدائق / معدل مساحة كل مسكن مع الشوارع المحيطة = 50000 / 200 = 250. عدد الأشخاص البالغين في المساكن = 250 × 5 = 1250. عدد الاشخاص المتوقع المصوتين للنائب في الانتخابات القادمة 80% من البالغين الذين سيسكنون المساكن = 80/100 × 1250 = 1000 ناخب مما قد يغير الموازين لصالحة. وبعد التحقيق مع مدير البلدية عندما تبين للجنة التحقيق تغيير من أرض مخصصة كحدائق خضراء وملاعب للأطفال والشباب الى أراضي سكنية كان المفروض أختيار مواقع اخرى مخصصة للسكن. وتبين أن النائب وعد مدير البلدية أن يسانده ليكون محافظا في دورة الانتخابات القادمة.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى عن الفساد "إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" (غافر 26) "إني أخاف أن يبدل دينكم" إن لم أقتله وهوما تعتقدونه من إلهيتي "أو أن يظهر في الأرض الفساد" بأن يتبعه قوم ويحتاج إلى أن نقاتله فيخرب فيما بين ذلك البلاد ويظهر الفساد وقيل إن الفساد عند فرعون أن يعمل بطاعة الله عن قتادة فلما قال فرعون هذا استعاذ موسى بربه. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى عن الفساد "إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" (غافر 26) فرعون مصلح لأنه يقول: أنا ربكم الأعلى. وما علمت لكم من إله غيري.. وموسى مفسد لأنه يدعو إلى تحرير الإنسان من عبادة الإنسان.. ولا بدع فهذا هو بالذات منطق الجبابرة الطغاة في كل زمان ومكان.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى عن الفساد "إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" (غافر 26) تعليل لما عزم عليه من القتل وقد ذكر أنه يخافه عليهم من جهة دينهم ومن جهة دنياهم، أما من جهة دينهم – وهو عبادة الأصنام - فأن يبدله ويضع موضعه عبادة الله وحده، وأما من جهة دنياهم فكأن يعظم أمره ويتقوى جانبه ويكثر متبعوه فيتظاهروا بالتمرد والمخالفة فيئول الأمر إلى المشاجرة والقتال وانسلاب الأمن.
جاء في معاني القرآن الكريم: فسد الفساد: خروج الشيء عن الاعتدال، قليلا كان الخروج عنه أو كثيرا، ويضاده الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس، والبدن، والأشياء الخارجة عن الاستقامة، يقال: فسد فسادا وفسودا (انظر: الأفعال 4/18)، وأفسده غيره. قال تعالى: "لفسدت السموات والأرض" (المؤمنون 71)، "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" (الأنبياء 22)، "ظهر الفساد في البر والبحر" (الروم 41)، "والله لا يحب الفساد" (البقرة 205)، "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض" (البقرة 11)، "ألا إنهم هم المفسدون" (البقرة 12)، "ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل" (البقرة 205)، "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" (النمل 34)، "إن الله لا يصلح عمل المفسدين" (يونس 81)، "والله يعلم المفسد من المصلح" (البقرة 220).
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن الفساد "إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" (غافر 26) وقد استدل فرعون على تصميمه في قتل موسىعليه السلام بدليلين، الأوّل ذو طابع ديني ومعنوي، والآخر ذو طابع دنيوي ومادي، فقال الأول، كما يحكي القرآن ذلك: (إنّي أخاف أن يبدّل دينكم). وفي الثّاني: "أو أن يظهر في الأرض الفساد". فإذا سكتّ أناوكففت عن قتله، فسيظهر دين موسى وينفذ في أعماق قلوب أهل مصر، وستتبدل عبادة الأصنام التي تحفظ منافعكم ووحدتكم; وإذا سكتّ اليوم فإنّ الزمن كفيل بزيادة أنصار موسى عليه السلام وأتباعه، وهو أمرٌ تصعب معه مجاهدته في المستقبل، إذ ستجر الخصومة والصراع معه إلى إراقة الدماء والفساد وشيوع القلق في البلاد، لذا فالمصلحة تقتضي أن أقتله أسرع ما يمكن. بالطبع، لم يكن فرعون يقصد من الدين شيئاً سوى عبادته أو عبادة الأصنام، وهذا الأسلوب في استخدام لباس الدين واسمه وتبنّي شعاراته، يستهدف منه السلطان (فرعون) تحذير الناس وتجهيلهم من خلال إعطاء طابع الدين على مواقفه وكيانه وسلطته. أمّا الفساد فهومن وجهة نظر فرعون يعني الثورة ضدّ استكبار فرعون من أجل تحرير عامّة العباد، ومحو آثار عبادة الأصنام، وإحياء معالم التوحيد، وتشييد الحياة على أساسها. إنّ استخدام لباس الدين ورفع شعاراته، وكذلك (التدليس) على المصلحين بالإتهامات، هما من الأساليب التي يعتمد هما الظلمة والطغاة في كلّ عصر ومصر، وعالمنا اليوم يموج بالأمثلة على ما نقول.
بين الله خطورة تولي الرعية شخص فاسد مثل والي او حاكم فاسد "وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا" (البقرة 205)، و"فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ" (ال عمران 63)، و"قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا" (النمل 34)، و"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ" (محمد 22). الحاكم من بدايته اذا سعى او بتعبير اخر اراد الفساد على الرعاية ان يقفوا ضده قبل ان يستفحل في الفساد"وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا" (البقرة 205). ربط الله تعالى الفساد بالارض في ايات عديدة منها"وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ" (الرعد 25). و"لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ" (الاسراء 4) وربما يتكرر الفساد من الشخص او المجموعة اكثر من مرة. و (الكهف 94)، و"وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ" (المؤمنون 71) لم يذكر الفساد في السماوات الا قليلا، و"الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ" (الشعراء 152)، و"وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ" (النمل 48). و"وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77) وعليك ان لا تبغي الفساد في الارض. و"نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا" (القصص 83)، و"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41)، و"أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ" (ص 28)، و"إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" (غافر 26)، و"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ" (محمد 22). ومن الادعية القرآنية على المفسدين"اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" (الاعراف 142)، و"إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ" (يونس 81) والله يبطل عمل المفسدين بالدعاء عليهم. و"قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ" (العنكبوت 30).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat