صفحة الكاتب : كريم السيد

ثقافة السب واللفظ المعيب
كريم السيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

بلغ السيل الزبى, وبت لا ادري الى اين يسير مجتمعنا وهو يكسر حواجز اللفظ المخل بالذوق العام, اجتياح لا اجده مطمئن سيكولوجيا في ضل هجوم ايدولوجيات واتجاهات فكريه لم يكن يشهدها مجتمعنا قبل ذلك تماشيا مع التغير الحضاري والاقتصادي الذي حل في البلد. وما نشهده ونسمعه من بذيء القول لعبارات يخجل منها لسامع قبل القائل, هذا ان كان للقائل شيء من الخجل فهو وكما يبدو قد اعتاد سماعها دون معارضه.

ثقافه القذف والشتيمه والتلفظ بكلام يخش الحياء لايمكن حصرها بزاوية رد الفعل وحسب انما قد تكون افعال بمناسبه وبدونها لنجد لها شرعيه غريبه كما لشرعية التحيه واللياقه بالمخاطبه بحيث بات اعتيادا ان تسمع كلمة تنسف شرفك او شرف المخاطب بدون اي محاوله للتفكير بأنها لغه مشينه يجب التحرز منها وردعها كونها اساءه لشرف الانسان و بشخصيته المعنويه.

ان يحزن احدهم او يفرح او يعبر عن حادثه كما يجري اليوم عن طريق وصفها بوصف يميل الى الجنس والاباحه او السب او الشتم اللا مبرر فهذا امر يستحق القراءة والدراسه من قبل المختصين بعلم الاجتماع لمعرفة اسباب هذه الظاهره, ووضع الحلول والعلاجات الناجعه للرقي بمجتمع يسوده الحَسِن من القول والفعل واندثار ثقافة الجهر بقاذورات الكلام.

شرقيتنا وديننا وطبيعتنا كمجتمع عربي تفرض علينا سلوكا يميل للأعتدال بالفعل والقول الا اننا نلاحظ ان هناك عملية قفز على موروثنا الأخلاقي هذا, فالعرب تميل غالبا للغة الرمز نظرا لتعدد معاني اللغه وشاعريتها ورمزيتها ولهذا نجد ان هذه السلوكيات تندرج ضمن زوايا الخجل فالفرزدق حينما نجده يهجو جرير يقول عنه:

احلامنا تزن الجبال رزانة                       وتخالنا جنا إذا ما نجهل

إنا لنضرب رأس كل قبيلة                       وابوك خلف اتانه يتقمل

كذلك دين الاسلام, الاسلام يعالج هذه المسأله بشيء من الاهتمام منوها الى ان الله لا يحب الجهر بالسوء والتنابز بالألقاب بل يصل الى انكار النشاز من اللفظ بالقول او الفعل سواءا بالجهر او السريره. "‏لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ()إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏"‏ النساء (148 - 149

ونورد هنا مثالا عمّا اوردناه سابقا حيث نلاحظ تشبيه حالة التعب الشديد او الملل او الارهاق بالجماع الجنسي- سواء على نفسه او غيره. ومن الطبيعي ان يكون التشبيه بهذا الوصف الذي يعد (شرقيا) من الخطوط الحمراء التي يعتبرها امرا مهما على عكس الغربيين الذي ينظرون للثقافه الجنسيه من زاوية اخرى, اذ يعدونها امرا طبيعيا شأنه شان اختيار الانسان لمأكله ومسكنه وحاجاته الاخرى, حتى ان الحديث عنه لا يدعو الى التحرج ربما. ولهذا نجد ان تعبير الشرقي يقترب بالمبالغه الى ما هو جنسي ومحرم وغير مألوف لوصف حجم ما يريد قوله وايصاله للآخر. ولذلك لا اجد تبريرا لهذا الهبوط الأخلاقي اقرب من كونه موروث شعبي تطور تدريجيا فوجد له اكثر من مسوغ لاستمراره والسكوت عنه حتى اندمج تلقائيا بما هو طبيعي, فمن الطبيعي ان تجد من يمازح صديقه قائلا اخا الـ(.......) ابن الـ(.....) وهكذا.

أكرر على ان هذه الظاهره تستدعي وقوف الأجتماعيين المختصين بمثل هذه الطقوس التي باتت تهدد المجتمع العراقي وتسير به نحو ثقافه اللاطبيعي واللا تكاملي  

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم السيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/04



كتابة تعليق لموضوع : ثقافة السب واللفظ المعيب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net