تــــوازن العقــــل و العاطفــــــــة
منشد الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منشد الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تقوم حياة الانسان على معادلة دقيقة بين العقل والعاطفة.. وأي اختلال في هذه المعادلة يسبب حالة من الاضطراب والضياع وفي ملامح الفكر الاسلامي نجد دائماً ان العاطفة مقترنة بالعقل والتدبير... وان العقل مقترن بالرقة والرحمة والعاطفة فالعاطفة يهذبها تخطيط وتدبير العقل.. وصلابة العقل تلينها وتلطفها رقة العاطفة.
ان الله.. سبحانه وتعالى.. يأمر بالعدل والإحسان.. فالعدل من العقل والتدبير.. والإحسان من الرقة والعاطفة.
والانسان عبارة عن ذكر وانثى.. رجل وامرأة وكل من الرجل والمرأة يمتلك عقلاً وعاطفة.. ولكن نلاحظ ان العقل لدى الرجل هو في اقصى درجات قوته وكماله وان العاطفة لدى المرأة هي في اقصى درجات قوتها وكمالها.. ومن جهة ثانية نلاحظ ان الرجل إذا ما انفرد وابتعد عن المرأة يبقى عقله متعطشاً للعاطفة.. كذلك المرأة اذا ابتعدت عن الرجل تبقى عاطفتها متعطشة لنور العقل ومن هنا نلاحظ ذلك الاضطراب الذي يرافق حالة العزوبة.
ومن هنا ايضاً نفهم السر العميق في قول رسول الله (ص): [لا رهبانية في الاسلام] اي ان الاسلام يريد للانسان حياة متوازنة على صعيدي العقل والعاطفة.. وهذا التوازن هو الذي يؤمن للانسان الانطلاق في مدارج الرقي والتكامل والانتاج في هذه الحياة.
مخاطر العزوبة: بعض التنظيمات الارهابية في العالم تشترط على اعضائها ان يبقوا دون زواج.. فقد قرأنا في كتابٍ لتنظيم حزبي في رومانيا ان قادة هذا الحزب مع مجموعة من علماء النفس تقدموا بدراسة لاختيار عناصر التنظيم.. ووقع اختيارهم على الشباب الاعزب.. لماذا؟
قالوا: لأن حالة العزوبة تدفع بالشباب نحو الارهاب والعنف.. بينما حالة الزواج تميل بالانسان نحو الرأفة واللين والاستقرار.
اما الامام الباقر (ع).. فيشير الى هذا الامر في حديث طويل مع زرارة بن أعين.. فيبين له ان الانصراف عن سنة الزواج التي هي سنــّة فطرية كونية.. هذا الانصراف يؤدي الى حالة من العنف وظلمة في القلب.
واذا قرأنا فكر اهل البيت والائمة المعصومين نجد عدداً هائلاً من الاحاديث التي تبيّن مخاطر العزوبة وتحث على الزواج الذي يؤمن سلامة التوازن فيما بين العاطفة والعقل.
ان العقل عندما يبتعد عن العاطفة يصاب بحالة من الاضطراب واذا استمر في الابتعاد فإنه يتصلّب ويُصاب بغلظة القلب وفي القرآن الكريم (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) [آل عمران 159].
ان القاعدة الاساسية والسنـّة الفطرية الطبيعية هي الزواج وتكامل العقل والعاطفة فيما بين الرجل والمرأة.
ولكن ماذا نقول في حالة بعض الانبياء والصديقين الذين ابتعدوا عن الزواج مثل حالة مريم ويحيى وعيسى (عليهم السلام)؟ هذا استثناء يؤكد القاعدة لأن عيسى ويحيى كانا مطاردين من قبل السلطة ومن قبل الشعب.. والمطارد في هذه الحالة لا يستطيع ان يستقر ويقيم حياة زوجية.
دخلت امرأة على الامام الباقر (ع) وقالت: يا ابن رسول الله.. إني امرأة متبتلة..
سألها الامام: وماذا يعني التبتل عندك؟
قالت: الانصراف عن الزواج.
قال الامام الباقر (ع): لو كان كلامك صحيحاً.. وكان الانصراف عن الزواج فضيلة لما فاتت هذه المكرمة فاطمة الزهراء (ع) سيدة نساء العالمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat