كيف يشعر المواطن العراقي بعراقيته وبأنتمائه للوطن الذي ولد وترعرع وعاش و درس فيه ثم تنتهي حياته بالموت فيه وهو لا يملك شبرا أو مترا من الأرض فيه؟. فالوثائق الرسمية (شهادة الجنسية- هوية الأحوال- جواز السفر) ليست كافية بأن تشعره بذلك الأنتماء والألتصاق الحقيقي بتربة الوطن! مثل أمتلاكه لسكن دائمي له ولعائلته. فألاف العراقيين الذين هربوا من العراق أبان فترة التسعينات من القرن الماضي وفي سنوات العنف الطائفي التي أعقبت سقوط النظام السابق كانوا يمزقون هذه الوثائق !! فور وصولهم الى مطارات الدول التي يرومون طلب اللجوء الأجتماعي والأنساني فيها. وبقدر ما لتلك الوثائق الرسمية من أهمية لأثبات عراقية الشخص عند مراجعة الدوائرأوفي أية معاملة للبيع والشراء وغيرها، ولكن يبقى أمتلاك السكن الدائمي بنظر غالبية العراقيين أكثر اهمية من تلك الوثائق!! فما جدوى أن يمتلك المواطن هذه الوثائق وهو لا يمتلك سكن في وطنه؟!. وقد عّبر الكثيرمن العراقيين عن هذا الشعورعبر وسائل الأعلام وفي التحقيقات الصحفية والأعلامية بأنهم أبناء هذا الوطن وينتمون أليه بالأسم فقط!! لكونهم لا يمتلكون سكن دائمي لهم.. ومن المعروف بأن على الأنسان أن يدافع عن أرضه وعرضه وماله وسكنه ولكن لم نسمع من قال بأن عليه أن يدافع عن وثائقه الرسمية!!. فأن الفقر والحاجة والعوزوعدم أمتلاك السكن لا تؤدي الى الشعور بضعف الأنتماء للوطن وبالتالي الى قتل روح المواطنة لديه فحسب بل أنها تشعره بالغربة وهو يعيش داخل وطنه!!. وفي الحقيقة أن أي مواطن لا يمتلك سكن يعد من الفقراء!. يقول الأمام علي(ع)( الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن). ومن المفارقات المؤلمة التي يتذكرها العراقيين أن مئات الألاف من شبابنا أستشهدوا في جبهات الحروب أبان فترة النظام السابق دفاعا عن أرض الوطن وهم لا يملكون شبرا من الأرض فيه! فأية معادلة ظالمة تلك!. أن العراق يعاني من أزمة سكن حادة وخانقة أستعصت على الحكومات السابقة واللاحقة أيجاد حل لها منذ 4 عقود ولا زالت لحد الان تنتظر الحلول! فصارعودة مشهد الصريفة والكوخ والنوم تحت الجسور وبيوت العشوائيات منظرا مألوفا!. وقد دفعت أزمة السكن الكثير من العراقيين لأستغلال ظروف سقوط النظام السابق وتداعياته فأحتلوا! الكثير من دوائر النظام السابق ومؤوسساته العسكرية والأمنية تحديدا لتكون سكنا وملاذا لهم! حتى صارت مسألة أخراجهم من تلك الدوائربأعتبارهم متجاوزين على أملاك الدولة أحد المشاكل التي تواجه الحكومة!.أخيرا نقول: أن جميع الأديان السماوية التي أنزلت أكدت على ضرورة الأهتمام بالأنسان ورعايته بعّده بنيان الله وأن على الحاكم أن يوفر له المسكن والمأكل والمشرب والملبس. جاء في الحديث القدسي الشريف( الأنسان بنيان الله ملعون من دمره). فكم سيلعن الله والتاريخ من حكام العراق السابقيين واللاحقين !!الذين أثروا وأغتنوا وتنعموا بالعيش على حساب العراقيين بعد أن تركوهم يخوضون وسط أزماتهم التي لا تنتهي و يعيشون بالأكواخ والصرائف وتحت الجسور ويفتشون بالمزابل عن لقمة العيش ويلبسون أسمال بالية!!.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat