بسم الله الرحمن الرحيم:[يا مريم ان الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين].
ان القرآن الكريم كعادته.. اذا طرح موضوعاً من المواضيع او مسألة من المسائل على بساط البحث فهو يتناولها بشكل كامل متكامل فلا تجد فيه فجوة او ثغرة قد يتسرب منها الشك.
على ان القرآن الكريم عندما يتعامل مع المرأة في تشريعاته وقوانينه فهو يضعها في قمة اهتماماته وتكريمه باعتبار انها مصدر الحياة والسبب الاساسي المباشر في صلاح المجتمع او فساده لذلك نجد القرآن الكريم يخصص سورة كاملة نم سوره تحت اسم سورة النساء التي تتناول كل قضايا المرأة في الزواج والطلاق والميراث وبناء الاسرة وتربية الاولاد.. ولك ما له بحياتها اماً كانت ام زوجة ام اختاً ام بنتاً ام حفيدة كما نزلت سورة كاملة في خوله بنت الاوس التي جادلت الرسول الاعظم في زوجها [قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها].
كما ان الله -سبحانه وتعالى- يصطفي من النساء كما يصطفي من الرجال.. ويجعل المرأة التي قد يصطفيها في مصاف الانبياء والائمة والمعصومين [والتي احصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين].
باعتبار ان المرأة رمز الشرف والعفة والجهاد والنضال.. اضف الى ذلك النموذج النسائي المتمثل بامرأة فرعون (آسية بنت مزاحم) التي وقفت في وجه زوجها الذي يمثل الجبروت المتعنت والطغيان الذي يتجاوز كل الحدود [انا ربكم الاعلى] وقد امر الناس ان يسجدوا له فسجدوا الا امرأته..تلك المرأة التي تجسّد الايمان والتقوى والصبر والشجاعة والبطولة... وقد جعلها القرآن مثلاً لكل من يريد ان يصارع الطاغوت ويحد من جبروته [وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون] تماماً كما جعل امرأة نوحٍ وامرأة لوط مثالين للذين كفروا [ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين].
وفي الاية الثانية دليل على ان زوجه النبي لا يشترط ان تكون معصومه وطاهرة وانها قد تدخل النار.. حتى ابن النبي ينسحب عليه الحكم نفسه كابن نوح مثلاً وهو كنعان الذي خاطبه نوح -عليه السلام- في الاية المعروفة في سورة هود وعندما رأى نوح ابنه يصارع الموج رفع يديه بالدعاء [فقال ربّ ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين] وبما ان القرابة لا تمثل شيئاً في مواقف الكفر.. فهذا ابو لهب وهو عم النبي نزلت فيه وفي مرأته سورة كاملة في [تبت يدا أبي لهب وتب] لأنه انحرف عن الخط.. في حين كان سلمان رجل فارسي ولكن الرسول الاعظم يقول (سلمان منا اهل البيت) باعتبار ان ما يجمع المسلمين هو الايمان فقط دون الحسب والنسب او العشيرة والقبيلة.. ونحن اذ نحترم اهل البيت لا نفعل ذلك بسبب قرابتهم من الرسول بل لانهم مثلوا خطه ونحترم الزهراء (عليها السلام) لأنها ام ابيها وام الاسلام وقمة الايمان.
واذا كان كل نبي يجب لزوجته ان تكون (نبيه) فعلى كل فرعون ان تكون زوجته (فرعونه) ولكن القرآن ضرب هذه المعادلة عندما جعل زوجة فرعون في الجنة وزوجة كل من نوح ولوط في النار.. ان آسيا بنت مزاحم [قالت ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين].
ولم ترضخ لظلم فرعون ومساميره المثبتة في جسدها.. ولفرعون ان يمارس كل سلطته على جسدها ولكنه عاجز عن السيطرة على قلبها وذلك لأن قلبها اصبح ملكاً لله وحده.. لذلك طلبت من ربها قائلة [ربّ ابن لي عندك بيتاً].
وقد لاحظ ابن الجوزي في تفسيره ملاحظة لطيفة في هذه الاية اذ جعل تقديم (العنديه) اي كلمة (عندك) على كلمة البيت كأنما طلبت مجاورة الله قبل البيت نفسه اي ان تكون بجوار الرحمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat