صفحة الكاتب : محمد ابو طور

فشل فهدد وتوعد
محمد ابو طور

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 من أخطر المراحل التي تمر علي الإنسان ضمن أطوار مختلفة "مرحلة المراهقة" ، و الخطر يكمن في كونها مرحلة انتقالية من طفولة إلى رشد يصاحبها تغيرات نمو هائلة (جسمية ، عقلية ، فسيولوجية ، اجتماعية)، يتعرض فيها لصراعات داخلية وخارجية متعددة. 
 
صراع بين الاعتماد على النفس والاستقلال عن الأسرة ، بين بقايا الطفولة ومستلزمات الشباب ، بين طموحات لا محدودة وسقف أعلى للواجبات ، بين غرائز محمومة و تقاليد مذمومة ، بين ما تشرَّبه إدراكه وهو صغير من مبادئ ومسلمات وشعائر دينية وبين تفكيره ورؤاه وفلسفته الخاصة.
 
 
هى مرحلة الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، لكنها ليست النضج نفسه الذي قد يكتمل بعد عدة سنوات .
 
فإذا  كان لديك من هم فى سن المراهقة فالتمرد سلوكهم ، والعناد طباعهم ، والعدائية تصرفاتهم ، والعنف وسائل تعبيرهم .
 
لذلك بح صوت علماء النفس ونٌحتت أقلامهم فى كيفية التعامل مع المراهقين.
 
فمحاولة الأهل تسيير أولادهم بموجب آراء وعادات وتقاليد قديمة تحجم الأبناء عن التواصل معهم لاعتقادهم أنهم لا يعرفوا مشكلاتهم وبالتالي غير قادرين على حلها.
 
 
كما أن التصرف مع المراهقين بعنف ، والحوار معهم بفظاظة ، يؤدي إلى أن يسلكوا نفس المسلك متحدثين بالطريقة نفسها، بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيراً، فالعصبية يتعلمها المراهقين من الوالدين أو المحيطين بهم، و تشدد الأهل ومطالبتهم بما يفوق طاقة وقدرة المراهقين يشعرهم بأن عدواناً يقع عليهم، فيؤدي لتوترهم وعصبيتهم، ويدفعهم  لعدوانية السلوك والعصبية ، وهو دليل على فشل الأهل الذريع فى احتواء الأبناء.
 
هذا هو بالضبط ما يحدث للوطن ، الشعب خرج لتوه من مرحلة الطفولة السياسية التي استمرت عشرات السنين تحت عنوان " السياسة كخة وعيب وحرام " ، أُبعد عنها عمداً ، فلم يمارسها بأصنافها فيخبر دروبها ، ثم فجأة ... وبدون إعداد انتقل لطور مطلوب منه فيه أن يكون نجمها المتألق الخبير بدهاليزها.
 
ما نعيشه اليوم هو مراهقة سياسية بعينها ، شعب لا يعرف معنى السياسة ويريد أن يمارسها بالعافية ، وأحزاب ورقية عائلية أقرب للجمعيات الخيرية ، ومن يظنون أنفسهم ساسة لا يهمهم إلا تصدر المشهد فقط والثرثرة فى الفضائيات ، ودولة يديرها من لا يعي ولا يدرك ولا مستعد لبذل قليل من الجهد فى محاولة فهم مشكلات وآلام ومطالب وطموحات الشعب.
 
هذه المقدمة الطويلة بسبب "درر" أقحمها الرئيس فى كلمته أمام مؤتمر لدعم حقوق وحريات المرأة المصرية ، لم يكن المقام يستدعى ذلك المقال ، ولا الحادث يستوعب هذا الحديث ، عبارات "العين الحمرا" ، والعروق النافرة ، والوجه المكفهر ، والعصبية الزائدة ، تؤكد الفشل فى التعامل والاحتواء وفهم واستيعاب المشكلات و بالتالي إخفاق بين جلي فى حلها.
  
لم نرى عروق الرئيس تنفر عندما حاصر اهله وعشيرته المحكمة الدستورية  وأهانوا قضاتها.
 
لم نشاهد وجهه يحمر ، وترتعش حبائله الصوتية غضبا لحرق جريدة الوطن او حزب الوفد أو سحل وتعذيب وقتل متظاهري الاتحادية .
 
لم نسمع للرئيس صوتا ، أو لخبطات يده على المائدة صدى ، عندما قُتل أبناء بورسعيد ، أو تم تزوير تقرير تعذيب وقتل محمد الجندي. 
 
إذن الرئيس فشل فى التعامل مع شعبه ، ولم يجد إلا عصبيته الشديدة ليصدرها لنا .
 
فإذا ذكر الرئيس كلمات "صوابعية"  تذكرنا بخمسة ستة ثلاثة أربعة "بتوع الحارة المزنوقة" فاعلم  أنه عصبي يهدد.
 
وإذا استهزأ الرئيس بقضاء مصر ، وإعلامها الحر ، فاعرف وأنت "مغمض" أنه عصبي يتوعد.
 
وإذا نما لعلم الرئيس دعوات لمحاصرة الإعلاميين ومدينتهم وحرقهم ولم يستنكرها أو يدينها فى خطاب "الوعيد" ، فتأكد أنه رئيس لجماعته وأهله وعشيرته.
 
ساعتها فقط تيقن من أن العصبية والتهديد والوعيد ، والكيل بمكالين والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد هي مرادفات لرئيس فشل فى إدارة دولة وحكم شعب .
 
وإذا كان الرئيس يستدعي أرواح سبتمبر 1981 مستظلا بغيوم سحبها ، مهللا مكبرا لها ، ويرى أنها الحل. 
 
فسنقول له : "أخرج علينا بعصبية واضحة ، وعروق نافرة ، وسحنة متجهمة ، ووجه كالح ، وأصابع تهدد ، ولسان يتوعد ، انتصر لجماعتك الظالمة ، ولأهلك وعشيرتك المعتدين ، وتوهم ان نائبك الخاص سيتخلص من خصومك ، وتخيل أن ميلشياتك وأمنك المركزى قادرين على حمايتك .
 
 
 لكن ثق تماما أن العد التنازلي لسقوط الفرعون قد بدأ.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد ابو طور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/26



كتابة تعليق لموضوع : فشل فهدد وتوعد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net