بقلم:انس الساعدي
في زمنٍ بوارٍ، استنشق غباره المتطاير من سنوات التَّيه، أنظرُ إلى الأشياء من خلالِ غشاوة نصفها أسود ونصفها الآخر أسود أيضاً!! في كلِّ مرَّة أرى بصيص ضوء في نهاية النفق الدائريّ، فيَتَّضحُ أنه ضوء جسدي المنهك.. أراه لأنَّني لا أرى الأشياء بوضوح، حيث أنَّني نصف امرأة، أو أرض بور، أو ربَّما لأنَّني ببساطةٍ (عانس).. لا تفرحني بسمات الكبار ولا حتى ضحكات الصِّغار، كونها متأتية من تعاطفهم معي ليس إلاّ، يقولون أحياناً (فاتها القطار).. أسمعهم يتهامسون، هذه البنت (قسمتها فاتت) فتجرحُني حروف هذه الكلمات، فأنا لستُ مذنبة, كلُّ ما حدث أنَّني كنت ضحيَّة الأعراف، وربَّما فحولة أخي الكبير، أو عُنجهيَّة أبي، أو لأنَّ أولاد عمومتي المراهقين لا يُشرّفهم (العِرِّيس)؟؟!!
أتساءل أحياناً: كيف أصبحت حياتي ألعوبة بيد هؤلاء الصِّبية؟ من الذي جعل مصيري بأيدي أولاد عمومتي؟ يرفضون أو يقبلون بمزاجهم؟ كيف يرضى الأهل أن يعيش هؤلاء المُتَعْجْرِفين حياتهم عرضاً وطولاً، بينما أنا أحْسِدُ كلُّ فتاة تتزوَّج، وأكره الزغاريد والهلاهل، وأحنقُ على بطاقاتِ الأعراس؟! لماذا يتزوَّجون وينجبون ويعيشون بما قرَّروا وأرادوا ولا أفعل أنا كذلك؟!
والدي الذي رفض أكثر من رجل تَقَدَّم للزَّواج منِّي، هاهو اليوم يشيح بوجهه عنِّي كأنَّني قطعة أثاث بالية، أتمنى أحيانا أن اسأله: أنتَ رفضت الذين جاءوك من الباب فماذا تريد؟ هل تريد أن أهرب مع أحدهم من الشِّباك؟ عندها ستقولون (دَنِّكت روسنا)! المشكلة أنَّك الآن لا تستطيع أن ترفع رأسك أمامي خجلاً من فعلتك، أخواني الذين يفتخرون برجولتهم ورفضوا الكثيرين ممن تقدَّموا لخطبتي، ها هي اليوم رجولتهم تنوخ أمام صيحات زوّجاتهم، رجولتهم انتهت صلاحيتها بمجرَّد أن (فاتَني القطار)، هاهم اليوم مُنْكِسي الرؤوس أمام صدور نسائهم العارية، عندما يحين وقت النوم!!
ماذا عساي أن افعل وأنا بنصف قرار ونصف مصير ونصف إرادة؟ لكنِّني أسألكم بربكم يامن ظلمتموني: أتوافقون أن أبحث عن رجلٍ يناسبني؟ هل تقبلون أن أخطبه من أهله؟ أتقبلون أن اتفق مع أحدهم على الهروب؟ أتقبلون أتقبلون أتقبلون؟
قطعاً لا وألف لا، ولسان حالكم يقول: (يبقى الحال على ماهو عليه، وعلى المُتَضرِّر الموت) شكراً للعرف ولأبي ولأخوتي وأبناء عمومتي وتَبَّاً لي
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat