أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في الفكر الصوفي
الشيخ عامر الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يجمع المسلمون - على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم العقائدية والفكرية – على احترام وتبجيل أهل البيت (عليهم السلام) .
ولم يكن هذا التكريم والتعظيم ناجماً مما ورد في فضلهم في القرآن والسنة فحسب .
بالرغم من أن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على فضلهم وعلو شأنهم عند الله سبحانه وتعالى وعند نبيه الكريم أكثر من أن تحصى وقد رويت في جميع مصادر المسلمين وهي تسوق الإنسان إلى الانحناء والخضوع أمام أهل البيت (عليهم السلام)
ولكن السبب الأعمق لهذا الاحترام والتبجيل هو ما قدمه أهل البيت (عليهم السلام) من عطاء فكري في كافة فروع المعرفة التي يخوض بها علماء الاسلام كالفقه والتفسير والكلام والعرفان والتصوف ففرضوا بذلك مرجعيتهم في جميع هذه الفروع .
أما التصوف فبالرغم من أن أهل البيت (عليهم السلام) قد حاربوه وأسسوا لطريق آخر- بحسب ما يدعيه العرفاء- عرف فيما بعد باسم العرفان ولكن الصوفية يدعون بأن طريقتهم مأخوذة عن أهل البيت (عليهم السلام)، ويمكن القول: أن أبرز مظهرين من مظاهر العلاقة بين الصوفية وأهل البيت (عليهم السلام) هما مايلي:
أولاً: أن الصوفية يدعون بأن جميع سلاسلهم وطرقهم تنتهي إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال معصوم علي شاه في طرائق الحقائق:1/251: «ولابد لكل سلسلة من سلاسل التصوف من الأزل إلى الأبد , ومن آدم إلى انقراض الدنيا أن تكون متصلة بسيد العالمين وأمير المؤمنين».
ونقل الشعراني في طبقاته:2/14عن أبي العباس المرسي أنه كان يقول:« طريقنا هذه لا تنسب للمشارقة ولا للمغاربة , بل واحد عن واحد إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهو أول الأقطاب ».
وجاء في جمهرة الأولياء لأبي الفيض المنوفي:1/89:«إن علي بن أبي طالب أخذ البيعة الخاصة بطريق الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولقن بها ابنه الحسن , ثم الحسين ».
وفي الجمهرة أيضاً:1/163: «وكان من أوائل أهل طريق الله بعد الصحابة علي بن الحسين زين العابدين , وابنه محمد بن علي الباقر , وابنه جعفر بن محمد الصادق , وذلك بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعاً».
ثانياً: أن أغلب رؤساء الطرق الصوفية ينتسبون إلى أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)- حقيقة أو ادعاءاً-، وهي ظاهرة ملفتة للنظر، وتؤكد على ما يكنه الصوفية من تعظيم وتقديس لأهل البيت (عليهم السلام)، ولذريتهم، بحيث أنك لا تجد- إلا نادراً- مرجعاً من مراجع الصوفية وزعيماً من زعمائها إلى وينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونلاحظ: أن أغلبهم ينتسبون إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) من خلال الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام)، وهذا له سببان:
السبب الأول: هو كثرة أبناء الإمام الكاظم (عليه السلام) مما يجعل كثرة المنتسبين إليه (عليه السلام) أمراً طبيعياً ومقبولاً.
السبب الثاني: أن هذه الفروع الكثيرة للسادة الموسوية تجعل إدعاء الانتساب إليها أمراً سهلاً.
وعلى أية حال فهذه العلاقة الي أوضحناها بين التصوف وأهل البيت (عليهم السلام) هي التي تفسر لنا العلاقة بين (التشيع والتصوف)، وهو الموضوع الذي أثار جدلاً واسعاً بين الباحثين في الملل والنحل والأديان والمذاهب،وكتبت حوله العديد من البحوث والدراسات، حيث أعتبر التشيع مصدراً من مصادر التصوف أو العكس، وتخبط الكثيرون في تفسير العلاقة بينهما، ونحن نرى أن التشيع والتصوف تربطهما علاقة الاحترام والتبجيل لأهل البيت (عليهم السلام) والرجوع إليهم؛ ولذا سيكون من الطبيعي أن تجد العديد من المشتركات بينهما، وإن كنا نرى أن قراءة التصوف لأهل البيت (عليهم السلام) هي قراءة مشوهة وناقصة، حيث حفظوا شيئاً وغابت عنهم أشياء.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
الشيخ عامر الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat