صفحة الكاتب : قاسم محمد الياسري

من سلسلة مقالات ساخره صديقنا الكذب
قاسم محمد الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بين شط ملا وطوريج 
على مقياس لساني الساخر 
 
اللي يكذب الله يذبه بالنار.. كذب وببلاش مو خساره
                                            
ترنيمة وجمل نسمعها من امهاتنا في الطفوله (اللي يكذب اويبوك الله يذبه بالنار).. وعندما نكبر نسمع من الانسان في الشارع (الكذب بلاش مو خساره) وعندما كبرنا والشيب ظهر في جسدنا اخذت في مخيلتي لماذا جميع الناس تكذب رغم انهم يعرفون الله قد حرمه .... وقبل ايام انتهيت من بحث لي عن الكذب كموروث وتوسعت بالبحث وقريبا سيصدر كتاب أسميته ( صديقنا الكذب بين الموروثين الاجتماعي والبيولوجي ) لاننا في مجتمع يبحث عن الصدق المفقود ,, والكتاب عباره عن انثربولوجيا اجتماعيه .. لايمكن لمجتمعنا التخلص من الكذب ...لذا عمدت التكلم عنه على مقياس لساني الساخر .. فمنذ لحظة الوعي..كنت اسمع أمي، وجدتي تقول لي ..اسمع  ولك  (اللي يكذب ،أو يبوك  الله يذبه بالنار).. وكنت أرى أهلي ، وجارنا (أبوعباس ال مهوال) ،وأعمامي، وأخوالي ، وزوجاتهم ، وأولاد القريه كلهم يكذبون.. حتى أنا ..اضطررت للكذب أكثر من مرة أمام أبي الغاضب رحمه الله ، ياكذاب  ( ويحذرني ويقول لي .. لا تكذب ..الكذب موبلاش.. مايدري الي يكذب الله يذبه في بالنار) وهو يلوح لي (بروطة الغرب عصا او الرمان ).. كنت دائما أحلم بكابوس أن القريه – وهي حدود عالم طفولتي – كلها ستدخل في النارلانهم يكذبون .. نشتعل ، وننشوى بالنار ..، فأجد نفسي ،وقد عملتها على حالي (تبولت في الفراش ).. لأخذ جزائي في الصباح .. بسطه ساخنة بالقبقاب من أمي لشهرة القباقيب في ذالك الوقت . واذا تكررت الحاله تحمي لي امي المنجل وتكويني .. وفي المدرسة كان معلم (الدين ) لئيما دائما ظالما .. مهددا.. متوعدا بعصاه الغليظة.. ، ومشددا علي أن لايرانا في ملابس رثه (ونحن فقراء ابائنا لا يستطيعون شراء اكثر من دشداشه في العيد وبالدين الاجل ) قائلا ساضرب من ياتي حافيا للمدرسه ( فلقه ): ،وهو منافق لوالدي كذبا .. لم يكن احد في عائلتنا الأمية الكبيرة يصلي ، الاوالدي .. يتوضأ ويذهب للمضيف .. ونحن نشرب الماء البارد من (الشربه) كنا بهذا المقياس عائلة ، بل قريه فقراء .. ،ومع ذلك كنت أ ذهب للصلاة مع والدي للمضيف ، عند الغروب  بوضوء ،أو بغير وضوء خوفا من عصا الغرب او الرمان ....  ونذهب الى جارنا أبو عزيز او مجيد ناجي ال صفوك  )رحمه الله بحزامه العريض ، فأتخيله بجسده الضخم المدهن ،وهو يشوى لحم التكه على مهل في نار جهنم ..وهو يقول باستطاعته اكل الخروف باكمله ( كذب وبلاش قابل خسرانين  موخساره ) ..وينظر لي ويقول بس (الي يكذب الله يذبه بالنار) ...  وهو يمزح وأنا اصدقه.. وتذكرت قول امي وانا صغير ... و لكني في نفس الوقت بدأت أشعر بالحزن من نهايتي المحتومة للنار ، فانا كوني من عشاق أغاني عبد الحليم في حينها.. لابد واني سأحشر معه ومع كل المطربين ،وهو يقول (نار يا حبيبي نار)..،ولن تشفع له الأدعية المؤثرة التي تركها خلفه كما قال الشيخ محسن النقاش في المضيف..،بل وحلف اليمين ثلاثا أن دخانا يتصاعد من قبر العند ليب اذا مات لاننا اخذنا نسمع عبد الحليم ولا نجلس للسماع لمحاضرة شيخ محسن الدينيه .. يا ويلي..ويا سواد ليلي.. اتصور الحديد ،وهو يصب في اذني.. كما أكد لنا الشيخ (محسن النقاش رحمه الله) ، كنت اهرب من الشيخ ( محسن رحمه الله  ) ،فواظبت على الصلاة طوعا إيمانا ،واحتسابا ،وليس خوفا هذه المرة من عصا الرمان عند ابي .. لقد احببت الشيخ محسن رحمه الله حقا.. لا ادري لماذا..؟ربما لخفة ظله في ملاحقة من يسرقون المشمش من بستانه وانا منهم .. وأثناء محاضرته الدينيه يقول اسماء من سرقوه فنندهش من قال له سرقنا البستان وهو يسر المعجبون بلهجته الفراتيه الطويرجاويه المدهشة فنزداد خوفا كيف شاهدنا ومن قال له فقمنا نهرب من محاضرة شيخ محسن النقاش رحمه الله .. كنا مع ذلك كشباب..،نذهب  الى السينما الصيفيه  في مركز قضاء طوريج  .. ونخجل من النظر الى فتيات المدينه الجميلات ،ونشبههن ب(الغزلان ) مقارنة ببنات شط ملا الذابلات، والملفوفات بالحزن ،والسواد.. نتخيل أنفسنا /معهن نجوما في الفيلم ..  ونتعلل بان الله جميل يحب الجمال.. ثم نعود للبيت متخفين لكي لا يكشف امرنا من اهلنا واحيانا باكاذيب نختلقها ومخافة أن يشي بنا احد إلى  اهلنا ... وهنا نسيت ان ماكانت تقوله لي والدتي عن الكذب .. الذي لم يغيب عن مخيلتي طول حياتي وبدات ارى كل ما حولي كذب في كذب في كذب في كذب .. فلاحظت البقال يصلي في الجامع ويبكي .. وبعد الصلاة يذهب ليسرق في الميزان – ويقسم اليمين كذبا في الاسعار.. ولاحظت السياسي يكذب ولايفي بوعوده .. ورايت رجل الدين .. يكذب .. كما هو التاجر .. والمحارب والخداع والحرب .. والشرطي يشجع شهادة الزور والكذب .. وشاهدت الاب يعلم ابنه الكذب .. ويقول لابنه اذا ماتكذب ما تعيش.. ولاحظت المعلم يكذب امام تلميذه .. ويتلفظ الالفاض التي يقشعرمنها الجسد .. ولاحظت المتاجره بعقول البشر .. شيخنا الدجال يرشدنا لتلاوة القران .. وهو في الكذب فنان .. ويكذبون  بحجة حقوق الانسان .. .. وانتشرت الرذيله وسقط سلوك الانسان ..ونتبجح بكذبة نيسان ..وهي خسارة المسلم وغلبة للاسبان ..ولاحظت .. يعض الكلب انسانا فيهرع الطبيب الى ابرته ( لكي يعطي المعضوض واحد وعشرين ابرة على مدار واحد وعشرين يوما بمعدل ابرة في كل يوم ..... اما في بلاد (البس بس نو ).. فانهم يعطون الكلب احدى وعشرون ابرة حتى لا يصاب بالمرض الانساني .. فلماذا انقلبت الامور على هذا النحو .. ؟الكلب في تراث الانسان ..وفي لصاحبه .. ولا يكذب في ذلك او ينافق .. ولكن الانسان يمكن ان يكون صاحبك في العلن... وعدوك في السر .. وقد يظهر لك الوفاء سنين عديدة .. ولكنه يضع سكينا حادا يخفيه خلف ظهره لكي يطعنك .. لذا فمن المؤكد انه ان عضك او عضضته فسوف يتعرض جسمه لاحدى وعشرون ابرة حتى لا يصاب بمرضك ..... والكلب معروف بالمروؤة .. فان قصدته في امر نفذه لك فورا .. كأن تعطيه اشارة مثلا بان يعض فلانا ...او ان يسترخي جسده لفلانه .. فتراه في الاولى ذئب متمرد .. اما في الثانية فهو ارنب او حمل وديع .. اما الانسان فمروءته ...موجودة فقط في كتب التاريخ .. وقد كتبت خصيصا لانه يفتقدها ( وهذا سبب بحثي في موضوع الكذب لاننا افتقدناه )...... والكلب المسعور ايها الساده .. سعر لأن الانسان اكثر منه سعرا .. ولو عاش الكلب قرنا من الزمان فلا يمكن ان يسعر الا اذا رأى غش الانسان ومكره وقلة حيائه .. لذا فقد اخترعوا للكلب قلوبا حنونة من بني الانسان لكي تدلله وتنصفه قبل ان يتحول الى ذئب مفترس ..... وتحضرني في هذا المقام كلمة لاحد الكتاب المعروفين  ..... عندما رأى امرأة في امريكا تحتضن كلبا وتحنو عليه وتهدهده فقال : يا ليتني كنت كلبا ..عزيزي القارىء .. احذر ان تعض كلبا .. فقد تنقل اليه من خلال لعابك كل الجراثيم التي تجعله من فصيلة الانسان .. وبذا فقد جنيت عليه وعلى نفسك...... الخلاصة أننا بمقاييس الدين ..كلنا كذابين .. وهذا التفكير المرضي بعواقب الكذب الشامل.. يذكرني بمعلم فارغ للغة العربية كان يتباهي أمامنا ،وكأنه يزف بشرى بان كل الصف صفر في الإملاء..، وانه فلتة زمانه.. ،وينافس سيبويه في المكانة.. مع انه بعنجهيته ،وفجاجته كرهنا في المدرسه ،والعلم .. لانه لغوي وجاهل الاخلاق مبهورا بنفسه ، إلى أن أتى معلم شاب متواضع ،ومتمكن أعادنا بالتدريج إلى الضاد ،وأعاد أيضا للغة اعتبارها ،وحلاوتها.. اليوم نسمع عن فتاوى مسلم يهدر دم مسلم  ... جعلتنا نبتسم لأنها لا تعدو أكثر من نكتة اسمعها..، لكنها حقيقة ،.. فان الأمر يستحق أن نلطم..، ونلطم ،..ونلطم.. على أيامنا البيضاء وهذه الايام السوداء .. ونتحسر حتى على أيام امنا التي تقول لنا (الكذاب الله يذبه بالنار) ، المشكلة ان المتحدثين الزور باسم الله في الارض..يزايدون علينا بالكذب .. وهم لا يدركون ان بين الرب وعبده علاقة خاصة لا تقبل القسمة على ثلاثة فأكثر.. فالله ارحم بعبيده من عبيده.. وقد وسعت رحمته كل شيء ، ولو أراحنا الله منهم اولئك التجار الفجار /وكذبهم . فاصبح المجتمع كله يكذب . لكانت حياتنا اقل بؤسا ،وقنوطا.. اللهم إنا نعبدك طوعا ،وحبا.. فارض عنا ،واغفر لنا ذنوبنا ولوالدينا ،وارحمنا اللهم بواسع رحمتك ماحيينا .. ولا تجعل بيننا وبينك من بغي مزايدا علينا.. اللهم امين.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قاسم محمد الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/16



كتابة تعليق لموضوع : من سلسلة مقالات ساخره صديقنا الكذب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net