وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (2)
رياض سعد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رياض سعد
![](images/40x35xwarning.png.pagespeed.ic.s9TRQSmzfj.png)
• مناخ وادي حوران
من حيث المناخ ؛ يسود وادي حوران الجفاف الشديد، ولكن على الرغم من ذلك ؛ يتجه إليه الكثير من الرعاة لرعي الماشية , وكذلك تتضمن تضاريس الوادي حافات حادة ومغارات تنضح بعضها بالماء الصافي ؛ بعضه يحجزه الرعاة (ب سدات ) من الأحجار للاستفادة من تلك المياه ، والرعاة كانوا السبب وراء إنشاء السدود في الوادي من أجل الاستفادة من مياه الأمطار في فصل الصيف ... ؛ لذلك ينشط تنظيم داعش وبقية الفصائل الارهابية في المناطق الصحراوية من وادي حوران مع زيادة الغطاء النباتي بفعل الأمطار عند حلول فصل الشتاء واستغلال برودة الجو ليلا للتحرك بعيدا عن أعين القوات الأمنية.
وقيل ان سبب اسمه (وادي حوران ) ؛ انه يبدأ من منطقة حوران السورية قرب درعا ويقطع الصحراء وينتهي بنهر الفرات في الأراضي العراقية بين بلدتي الحقلانية والبغدادي في محافظة الأنبار ؛ وفي وقت الشتاء وهطول الأمطار الغزيرة تتدفق السيول الهائلة على امتداده من الأراضي السورية ومن الوديان الفرعية في التلول والمرتفعات الى نهر الفرات في الأراضي العراقية ، بعضها لا تسمع صوت تدفقه وفجأة يداهم من هم في الوادي من المارة والمسافرين ورعاة المواشي ؛ فيذهبون ضحايا السيول وهي تجرف معها كميات كبيرة جدا من الحجر والطين والاشجار البرية والإبل والمواشي النافقة ... ؛ ولتفادي خطورة الوادي وسيوله قامت وزارة الأشغال والإسكان منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم ؛ بتشييد جسر على هذا الوادي في الطريق العام لتعبر المركبات بأمان ،وفي عام 1988 جرفت السيول العارمة هذا الجسر حتى أعادت الدولة تشييده مرة اخرى... ؛ وقد شيد المهندسون العراقيين هذا الجسر دون الاستعانة بشركات أجنبية كما يحصل هذه الأيام في بعض المشاريع الحيوية ... ؛ وكان ركاب السيارات قبل بناء الجسر يضطرون لمغادرة السيارات لكي يتكمن سواقها من النزول على طريق خطر الى الوادي والعودة للصعود من الجانب الاخر ثم يعود المسافرين الى سياراتهم.
وقد نقل احد الدكتور مليح صالح شكر في مقالته والتي نشرت بعنوان ( وادي حوران والدواعش وخبراء في التلفزيون) شهادته قائلا : (( وأتذكر أننا كنا نسافر صيفاً من عانة لزيارة الأهل في بغداد، وكنا ننزل من السيارة لكي تعبر الوادي فارغة من ركابها خوفاً من انزلاقها الى الوادي وكان السائق يقود سيارته ببطء شديد وبدراية... ؛ وكنا في قضاء عانة في محافظة الأنبار في سنوات الخمسينات ؛ ننتظر كل سنة سيارة باص صغيرة من السفارة الامريكية ببغداد لتعرض على شاشة تثبت على الجدار أمام سراي الحكومة أفلاما وتوزع علينا مجلات دعاية عن الحياة في أمريكا... ؛ وفي إحدى السنوات لم تصل سيارة الدعاية الامريكية في موعدها ، وفهمنا أن السيول جرفتها عندما كان سائقها يعبر الوادي وداهمته السيول دون أن يدري أنها تحمل مياهاً هائلة فغرقوا ، وقد انتشلت جثثهم من نهر الفرات فيما بعد ... ))
ونظرا للظروف المناخية والسمات التضاريسية للوادي ؛ من قبيل وعورة الأرض الصخرية وسيول الوادي الجارفة القاتلة ؛ استبعد بعض المحللين تواجد الارهابيين في الوادي ؛ بل وصف من يقولون بذلك بالجهل وعدم الاطلاع على حقائق الوادي الجغرافية والبيئية والمناخية , ونبعا لذلك استبعد انشاء الدواعش والارهابيون للأنفاق السرية في الوادي ؛ وادعى ان السيول الموسمية ستجرفهم جميعا , ولا تبقي منهم احدا , ونفى بشكل قاطع وجود مقرات ومضافات للارهابيين في الوادي ؛ اذ قال : (( ... ونتيجة لموجة الحديث عن أنفاق قطاع غزة يحلوا لبعض المحللين أن يخترعوا انفاقاً لداعش في وادي حوران وهو أمر مستحيل تقريباً لوعورة الأرض الصخرية والوقوع في فخ سيول الوادي القاتلة! ؛ وبما أنني لست مختصاً بداعش وارهابه فلا يمكن أن أخمن كيف يقضي الداعشيون حياتهم في الصحراء! بل أن أحد المتحدثين قال أن الدواعش في الصحراء مجهزون حتى بالطاقة الكهربائية! ؛ ولا أستطيع أن أعرف كيف عرف هذا المحلل وهو يعيش خارج العراق منذ عدة سنوات ، أن ( أنفاق) داعش ومضافاته في صحراء الأنبار فيها طاقة كهربائية ، أم هو يخمن ذلك فقط ، أو ربما إستعار فرضية استخدام الطاقة الكهربائية في (أنفاق) داعش من ما يشاع عن تجهيز أنفاق غزة بالكهرباء؟ )) (1)
وللرد على ما ذهب اليه ؛ اقول :
1- وادي حوران تضاريسه الجغرافية مختلفة ومتنوعة ؛ فما ينطبق على منطقة ما قد لا ينطبق على منطقة اخرى .
2- عاش الرعاة والبدو الرحل فيه منذ القدم , وتنقل المهربون فيه طوال عقود طويلة من الزمن ؛ ولم يتعرضوا للهلاك بسبب السيول وغيرها .
3- كل التقارير الامنية والشهود العيان من اهالي المناطق القريبة ومن البدو الرحل والرعاة و( المهربجية والقجقجية ) أكدت وأكدوا تواجد الحركات والشخصيات والمجاميع الارهابية في الوادي ؛ وبناء على ما تقدم , اظن ان البعض من المحللين يحاولون تضليل الرأي العام وحماية فلول الارهاب لأسباب طائفية او لارتباطات خارجية مشبوهة مع قوى الاحتلال والاستكبار .
4- قلة المياه في الوقت الراهن , فالسيول سابقا كانت قوية بسبب وفرة المياه , بينما المنطقة الان تعاني من الجفاف احيانا او لا اقل لا تضربها السيول القوية كالسابق .
• طرق المواصلات والخدمات في وادي حوران
عانى العراق خلال المئة عام الماضية من انعدام البنى التحتية وسوء تقديم الخدمات الاساسية في المدن والقرى ؛ فما بالك بالمناطق الصحراوية والحدودية البعيدة كوادي حوران وغيره , فالمواصلات وطرق المواصلات في منطقة وادي حوران صعبة للغاية , اذ يعد الوصول إلى وادي حوران صعباً نوعاً ما نظراً إلى أنه منطقة وعرة، وتضم العديد من الهضاب العالية التي تضم حواف حادة ومدببة يبلغ ارتفاعها 150م، بينما يصل البعض منها إلى 200م .
وبعد سقوط النظام البعثي الصدامي عام 2003 ؛ أولت الحكومة المحلية في الانبار منطقة وادي حوران بالاهتمام من خلال تقديم الخدمات ؛ وقد أعلن مدير دائرة بلدية منطقة جبة بمحافظة الانبار قطري العبيدي، في وقت سابق - 2023 - ؛ انشاء جسر حيوي على 22 قنطرة لمواجهة خطر فيضانات محتملة الوقوع في مناطق غربي الانبار... ؛ وقال العبيدي في تصريح اعلامي : ان " حكومة الانبار المحلية شرعت في اقامة جسر حيوي على وادي حوران غربي الانبار، يحوي على 22 قنطرة لمواجهة فيضانات محتملة الوقوع قادمة من السعودية وسوريا والاردن باتجاه وادي حوران ويتسبب في محاصرة عدد من المناطق التابعة لناحية البغدادي "... ؛ واضاف ان" الجسر تم تشيده ضمن قانون الامن الغذائي وبكلفة تزيد عن 650 مليون دينار وبطول 150 مترا"... ؛ وأشار الى ان "انشاء الجسر سوف يسهم في حماية قرى ومناطق قريبة من وادي حوران من الغرق فضلا عن استخدامه في عمليات التنقل من منطقة الى اخرى حيث تحاصر مياه الامطار والمياه القادمة من دول الجوار عبر وادي حوران تلك المناطق وتمنع الوصول اليها لمدة تصل الى اكثر من شهر "... ؛ ولفت العبيدي الى ان "هذا المشروع يعد من المشاريع الاستراتيجية التي تعالج حوادث الفيضانات في المناطق الغربية ".
ويعرف الكثير من الباحثين الاستراتيجيين، وخاصة العراقيين منهم، أن وادي حوران الذي يبلغ طوله نحو ٣٥٠ كم ، ولهُ التواءات كثيرة، يبدأ من الحدود العراقية السعودية جنوب مجنا وشمال عرعر، وينتهي بنهر الفرات قرب حديثة، ويمتاز بطبيعة جغرافية وعرة جداً، و لعل عورة تضاريسه وعزلته في عمق الصحراء وبعده عن المراكز الحضرية والطرق الممهدة ؛ كان السبب في جعل المعركة مع داعش فيه الاكثر خطورة .
و كانت جوانب الوادي ومغاراته في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي على الأقل ملاجىء للمهربين والذين كانوا ينشطون صيفاً ويخفون بضائعهم في مغارات الوادي... ؛ وكان البعض منهم يستخدم الجمال وقتذاك ؛ وهذا الوادي وحسب شهادة الاهالي معروف بالتهريب منذ عهد الاحتلال البريطاني .
وللحديث بقية ...
......................................................................
1- وادي حوران والدواعش وخبراء في التلفزيون / الدكتور مليح صالح شكر
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat