حديث صاحب مصر وحقيقة كتاب الجفر
الشيخ عامر الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الأحاديث التي لا وجود لها في مصادرنا ما ينسبه البعض إلى الإمام علي (عليه السلام) أنه قال (صاحب مصر علامة العلامات وآيته عجب لها إمارات ، قلبه حسن ورأسه محمد ويغير اسم الجد ، إن خرج فاعلم أن المهدي سيطرق أبوابكم ، فقبيل أن يقرعها طيروا إليه في قباب السحاب ، أو ائتوه زحفا وحبوا على الثلج ).
ويطبق البعض هذا الحديث على الرئيس المصري السابق (حسني مبارك) حيث يقولون: أن حاكم مصر اسمه محمد حسني مبارك وقد غير اسم جده من سيد إلى مبارك وان قلبه حسن تعني قلب الاسم (حسني ) ورأسه محمد يعني أول الاسم.
ولكن هذه الرواية- كما قلنا- لا وجود لها في مصادرنا، ولعل مصدرها هو كتاب: ماذا قال علي (عليه السلام) عن آخر الزمان الذي يدعي مؤلفه أنه ينقل ما فيه عن كتاب ينقل عن مخطوطة من كتاب الجفر.(أنظر: ماذا قال علي (عليه السلام) عن آخر الزمان = الجفر الأعظم:5).
ماهي حقيقة كتاب الجفر؟
وهنا لا بد لنا من كلمة نقولها في كتاب الجفر وحقيقته، فنقول: الجفر بفتح الجيم وسكون الفاء من أولاد المعز ما بلغ أربعة أشهر ، واستغنى عن أمه، والجفرة الأنثى منها( أنظر: الصحاح للجوهري:3/178).
جاء في (بصائر الدرجات:526): (إن الله أوحى إلى محمد (صلى الله عليه وآله) أنه قد فنيت أيامك وذهبت دنياك واحتجت إلى لقاء ربك فرفع النبى (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء وقال: اللهم عدتك التي وعدتنى أنك لا تخلف الميعاد فاوحى الله اليه ان ائت أحداً أنت ومن تثق به فأعاد الدعاء فأوحى الله إليه امض انت وابن عمك حتى تأتى احدا ثم لتصعد على ظهره فاجعل القبلة في ظهرك ثم ادع واحس الجبل بمجيئك فاذا حسك فاعمد إلى جفرة منهن أنثى وهى تدعى الجفرة تجد قرينها الطلوع وتشخب أوداجها دما وهى التي لك فمر ابن عمك ليقم اليها فيذبحها ويسلخهامن قبل الرقبة ويقلب داخلها فتجده مدبوغاً وسأنزل عليك الروح وجبرئيل معه دواة و قلم ومداد ليس هو من مداد الأرض يبقى المداد ويبقى الجلد لا يأكله الأرض ولا يبليه التراب لا يزداد كل ما ينشر إلا جدة غير انه يكون محفوظا مستوراً فيأتي وحى يعلم ما كان وما يكون إليك وتمليه على ابن عمك وليكتب ويمد من تلك الدواة فمضى ص حتى انتهى إلى الجبل ففعل ما أمره فصادف ما وصف له ربه فلما ابتداء في سلخ الجفرة نزل جبرئيل والروح الأمين وعدة من الملائكة لا يحصى عددهم إلا الله ومن حضر ذلك المجلس ثم وضع على عليه السلام الجلد بين يديه وجاء به والدواة والمداد اخضر كهيئة البقل وأشد خضراً وأنور ثم نزل الوحى على محمد (صلى الله عليه وآله) وجعل يملى على على (عليه السلام) ويكتب على انه يصف كل زمان ومافيه و غمزه بالنظر والنظر وخبره بكل ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة وفسر له أشياء لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم فاخبره بالكائنين من أولياء الله من ذريته أبداً إلى يوم القيمة وأخبره بكل عدو يكون لهم في كل زمان من الازمنة حتى فهم ذلك وكتب ثم اخبره بامر يحدث عليه وعليهم من بعده فسأله عنها فقال الصبر الصبر وأوصى الأولياء بالصبر وأوصى إلى اشياعهم بالصبر و التسليم حتى يخرج الفرج وأخبره باشراط أوانه واشراط تولده وعلامات تكون في ملك بنى هاشم فمن هذا الكتاب استخرجت أحاديث الملاحم كلها أو صار الوصى إذا أفضى إليه الأمر تكلم بالعجب).
ويستفاد من هذه الرواية:
أولاً: أن سبب تسمية هذا الكتاب بـ ( الجفر) هو أنه قد كتب على جلد جفرة، وقد كتبه أمير المؤمنين (عليه السلام) بإملاءٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثانياً: أن حقيقة كتاب الجفر : هو الكتاب الحاوي على أخبار الأولين والآخرين مما لا سبيل إلى الوصول إليه إلا عبر الوحي، وهذا ما تؤكده جملة من الأخبار.
وتؤكد بعض الروايات أن الجفر من مختصات المعصومين (عليهم السلام)، وأنه لا يطلع عليه غيرهم، ففي (الكافي:1/312) عن نعيم القابوسي عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال: (إن ابني عليا أكبر ولدي وأبرهم عندي وأحبهم إلي وهو ينظر معي في الجفر ولم ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي).
وفي (أبجد العلوم:359) : ( وقد ادعى طائفة أن الإمام علي ابن أبي طالب - كرم الله وجهه - وضع الحروف الثمانية والعشرين على طريق البسط الأعظم في جلد الجفر يستخرج منها بطرق مخصوصة وشرائط معينة ألفاظ مخصوصة تدل على ما في لوح القضاء والقدر وهذا علم توارثه أهل البيت ومن ينتمي إليهم ويأخذ منهم من المشائخ الكاملين وكبار الأولياء وكانوا يكتمونه عن غيرهم).
وهذه الدعوة التي نقلها صاحب الأبجد هي دعوة المتصوفة، فهم يشتركون معنا في التعريف بحقيقة كتاب الجفر وماهيته، ويرون أنه مما ورثه أهل البيت (عليهم السلام) من العلوم الخاصة، غير أنهم يعتقدون بأن هذا الكتاب قد خرج من أهل البيت (عليهم السلام) إلى بعض المشايخ الكبار من الصوفية.
وهم مختلفون في الطريقة الصحيحة لحل رموزه وفك طلاسمه.
فمنهم : من كسره بالتكسير الصغير،وجعل في حافية البار الكبير ( أ ب ت ث ) إلى آخرها والباب الصغير أبجد إلى قرشت وبعض العلماء قد سمى الباب الكبير بالجفر الكبير والصغير بالجفر الصغير فيخرج من الكبير ألف مصدر ومن الصغير سبعمائة، ونسبوا هذه الطريقة إلى الإمام الصادق (عليه السلام).
ومنهم : من يضعه بالتكسير المتوسط وهي : الطريقة التي توضع بها الأوفاق الحرفية وهو الأولى والأحسن وعليه مدار الحافية القمرية والشمسية
ومنهم : من يضعه بطريق التكسير الكبير وهو الذي يخرج منه جميع اللغات والأسماء
ومنهم : من يضعه بطريق التركيب الحرفي وهو مذهب أفلاطون
ومنهم : من يضعه بطريق التركيب العددي وهو مذهب سائر أهل السنة. ( أنظر: أبجد العلوم:359).
وخلاصة القول: أن كتاب الجفر من مختصات أهل البيت (عليهم السلام)، وهو موجود عند الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، وإذا كان كبار المتصوفة يدعون أنهم يمتلكون هذا الكتاب، فهم لا يمكنهم أن يدعوا أنهم يمتلكون الفهم الصحيح لما فيه؛ لأنه عبارة عن رموز وطلاسم لا يعرف حقيقتها إلا المعصومون (عليهم السلام).
وفي ضوءه فإن جميع الروايات التي يدعى أنها مأخوذة من هذا الكتاب، كرواية (صاحب حديث مصر) لا يمكن التعويل عليها، ونسبتها إلى الإمام علي (عليه السلام).
نعم، إذا وردتنا رواية صحيحة السند في كتبنا الحديثية عن أحد المعصومين (عليهم السلام)، وأخبر المعصوم (عليه السلام) أنه يتكلم بحسب ما ماموجود في الجفر، ففي هذه الحالة تكون هذه الرواية حجة علينا.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
الشيخ عامر الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat