استشارة على الباب
د . بهجت عبد الرضا
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة مساءا بقليل وكنت قد غفوت بعد نهار حافل بالعمل والتعب. استيقظت على صوت أخي الذي يخبرني أن جارنا يريدني خارج البيت فتحاملت على نفسي وعلى جسدي المتعب ورغم أني أحسست ببعض الأنزعاج لكنني قلت لنفسي لا بأس حق الجار على الجار وأكيد يريدني في استشارة طبية وبالفعل حين خرجت إليه أخبرني أنه يريد رأيي حول الرضاعة الأصطناعية لأنه رزق بمولود جديد وزوجته تقول أن حليب صدرها لا يكفي وأنها لا تجد الوقت الكافي لأرضاع الطفل بسبب التزاماتها المنزلية. بذلت جهدي لأقناعه بالأكتفاء بالرضاعة الطبيعية وعدم اللجوء للرضاعة الأصطناعية وبينت له أن زوجته يمكن أن تتجاوز ظروفها بالأعتناء بطعامها وشرابها وبعض التنسيق داخل المنزل كما أنني استغللت كون جاري متدينا جدا وذكرته بكلام الله في القرآن حول الرضاعة الطبيعية، وبين أخذ ورد مني ومنه وجدت الأستشارة السريعة على باب المنزل قد تحولت الى محاضرة طبية عن الرضاعة الطبيعية استخدمت فيها معلوماتي الطبية ومهارات الأتصال التي تعلمتها وكان أملي أن أقنع جاري وبالفعل أبدى اقتناعه بكلامي وأنه لجأ لي لكونه يثق بي وبأنني سانصحهم النصيحة السديدة. صافحني وودعني بعبارات الشكر والأمتنان العميق وهو يقول باللهجة العامية ( سوينة عليك زحمة دكتور، الله يخليك ويوفقك). عدت الى فراشي مسرورا وغفوت مجددا لكنني استيقظت مرة أخرى حين أيقظني أخي وهو يحمل في يده علبة حليب نوع DIALAC وهو يقول لي ( جيراننة يسلم عليك ويكول هذا الحليب زين ننطي للطفل لو ناخذ غير نوع؟) بصراحة اعترتني كثير من الأحاسيس والأنفعالات في لحظة واحدة وفي أقل من جزء من الثانية فقد أحسست بالدهشة لأن جاري ودعني وهو مقتنع بكلامي وأحسست بفورة الأنزعاج لأنني قطعت نومي مجددا واحسست أيضا برغبة في الضحك لأن شر البلية ما يضحك كما يقال، وفي غمرة هذه الأحاسيس المتداخلة والمتضاربة التي اعترتني في جزء من الثانية، حسمت الأمر بكلمات قليلة وقبل أن تنتهي الثانية فقلت لأخي (أي زين خل ينطوه للطفل) وعدت لأنام مجددا وهذه المرة نمت الى الصباح ولم يقطع نومي أحد.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . بهجت عبد الرضا
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat