لكل إمام من أئمة أهل البيت عليهم السلام منهج إصلاحي قائم على المنهج الرسالي المحمدي، يضع اللبنات الأساسية في عملية الإصلاح والمعرفة، و(الصحيفة السجادية) تعمل على تحويل الفكر إلى نتاج سلوكي، ومن الطبيعي أن يتأثر توظيف هذا الفكر بنوعيه الحياة، سماحة السيد أحمد الصافي في كتابه المصابيح يؤكد على وجود موازنة صعبة جدا في بناء الإنسان لكونه لبنة في بناء المجتمع ولهذا الفكر أسس منهجية لرؤية العلاقة بين الفكر والمجتمع، ودلالات تؤكد رؤية العالم عبر الانتماء الحقيقي إلى الدين وأساليب التفاعل الفكري مع المجتمع
المطلب الفكري الأول (تزكية النفس)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ألا يكون محتوى التفاعل نظريا على مستوى النصيحة الإنشائية، بل عودنا الأئمة عليهم السلام أن يبدأوا بأنفسهم أولا، عندما يدعو الإمام لمنقبة، أو الابتعاد عن مثلبة، فهو يتقبل المنقبة على نفسه أولا، يتحملها ويبثها ويعرف بها بين الناس وتكون هذه المنقبة هوية الإمام عليه السلام في واقع مجتمعه، وهذه أولى مهام الإصلاح أن يكون الداعية مصلحا حقيقيا في كل المواقف، له معرفة بالمتغيرات الروحية والفكرية ويجيد قراءة مواطن الخلل، وينتهي الإمام عليه السلام عن المثلبة التي ينهي الناس عنها.
إذا تأملنا في دعاء الإمام زين العابدين (وأعزني ولا تبتلني بالكبر) قراءة العلاقة بين الإمام عليه السلام، والواقع، والفكر المعصوم هو منظومة متكاملة استمدت فاعليتها من كتاب الله سبحانه وتعالى والسنة النبوية المطهرة، وعملت على بناء المجتمع، تعرض الواقع السياسي إلى نماذج فكرية لها انحرافاتها، وعملت الفئة الحاكمة على تغيير تلك المنظومة، وإعادة قراءة الفكر الديني بطريقة استغلال الفقر المعرفي وعزل الكفاءات الفكرية، وسط هذه الرواسب الفكرية نهضت قيادات المنظومة الفكرية بكل أبعادها لمواجهة الانحراف، أول تلك الانحرافات هي إذلال الإنسان وغرور السلطة، يبدأ الإمام عليه السلام مشروعه الإصلاحي من منطلق حياته ثم الناس.
المطلب الفكري الثاني (رفض الرذيلة)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كل شيء يتعلق بالمجتمع الإسلامي هو جزء من الهم العام الذي يحتاج إلى الفكر الإصلاحي بمعنى تفاعل الإمام عليه السلام مع هموم المجتمع وصياغتها إلى دعاء ليكون المحور التفاعلي هو إرادة الله سبحانه وتعالى وينتج أثر الدعاء تحصين الوعي، والإيمان، عندما يصل الإنسان إلى مرحله الشعور بالعزة الحقيقية فالخشية أن تقترن مشاعر العزة بالكبر والغرور وأن يتحول الاعتداد بالنفس إلى أن يرى نفسه أفضل من الآخرين.
علماء النفس ينظرون إلى التفكير الديني كعلم من أهم علوم الاجتماع لارتباطه بعملية إنتاج السلوك الاجتماعي، بمعنى أن الإمام عليه السلام يعلمنا إن العزة مطلوبة لكن لا بد أن يحصن الإنسان نفسه من الرذائل
المطلب الفكري الثالث (فهم فلسفه الابتلاء)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فهم كل متطلبات الرؤية في فكر أهل البيت عليهم السلام، قضية صعبة كونها تمتلك وثاقات مهمة بين الفكر والإيمان، إذا ترسخ الأيمان في مجتمع سهل عليه عمليه التطوير الفكري والمعرفي، ورسّخ القيم الأخلاقية والتربوية ليكون محصنا روحيا ضد تعاليم أي دين سلطوي يخدم الأغراض السياسية للطامحين للسيطرة على إرادة الحياة الاجتماعية.
الابتلاء يقول علماء الاخلاق تارة يكون بشيء حسن الانتظار(الشكر) وتارة يبتلي الإنسان بشيء غير حسن بالانتظار (الصبر) صفات المؤمن بين حالتين من غير المعلوم أن الإنسان في حالة الابتلاء يستطيع أن يصبر كما أنه من غير المتيقن أنه إذا ابتلى بنعم قد يشكر.
ومن الرسائل المهمة التي أكد عليها الإمام زين العابدين عليه السلام أن كل نعمة ينعمها الله تبارك وتعالى علينا تحتاج إلى شكر وكل بليه من الله سبحانه وتعالى تحتاج إلى صبر، ويمكن رصد دلالات التغيير في نهج أهل البيت عليهم السلام، الكبر رذيلة لا بد أن يمنع الإنسان نفسه منها.
سماحة السيد أحمد الصافي يرى أن الكبر ليس من موارد الابتلاء بمصيبة وإنما هو مرض روحي من الأمراض الروحية، على الإنسان أن يعالجها وهي تحت السيطرة، ولو تامنا في خطر الكبر على المجتمع لوجدنا أن التكبر هو الحرمان من التبصر فهو يحب التعالي والتفاخر على الناس، يغرق في العيوب والنواقص وانتقاص الناس من حوله
المطلب الفكري الرابع (الموازين الإلهية)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عمليات للتذكير تنطوي على الرضاـــ الاطمئنان، والفكر مجموعة من المفاهيم مثلا الله سبحانه وتعالى يوصف بالعزة، ولا يمكن أن يوصف بغير العزة, والرسول صلى الله عليه واله وسلم يوصف بالعزة وبغير العزة لا يوصف، المؤمن يوصف بالعزة وبغير العزة لا يوصف، لا بد أن نتأمل في العلاقات المتداخلة بين عزة المؤمن وما يظهر من مظاهر الذلة، النتيجة هي ليست ذلة حقيقية كون احتمال الذلة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat